كيف نمكن المرأة فى البرلمان القادم ؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 4:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف نمكن المرأة فى البرلمان القادم ؟

نشر فى : الجمعة 7 سبتمبر 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 سبتمبر 2012 - 8:35 ص

لا شك أن نساء مصر وبناتها هن الغائبات الحاضرات فى المشهد السياسى، حاضرات بقوة فى صفوف الناخبين والوزن النسبى لتصويتهن يستطيع تغيير نتائج الانتخابات إلى الاتجاه الذى يردنه، لكنهن غائبات عن الحضور السياسى فى البرلمان وفى مواقع المسئولية التنفيذية.

 

ظهور المرأة المصرية اللافت ودورها البارز فى الثورة المصرية أعطى لبعضهن الأمل فى تغيير ظروف الاقصاء وعدم التمكين السياسى، لكن ازداد الوضع سوءا بعد الغاء نسبة الكوتة التى خصصت لهن ما يقرب من 64 مقعدا بالبرلمان فى انتخابات 2010.

 

فى تقرير للاتحاد البرلمانى الدولى عن التمثيل البرلمانى للنساء فى 188 دولة حول العالم نشر فى عام 2008، جاءت مصر فى المرتبة 134، ورغم حصول المرأة المصرية على حق الترشح والتصويت عام 1957 عقب وضع دستور 1956، وهو توقيت يعتبر مبكرا بالنسبة لدول أخرى إلا أن الفارق فى التمكين السياسى لم يأتِ لصالح المرأة المصرية، وشهد برلمان 2011/2012 انخفاضا كارثيا لتمثيل المرأة وصل لـ2% رغم أنه أول برلمان جاء بعد الثورة.

 

•••

هناك عوامل مختلفة يمكن رؤيتها فى إطار البحث عن حل لهذه المشكلة أهمها:

 

أولا: البيئة القانونية والتشريعية التى تحكم مشاركة المرأة: حيث جاء تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979 بتخصيص ثلاثين مقعدا للنساء كحد أدنى، وبواقع مقعد على الأقل لكل محافظة مع حقهن فى الترشح على بقية المقاعد مع الرجال، كخطوة أولى أسفرت عن دخول 33 سيدة للبرلمان فى انتخابات 1979 ومع تعيين سيدتين أصبح الإجمالى 35 نائبة، لتصبح نسبة التمثيل 8%، وهى نسبة جيدة مبدئيا فى ذلك الوقت.

 

لكن صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا فى عام 1986 بعدم دستورية القانون رقم 21 لسنة 1979 لما ينطوى عليه من تمييز بين المواطنين على أساس الجنس.

 

انفرجت المشكلة نسبيا عقب صدور القانون رقم 149 لسنة 2009 الخاص بزيادة عدد الدوائر البرلمانية وتخصيص مقاعدها للمرأة، وهو ما أسفر عن تخصيص 64 مقعدا للمرأة بالإضافة إلى حقها فى التنافس مع الرجال فى المقاعد الأخرى.

 

وكان من الغريب حينها رفض كثير من الرموز النسائية والناشطات السياسيات هذه الكوتة، واعتبرن أنها تهدف لتمرير سيناريو التوريث وأنها ليست لتمكين المرأة، كما تشوبها مشكلة عدم الدستورية.

 

قد نتفهم هذه الهواجس بسبب الظروف السيئة التى كانت تمر بها البلاد حينها وتزوير الانتخابات وديكتاتورية النظام، لكن فى الوقت الحالى لا سبيل لتمكين المرأة سياسيا دون تغيير هذه البنية القانونية والتشريعية وكذلك الدستورية، نحتاج لاحداث نوع من التمييز الإيجابى ــ ولو مؤقتا ــ لندعم فرص المرأة فى الوصول للبرلمان عبر تحصين دستورى لكوتة معينة للمرأة، وكذلك إلزام قانونى بأن تكون فى مقدمة المرشحين الثلاثة الأوائل فى نظام القوائم، لنضمن تمثيلا جيدا لها لأن مقاعد الفردى يصعب أو يستحيل تقريبا نجاح المرأة فيها بسبب الظروف الثقافية والاجتماعية الراهنة.

 

المعترضون على عدم الدستورية بحجة التمييز نقول لهم إن كل المجتمعات الناشئة فى الديموقراطية تصنع نوعا من التمييز الإيجابى للطبقات المهمشة والمستضعفة، وليس من المعقول استمرار تهميش نصف الشعب المصرى ممثلا فى نساءه اللاتى بلغت نسبتهن ما يقرب من 50% من إجمالى السكان فى التعداد الرسمى الأخير.

 

•••

ثانيا: الإطار الثقافى والاجتماعى: الذى ما زال يحمل عادات وتقاليد تفضل إبعاد النساء عن العمل السياسى رغم أن ربع الأسر المصرية تعيلها نساء. ويؤدى غياب التشجيع الأسرى والخوف على المرأة إلى منعها من خوض غمار العمل السياسى المباشر، وهذه الإشكالية تحتاج لتغيير ثقافة المجتمع عبر إبراز النماذج الناجحة للمرأة التى تستطيع أن تتحمل المسئولية وتقدم إنجازات تتفوق بها على الرجال، وهذه مسئولية مناهج التعليم ووسائل الإعلام، وكذلك رجال الدين الذين عليهم إبراز قيمة المرأة وتصحيح المفاهيم الخاطئة التى يتبناها بعض المتشددين دينيا مما يجعلهم ينظرون للمرأة نظرة دونية تزيد من عزلتها وإقصائها.

 

•••

ثالثا: مشكلة انهزام المرأة المصرية نفسيا بشكل ذاتى حيث نرى أن المرأة المصرية نفسها لا تثق فى قرينتها سواء كانت طبيبة أو مهندسة أو سياسية وتفضل غالبا اختيار الرجال لأنهم ــ من وجهة نظرها ــ هم الأقدر والأجدر فى تحمل المسئولية وتقديم أداء أفضل فى كل المهن، وهذا إحساس نفسى خاطئ خلفته تراكمات الجهل والإقصاء والتهميش. وحل هذه المشكلة يقع على الأحزاب السياسية التى لابد أن تثبت تقديرها للمرأة بشكل عملى من خلال تحديد مواقع متقدمة لهن فى ترتيب القوائم الانتخابية، وكذلك الدفع بأكبر عدد من الوجوه النسائية فى الانتخابات المقبلة، ويشترك معها فى هذه المسئولية مؤسسات المجتمع المدنى التى لابد أن تقوم بدورها فى توعية المرأة وبنائها ثقافيا وسياسيا ولكن بشكل جديد يتخطى فكرة عمل بعض الدورات التدريبية الخاصة بالمرأة فقط قبل بدء الانتخابات، إلى تبنى برامج متكاملة تعنى ببناء المرأة وصقلها بمهارات العمل مع الجماهير وفنون القيادة الميدانية.

 

•••

قضية تمكين المرأة هى مسئولية مشتركة للجميع، ولا تتقدم المجتمعات الحديثة إلا إذا أخذت المرأة حقوقها وأتيح لها التمثيل الحقيقى الذى يعبر عن وزنها النسبى فى المجتمع، وإذا لم نمتلك الجرأة للبدء فى خطوات فعلية لهذا التمكين فستستمر حالة الإقصاء والتهميش التى لا تليق بمصر بعد الثورة، إذا كنا نبحث عن النهضة فان النهضة لن تأتى إلا بتمكين المرأة سياسيا ومجتمعيا، ونحن نستطيع فعل ذلك إذا صدقت الإرادة، فهل سنتحرك؟ 

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات