تحية إلى القوات المسلحة فى عيدها - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحية إلى القوات المسلحة فى عيدها

نشر فى : الأربعاء 7 أكتوبر 2015 - 7:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 أكتوبر 2015 - 7:25 ص

للأسف الشديد، لا يعرف قيمة وأهمية وجود جيش وطنى موحد وغير منقسم إلا من يفقد هذا الجيش، كما حدث لسوء الحظ فى اليمن وليبيا وسوريا والعراق.

العدوان الأمريكى السافر على العراق فى 2003، وقرار الحاكم الامريكى بول بريمر بحل الجيش، كان السبب الأساسى فى الحالة التى وصلت إليها العراق الآن، وربما كل المنطقة، خصوصا الصراعات الطائفية، ضمن أسباب أخرى بالطبع منها القمع والاستبداد.

والحرب الأهلية فى سوريا أدت للأسف إلى انقسام الجيش إلى حد كبير، وفى اليمن الوضع أسوأ، لأن مفهوم الجيش يختلط بالثقافة القبلية هناك، ومعظمه انحاز إلى على عبدالله صالح ضد الحكومة الشرعية، أما فى ليبيا فالوضع مأساوى مخلوط بالعبث. ولم يكن هناك جيش بالمفهوم الكلاسيكى للمصطلح بل مجموعة من الكتائب المتنافرة، كل واحدة يرأسها أحد أبناء القذافى أو كبار مساعديه، وكانت تتصارع أحيانا مع بعضها البعض.

والنتيجة هى الحالة التى نراها فى هذه البلدان الاربعة الشقيقة الآن وسبقتها الصومال، ونسأل الله أن تتجاوزها نحو بناء جيش وطنى قوى موحد وغير طائفى أو عرقى أو فئوى أو مناطقى.
شعرت بكل هذه المعانى وأنا أتابع احتفال القوات المسلحة بالذكرى الـ٤٢ لنصر أكتوبر المجيد على العدو الصهيونى.

لست خبيرا أو محللا أو مفكرا استراتيجيا، ولن أكون، لكن خلال حضورى الاحتفال شعرت بأن وجود جيش مصرى قوى وموحد وجاهز ومستعد ويحظى بعلاقة طيبة مع الشعب، أمر ينبغى أن نحافظ عليه بكل السبل الممكنة.

لا أتبنى نظرية المؤامرة «عمال على بطال»، لكن الواقع الأليم والمفجع الذى تمر به المنطقة العربية الآن، يدعونا إلى التحسب والخشية والترقب والحذر، من وجود محاولات لإضعاف مصر فى جميع المجالات، «اكثر مما هى ضعيفة»، وأحد جوانب هذا الاستهداف هو إشغال الجيش بحروب جانبية مرة فى سيناء، وأخرى فى الصحراء الغربية أو ليبيا، أو فى أى منطقة اخرى مقبلة لا قدر الله.

خلال كلمة الرئيس السيسى فى الاحتفال قال إن مصر لن تعود إلى زمن الانكسار والانهزام الذى حدث فى يونيو ١٩٦٧، وأظن أنها رسالة موجهة مباشرة إلى إسرائيل، عدونا الرئيسى والجوهرى والفعلى حتى تختفى من المنطقة أو تعيد جميع الحقوق للأشقاء الفلسطينيين.

السلاح الذى تم استعراضه فى العرض العسكرى جرى تحديثه وتنويعه من أكثر من مصدر أوروبى، وأمريكى وروسى وصينى، رسالة مهمة أن مصر ـ رغم انشغالها فى محاربة الإرهاب ـ لا تنسى التحديات الجوهرية لأمنها القومى سواء من إسرائيل أو إثيوبيا إذا فكرت فى المساس بحصة مصر من مياه النيل. وقال لى مسئول بارز إن العقيدة العسكرية لم تتغير، ولن تتغير، إلا إذا تغيرت التهديدات الأساسية أو اختفت وهى لا تزال مستمرة، والذين يقولون إن مصر غيرتها بناء على طلب بلدان غربية، واهمون.

لكن ـ وآه من لكن ـ ولكى يكون جيشنا متماسكا وقويا وموحدا، فلابد أيضا من وجود جبهة داخلية قوية ومتماسكة، ووعى شعبى كبير بأهمية هذا الأمر.

نحتاج إصلاحات كثيرة، ونحتاج عملا لا يتوقف لإصلاح ما أفسدته الحكومات والأنظمة السابقة، ونحتاج أن تنفتح الحكومة أكثر على التيارات السياسية، علينا أن نضرب الإرهاب والتطرف بأقصى ما نستطيع، لكن فى نفس الوقت نستوعب كل من يريد العمل السياسى تحت سقف القانون والدستور والدولة المدنية.

عملية «تمويت السياسة» التى يروج لها بقايا نظام مبارك هى أفضل هدية للمتطرفين والظلاميين وكل أعداء هذا الوطن.

علينا أن نفتح كل الأبواب والنوافذ ليدخل هواء صحى يقتل كل الحشرات والطفيليات والصراصير.

ختاما.. تحية لكل الجنود والأفراد وضباط الصف والضباط من رتبة ملازم إلى فريق أول، فى أعياد أكتوبر.

المجتمع القوى هو الذى يفرز الجيش القوى.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي