الفوضى لن تجدد تراثًا ولن تنهض بأمة - نادر بكار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفوضى لن تجدد تراثًا ولن تنهض بأمة

نشر فى : الإثنين 8 فبراير 2016 - 10:20 م | آخر تحديث : الإثنين 8 فبراير 2016 - 10:20 م
كما أن الإسلام لم يتأثر ــ عند العقلاء ــ بممارسات داعش مهما بلغت وحشيتها وشططها وظل أغلب الناس بفطرتهم الصادقة يرفضون أدنى مقاربة تصبغ الذبح والحرق والهدم بصبغة الشريعة، فكذلك لن يتأثر بكل دعوة متطرفة شاذة تنطح ثوابت هى كالجبال أو أشد رسوخا فى أعمق أعماق قلوب المصريين.

الإرهاب الفكرى الذى تمارسه (ناعوت) ضد من أراد كف عبثها وتلاعبها بالثوابت، عليها ــ إن جرؤت ــ أن توجهه إلى المحكمة التى قضت عليها.. وإلى القاضى الذى لم يلتفت لتهافت وسخافة دفاعها عن كلام صريح يستهزئ بشعيرة من شعائر الدين متحججة بعدم فهم الناس للغتها العربية الراقية! .. فلتوجه له سهامها ولتتهمه صراحة بدلا من انتحال صفات بطولة واهية!

المشكلة ليست فى مبدأ قبول النقد وإنما فى ماهيته وليست فى تقديس الأئمة والفقهاء وإنما فى توقيرهم.. وليست فى إزالة ما شاب التراث من خرافات وإنما فى تحديدها.. المشكلة ليست فى فاطمة ناعوت أو سيد قمنى أو إبراهيم عيسى أو حتى البحيرى وإنما فى الفوضى التى يتبناها هؤلاء.. القضية ليست رفض التجديد وإنما هى صلاحية من يجدد.

نعم تراثنا فى مجموعه ليس مقدسا ولا معصوما بل القرآن وصحيح الحديث النبوى الشريف يهيمنان عليه ويصححان انحرافه.

وقد احتوى التراث نفسه على آلية التصحيح والتضعيف والتنقية والتصويب...احتوى آلية الاجتهاد الصالحة للعمل فى كل زمان ومكان فليس ذنبه أن هؤلاء لم يطلعوا عليه.

التجديد الفقهى أمر حتمى بديهى عند كل من فهم الشريعة الإسلامية وتفطن إلى مقاصدها وأهدافها التى لا تحمل للبشر مشقة ولا تضيق عليهم واسعا؛ لكن التجديد لا يعنى بحال حرق تراثنا بحجة أن التكفيريين والمتنطعين لم يُعرفوا إلا باستدلالاتهم الفقهية التراثية.

الشباب الذى انضم إلى صفوف «داعش» قادما من لندن وباريس وقع فريسة «التجنيد الإلكترونى» الذى استخدمه محترفون لإقناعه بأن الذبح والحرق وسلب أموال الناس بالباطل وترويع الآمنين تقرب إلى الله وجهاد فى سبيله بالآية القرآنية والحديث النبوى !.. وبالتالى فإن زعزعة القناعات الفكرية عند هؤلاء لن تأتى إلا بفكر سليم منهجى يعتمد نفس الأصول ( القرآن والحديث )، ونشر الحجج القوية الواضحة المستمدة من هذين الأصلين وسط شباب قادر على هذه المواجهة الفكرية الإلكترونية.

ما هو المنهج الذى يسعى (مدعو الثقافة) لتمريره؟ أن يحكم كل إنسان على نصوص القرآن بذائقته الشخصية مهما تنوعت الخلفيات الثقافية وتباينت أنواع العلوم والمعارف وتعددت الألسن واللهجات؟.. حسنا فليكن، سنفترض ــ فقط مجرد الافتراض ــ أنّ الأمة فى مجموعها ارتضت هذا المنهج ــ إن صح أن يوصف بذلك ــ فلماذا ننكر على (داعش) مثلا أن تطبق المنهج ذاته فى تذوقها وفهمها لآيات القرآن؟ ولماذا ننكر على داعش إن اعتمدت المنهج نفسه المتحرر من أى قواعد علمية؟

داعش أقدمت على ذلك بالفعل مع نصوص الشرع لكن بذائقة مختلفة يغلب عليها السادية وتطرف المشاعر وعنف النزعة، بحثوا عن كل آية قرآنية تفسرها ذائقتهم المختلة بالدعوة إلى التخريب والهدم وحرق الأحياء فاعتمدوها شعارا.. الصبى منهم لا يتجاوز العشرين من عمره لا يحفظ إلا (جئتكم بالذبح) ولم يسمع (اليوم يوم المرحمة).. القائد منهم يحرق الأسير حيا استجابة لأهواء سادية شيطانية ثم يبحث لها بعد ذلك عن دليل من الشرع وفق نفس الذائقة المضطربة.. فما الفارق؟