إرث باراك أوباما «الهش» - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إرث باراك أوباما «الهش»

نشر فى : الأحد 8 أبريل 2018 - 9:00 م | آخر تحديث : الأحد 8 أبريل 2018 - 9:00 م

نشرت مؤسسة بروكنجز مقالا للكاتبة «إيلين كامارك» تتناول فيه عرضا لأهم الأفكار التى جاءت فى كتاب «The Presidency of Barack Obama »، للمؤرخ جوليان زيليزر وعدد من المؤرخين الآخرين، ويعتبر هذا الكتاب أول تقييم تاريخى للفترة الرئاسية لباراك أوباما. ويقيمون عددا من الإجراءات التنفيذية التى اتخذها أوباما فى عدد من القضايا مثل مشروع الرعاية الصحية والهجرة وتغير المناخ وحقوق المثليين.
استهلت الكاتبة حديثها بالإشارة إلى أن الرئيس باراك أوباما يعتبر رئيسا تاريخيا؛ نظرا لكونه أول رئيس أمريكى من أصل إفريقى. نجد أن فترته الرئاسية (2008 ــ 2012 / 2012 ــ 2016) لم تشهد أى إنجاز تشريعى سوى مشروع التأمين الصحى «أوباما كير»، الذى يهدف إلى توفير الرعاية الصحية لأغلبية المواطنين الأمريكيين بأسعارٍ منخفضة، ومن الجدير بالذكر أن إرث الرئيس أوباما يتم تقييمه بالاعتماد على عدد من الإجراءات التنفيذية التى اتخذها.
يحلل المؤرخ جوليان زيليزر وآخرون فى كتاب «The Presidency of Barack Obama» وضع الرئيس أوباما وإدارته فى السياق السياسى والتاريخى. ومن خلال هذا الكتاب يقدمون تقييما لأهم القضايا فى عهد أوباما مثل الأزمة المالية، الرعاية الصحية، الهجرة، والجريمة وحقوق المثليين.
وبمشاركة سبعة عشر مؤرخا تم تأليف الكتاب الذى يُوصف بأنه «أول تقييم تاريخى» لرئاسة أوباما». ويقول جوليان زليزر: «على الرغم من أن أوباما صنع سياسات فعالة فإنه فشل فى بناء حزب ناجح بشكل كبير».
كما تعتبر سياسته تجاه حزبه «الديمقراطى» كارثية للغاية. فيقول زيليزر: «لقد عانى الحزب الديمقراطى بشكل كبير خلال عهد أوباما. حيث خسر الديمقراطيون نحو أكثر من ألف مقعد فى مجالس الولايات وكذلك الكونجرس بمجلسيه». وفى السياق ذاته أضاف المؤرخ «بالوتبيديا»: «لقد شهدت فترة الرئيس باراك أوباما تراجعا كبيرا فى عدد مقاعد الحزب الديمقراطى فى الكونجرس والتى لم تحدث فى عهد أى رئيس آخر فى التاريخ الحديث».
وترى الكاتبة أن الفكرة العامة للكتاب تثير الحزن، ولكن من الجدير بالذكر أن هذا الكتاب تمت كتابته بعد فترة قصيرة من انتخابات 2016 وفوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب. والذى تعتبره الكاتبة وقت غير كاف لتقييم نتائج الإجراءات التنفيذية التى اتخذها أوباما .
***
لقد تولى باراك أوباما الحكم فى ظل الأزمة المالية العالمية عام 2008، والتى تعتبر أسوأ فترة ركود اقتصادى عرفته الولايات المتحدة منذ الكساد العظيم. وفى كتاب «Neither a Depression nor a New Deal» ينتقد إريك راتشوى الإجراءات التنفيذية التى اتخذها باراك أوباما لحل تلك الأزمة.
ويتحدث راتشواى عن كيف توصلت كريستينا رومر ــ أول رئيسة لمجلس المستشارين الاقتصاديين لأوباما ــ للمبلغ 1.8 تريليون دولار من أجل التحفيز الاقتصادى والنهوض بالاقتصاد مرة أخرى. ونظرا لسيطرة الديمقراطيين على الكونجرس بمجلسيه فى ذلك الوقت، كان بإمكان أوباما أن يستغل ذلك من أجل زيادة التحفيز الاقتصادى والتركيز بشكل مكثف على خلق الوظائف. ولكن الخبير الاقتصادى البارز فى فريقه، لورانس سامرز، عارض رأى رومر وكان يرى أن استقرار الاقتصاد يتحقق باستخدام تحفيز أقل بكثير. ولقد أيد أوباما خطة سامرز، وكانت نتائج هذا القرار لها التأثير البالغ طوال فترة رئاسته.
أولا: على الرغم من تنفيد خطة سامرز للإصلاح الاقتصادى فإن الانتعاش الاقتصادى كان بطيئا.
ثانيا: بدلا من التركيز على خلق وظائف، كما يرى معظم الكونجرس، سرعان ما انتقلت الإدارة إلى التركيز على البند التالى فى جدول أعمالها وهو الرعاية الصحية. وكما كتب راتشوى: «كان قرار أوباما بتقليص التحفيز من أجل إصلاح نظام التأمين الصحى بمثابة مغامرة هائلة غير محسوبة العواقب».
وبحلول عام 2010 فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، حصل الحزب الجمهورى على ثلاثة وستين مقعدا، والتى تعتبر أكبر مكاسب فى الانتخابات النصفية للحزب الجمهورى، عندما يكون خارج السلطة.
****
وعلى مدى السنوات الست المتبقية، اضطرت إدارة أوباما إلى مواجهة الحزب الجمهورى الذى كان يميل إلى معارضته فى كل شىء فعله. لكن هل كانت هذه المعارضة فى محلها؟
فى صيف 2010، على سبيل المثال، حاول أوباما تمرير قانون شامل للحد من التجارة لمكافحة تغير المناخ. ولكنه فشل فشلا ذريعا، وبعد ذلك، سقط تشريع «تغير المناخ» من على الأجندة السياسية، وفقا لما ذكره ميج جاكوبس. ويضيف: «مع انتخاب دونالد ترامب فى عام 2016، أصبح العديد من التقدم الذى حققه أوباما فى مجال التغير المناخى وخطته لاستخدام الطاقة النظيفة عرضة للتراجع فى ظل حكم ترامب والذى يعتقد أن تغير المناخ هو «خدعة اختلقها الصينيون»، وهدد بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ التى أبرمت عام 2015.
فى الواقع، وكما يوضح زيليزر، فإن المشكلة مع الإجراءات التنفيذية التى اتخذها أوباما هى أنها يمكن التراجع عنها بسهولة فى ظل حكومة ترامب.
وجاء أهم مشروع قانون فشل فيه أوباما هو تمرير قانون للهجرة والذى يسمح للملايين من المهاجرين للإقامة فى الولايات المتحدة بعد إعطاء مهلة لهم لإثبات حسن السير والسلوك، غير أن نحو 26 ولاية غالبيتها تحت سيطرة الجمهوريين رفضت تطبيق ذلك الإجراء
***
بالطبع كانت هناك نجاحات فى إدارة أوباما وما زالت نتائجها موجودة. فبالنسبة لقانون الرعاية الصحية فشل الكونجرس فى إبطال هذا المشروع على الرغم من إصرار ترامب على تقويضه ومحاولة إلغائه، ويهدف أوباما كير إلى تأمين رعاية صحية شاملة بأسعار منخفضة لكل مواطن أمريكى. وعلى صعيد آخر يشير تيموثى ستيوارت وينتر، إلى أن أوباما يذكر بأنه «رئيس حقوق المثليين»، تكريما للتقدم الكبير الذى حققه على صعيد الاعتراف بحقوق المثليين والمثليات خلال فترته الرئاسية.

***
ويعتبر كتاب The Presidency of Barack Obama مثالا جيدا لتوضيح مدى صعوبة كتابة التاريخ بشكل سريع فى غضون عشرين عاما أو نحو ذلك..
فى النهاية، تشير الكاتبة إلى هناك طريقتان فقط يمكن للرئيس من خلالهما أن يخلق إرثا فى السياسة الأمريكية وهما: اتخاذ قرارات تحظى برضاء الأطراف المختلفة ــ الحزبين الجمهورى والديمقراطى ــ أو العمل على تقوية حزبه السياسى بحيث يتم انتخاب الأفراد الذين سيواصلون مسيرته ويحققون إنجازاته ومن ثم نجد أن إرث أوباما يواجه تحديا وجوديا الآن. بالنسبة له فقد كان الطريق الأول صعبا بل مستحيلا كما يرى البعض. فلقد واجه سيطرة المتطرفون من الحزب الجمهورى العازمون على تقويضه بأى ثمن. كما قال فى خطابه الأخير «إن هذه المسألة واحدة من المسائل القليلة التى تشعرنى بالندم فى فترة رئاستى» ويقصد عدم قدرته على بناء جسور الثقة بين الحزبين، فنجد أن الصراع بين الحزبين قد ازداد سوءا بدلا من أن تتحسن الأوضاع بينهما. وليس هناك شك فى أن رئيسا ما قد نجح فى سد تلك الفجوة.
أما فيما يتعلق بالطريق الثانى: وهو بناء حزب ديمقراطى قوى بما يكفى لمواصلة إنجازاته. على الرغم من أنه لم يفعل ذلك فى ذلك الوقت، غير أن أوباما تعهد بتنشئة جيل جديد من القادة ويشير ذلك إلى أنه قد أدرك أن إرثه يعتمد على الإنجازات السياسة أولا قبل كل شىء لكنه كان إدراكا متأخر.

إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى

التعليقات