«دراكيولا».. وطنيًا - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«دراكيولا».. وطنيًا

نشر فى : الجمعة 7 نوفمبر 2014 - 8:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 نوفمبر 2014 - 8:45 ص

فى هذه المرة على العكس من كل ما سبق، يأتى مصاص الدماء نبيلا، شغوفا بأسرته يدافع عن بلاده، يحارب، بكل قواه أعداء على درجة كبيرة من الوحشية.. لذا، يتعاطف المتابع مع تلك الشخصية المثيرة للفزع، منذ كتب الأيرلندى مرام ستوكر 1897 وتحولت إلى عشرات الأفلام والأوبرات والمسرحيات فى الكثير من دول العالم بما فيها مصر حين استوحاها محمد شبل فى «أنياب» 1981.

يبدأ «دراكيولا» حكايته التى لم ترو بصوت من خارج الكادر وقور وصارم كأنه الحقيقة المطلقة، يسرد ما يعانيه أهالى رومانيا من بطش العثمانيين خلال القرن الخامس عشر، حيث دأب الأتراك على خطف الأولاد وإلحاقهم بالجيوش الجرارة، بعد تدريبهم بقسوة على فنون القتال. ومع صوت الراوى نشهد على الشاشة ضرب المخطوفين بلا شفقة كى يصبحوا موغلين فى الشراسة.. وبحسم يشير الفيلم إلى زمن الأحداث 1442 ما بعده وفيما يبدو كما لو أنه عمل تاريخى.

حاكم رومانيا فلاد ــ بأداء لوك إيفانز ــ يجلس فى بهو قصره بجواره زوجته الرقيقة وابنه الصبى الوديع.. فورا يدخل القصر مندوب السلطان العثمانى يتعامل مع «فلاد» ببرود تسوده الوقاحة.. يقدم «الجزية» المفروضة على شعبه، المندوب بابتسامة كريهة يخطره بأوامر السلطان: تقديم ألف صبى للانخراط فى جيوش الإمبراطورية.. «فلاد» يرفض، المندوب يتوعد ويهدد بصلف وغرور.. سريعا تندلع الحرب.

«دراكيولا».. فيلم ملحمى، الصراع خارجى، بين كتلتين بشريتين واحدة منهما صعبة المراس، تملك جيوشا جرارة بقيادة «حمزة»، الذى لا يعرف الرحمة.. الثانية يتعاطف معها المخرج جارى شور برغم اشاراته المتكررة إلى تنكيل «فلاد» بخصومه وأعدائه إلى حد إطلاق اسم «فلاد المخوزق» عليه، نظرا للآلاف الذين يقتلهم عن طريق «الخازوق».

«فلاد» المنزعج من أعداد وعدة جيوش السلطان يصعد إلى أعلى جبال ترانسلفانيا الصخرية كى يلتقى «دراكيولا» ويستعين بقوى الشر لهزيمة الأعداء.

فى معظم أفلام «دراكيولا» السابقة جرت العادة أن يغرز دراكيولا أنيابه فى ضحاياه كى يحولهم إلى مصاصى دماء .. لكن هنا يشرب المرء جرعات من دم «دراكيولا» فيغدو مثيلا له وها هو «فلاد» شاكرا ممتنا وبإرادة كاملة يتجرع كأس الدماء التى صبها له «دراكيولا» من أصابعه.

أداء لوك إيفانز الباهت من الصعب مقارنته ببراعة كريستوفرلى، الذى جسد أمير الظلام برهبته وغموضه عدة مرات.. أو الألمانى كلاوس كينسكى الذى قدم مصاص الدماء على نحو شاعرى لا ينسى.

كذلك الحال بالنسبة للمخرج لوك إيفانز المتواضع الذى لا يمكن أن يضاهى رومان بولانسكى فى قدرته على الإرعاب فى «قتلة مصاص الدماء البواسل» 1967، أو فيرنر هيرتزوج فى عمق تأملاته التى تجلت فى «نوسفيراتو» 1978 هنا فى «حكاية دراكيولا التى لم ترو» يجنح المخرج إلى متابعة المعارك الحربية بين الجيشين مع استعانة «فلاد المخزوق» أو «فلاد دراكيولا» بقوى الظلام فيما يشبه جحافل الخفافيش تارة والرياح والناموس تارة أخرى مستعينا بالجرافيك على نحو تغلب عليه الصنعة والتصنع.

«دراكيولا وحكايته» بعد مواقع جماعية ومبارزات فردية قادمة من جوف تاريخ يرصد ذلك الصراع الدامى بين الاستانة وأوروبا، ينتقل إلى الحاضر حيث يطالعنا «فلاد» ــ لوك إيفانز ــ عصريا يسير فى مدينة غريبة متأنقا ليتعرف على فتاة رقيقة بأداء سارة جارون وكأن المخرج يؤكد أن الصراع لا يزال باقيا.. إنه فيلم سياسى فلنفكر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات