أستاذ.. فى مصيدة الزعيم - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أستاذ.. فى مصيدة الزعيم

نشر فى : الثلاثاء 7 يوليه 2015 - 10:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 7 يوليه 2015 - 10:25 ص

بدلا من أن يعبر عنها، ويجسدها، ويبين ملامحها الداخلية، ويتحرى طريقة تصرفاتها، قام عادل إمام بالاستيلاء عليها، ومضغها، وبلعها، وهضمها، فحولها إلى فريسة لم يتبق منها إلا أقل القليل.. الضحية: دكتور فوزى، رئيس قسم الحشرات بكلية زراعة جامعة القاهرة. رجل نزيه، ناضج، يسارى الاتجاه، من مؤسسى «الحزب الاشتراكى الجديد»، شجاع، يعادى الفساد، يقف ضد نظام ما قبل ثورة ٢٠١١، مما يتسبب فى اعتقاله، وتعرضه لـ«علقة موت» فى الصحراء، لكنه يتماسك، وينهض، متمسكا بمبادئه، ليشارك بفعالية فى الميدان.

حتى الآن، بعد عرض ما يقرب من نصف حلقات المسلسل، لم نشهد «أستاذ ورئيس قسم»، بقدر ما نرى عادل إمام، بحضوره الطاغى، الذى قد يكون محببا وأثيرا فعلا، لكن يأتى على حساب النموذج الذى يمثله.. ساعد على هذا الكاتب، يوسف معاطى، والمخرج، وائل إحسان، بالإضافة إلى عبء الكلاشيهات التى ينتقل بها النجم اللامع، من عمل لآخر.

الدكتور «فوزى جمعة» أو الأدق، عادل إمام، يكاد يصبح البطل المطلق للمسلسل، يستحوذ على أكبرعدد ممكن من المواقف، معظم الشخصيات تبدو كسنيدة له. صحيح، ينفرد بعضهم، بحكم الضرورة القصوى، بمشهد أو مشهدين، لكن هذه المشاهد، غالبا، تتعلق بعادل إمام، الحاضر برغم غيابه، وهو، غالبا، تفتح عليه الكاميرا، قادما من عمق المجال، بخطوات ثابتة، كجنرال أو أسد هصور.. وأحيانا، جالسا، سارحا فى ملكوت وقد يستمع إلى أحد يثير حنقه، يغضب، ثم فجأة، تنفرج أسارير وجهه بابتسامته الشهيرة.. وها هى الكاميرا، الرقيقة، تودعه بنعومة، فى نهاية المشاهد.

سواء برغبته أو بدونها، نقل عادل إمام عاداته المزمنة إلى «أستاذ ورئيس قسم»، ربما ببعض التغييرات الطفيفة، فإذا كانت من هواياته، صفع الآخرين، الأمر الذى أزعجنا كثيرا، فإنه، هذه المرة، استبدل الصفعات بإلقاء الحذاء، لا على زميل له فقط، لكن على مجلس الكلية كله.. وفيما يبدو أن هواية الصفع انتقلت إلى زملاء المسلسل: أحمد بدير يصفع ابنه عدة مرات، وهو نفسه، يتعرض للطعة قفا من الطالب هيثم أحمد زكى.. حتى مذيعتنا الأليفة، نجوى إبراهيم، تصفع ابنها الشحط أربعة أقلام، ولا يفوتها صفع زوجته، صفعتين معتبرتين.

لجأ يوسف معاطى، وتبعه وائل إحسان إلى أسلوب الكاريكاتير فى بناء الشخصيات وطريقة أدائها، خاصة بالنسبة لممثلى الأدوار الثانوية، فثمة «شحاتة» ــ سائق «فوزى جمعة» ــ بأداء محمد عبدالرحمن، الألثغ، كاتب الشعر الردىء، المنبهر دائما بعبقرية الأستاذ، واختار محمد الشقنقيرى الدخول لشخصية المحامى الجعجاع، الأكول النهم، اليسارى التافه، عن طريق بوابة عبدالسلام النابلسى.. وأحيانا، يصوغ مؤلفنا موقفا كاملا ليصل إلى «إفيه»، فيه من الافتعال ما يبدو مصداقيته. مثلا، فى حوار بين الأستاذ ولواء شرطة الحرس الجامعى، بأداء ياسر على ماهر، يقول الأول دفاعا عن حرية التعبير «قد أختلف معك فى الرأى، لكنى على استعداد أن أموت دفاعا عن رأيك».. يسأل الثانى: من قال هذا الكلام.. يجيب الأستاذ: فولتير.. فورا، بعد مغادرة الأستاذ، يصدر الضابط أمرا بالقبض على المشاغب، فولتير.

أما عن مشاهد الثورة والموقف منها، وتحليل القوى المشاركة فيها، فإنها تثبت بركاكتها، وارتباكها، وحيرتها، أنه لم يحن وقت التعرض لها، فالكثير من جوانبها لايزال محاطا بالضباب، والواضح أن المسلسل الحذر تحاشى إغضاب القوى التى آلت لها الأمور، كالشرطة والمجلس العسكرى، والبتالى، لم يأت بهما ذكر، وبدا المسلسل كما لو أنه يدين انتهازية الإخوان من ناحية، ويسخر من اليسار من ناحية ثانية، فيقدم المحامى، قادما من مقر «الحزب الاشتراكى الجديد»، على رأس مظاهرة، تضم أربعة أشخاص فقط.

اللمسة المؤثرة، التى تستحق التنويه، هى تلك المتعلقة بالأب المجهول، الذى استشهد فى الميدان، تاركا طفلته الصغيرة، وحيدة، ليتولى «الأستاذ» رعايتها.

عادل إمام، يفضل دائما أن يظهر شعبيا، وبالضرورة، بعد أن أصبح وزيرا، نراه، فى مشهد طويل، ذاهبا، بموكبه، إلى إحدى حوارى السيدة زينب، لتناول طعام الإفطار، واقفا، بجانب عربة فول.. حينها ندرك تماما أن الدكتور فوزى جمعة، الأستاذ، رئيس القسم، الشعبوى، قد تلاشى، بعد أن تماهى تماما، فى شخصية النجم الكبير.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات