الولاية الثانية للسلطة.. مطالب وتحديات - طارق عبد العال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الولاية الثانية للسلطة.. مطالب وتحديات

نشر فى : الأحد 8 أبريل 2018 - 9:00 م | آخر تحديث : الأحد 8 أبريل 2018 - 9:00 م

منذ أيام أُسدل الستار على مسرح الانتخابات، بتولى رئيس الدولة لمهام السلطة لفترة رئاسية ثانية، وحسب ما أعلنته اللجنة الوطنية للانتخابات بنسبة قاربت 98 بالمائة، بعد استبعاد الأصوات الباطلة. ولكنى قبل أن أتحدث عن الاحتياجات الشعبية فى الفترة الرئاسية، فإنه يجب لفت الانتباه إلى نسبة الأصوات الباطلة، حيث حظيت هذه الانتخابات بأكبر نسبة من الأصوات الباطلة فى أى انتخابات شهدتها البلاد بمجموع مليون و762 ألف صوت وبنسبة تتجاوز 7 بالمائة من إجمالى أصوات الحضور.

وأعتقد أن وجود مثل هذا العدد من الأصوات الباطلة، لم يكن أمرا عبثيا أو نتيجة لعدم إدراك كيفية التصويت، وخصوصا أن هذه الانتخابات لم تشهد غير مرشحين اثنين، وهو الأمر الذى يجب معه استبعاد الأخطاء عند النظر إلى هذه الأصوات الباطلة، وهناك العديد من الاحتمالات وراء هذه الظاهرة من الناحية الحيادية، أولها إدراك الناخبين أنه لا طائل من التصويت لأى من المرشحين، على اعتبار أن النتيجة محسومة لصالح الرئيس الحالى، والسابق، أو المرشح رقم واحد، ومن الأخطاء أيضا ألا ننظر إلى ما تم فى أثناء العملية الانتخابية ودور المال السياسى فيها ــ وقد سبق أن أوضحت ــ كما تناولته معظم المواقع الإخبارية من تصريحات للعديد من المسئولين البارزين فى الدولة مثل المحافظين ونوابهم، والتى أظهرت المال بشكل مباشر، مثل تقديم خدمات بمبالغ محددة للقطاعات أو المناطق الأكثر تصويتا، هذا بخلاف الدور الذى لعبه رجال الأعمال وأعضاء مجلس النواب المصرى، ومن ثم فإن هذه العوامل مجتمعة مع غيرها كان لها تأثير فى ظهور هذه النسبة الكبيرة، والتى فاقت ما حصل عليه المرشح الثانى لمنصب الرئاسة.
***

ومن خلال هذا المدخل نستطيع أن نؤكد أن هناك العديد من المطالب الشعبية التى يجب على السلطة التنفيذية السعى الجاد نحو تحقيقها، واجتياز العديد من الصعوبات التى طالت حياة المواطنين فى العديد من القطاعات، والتى يأتى فى مقدمتها المطالب الاقتصادية، إذ إن الشعب المصرى قد عانى كثيرا من تردى الأحوال وزيادة نسبة الفقر وارتفاع أسعار معظم السلع التموينية ومتطلبات اليومية لحياة المواطنين، إضافة إلى الغلاء الذى طال الخدمات الأخرى مثل شهادات الميلاد أو المستخرجات الحكومية بشكل عام، وقد أظهر التقرير المنشور على موقع صدى البلد بتاريخ الأول من ديسمبر سنة 2015 بعنوان «الفقر فى مصر» للكاتب «عادل عامر»، أن نسبة المصريين الذين يعانون من نقص الأمن الغذائى قد زادت خلال تلك الفترة من نحو 14% إلى 17% من السكان (13.7 مليون مصري)، بينما انضم 15.2% إلى شريحة الفقراء، فى مقابل خروج 7.7% فقط من الشريحة نفسها. فقسوة الفقر آخذة فى التزايد فى المناطق الحضرية.

فعلى الرغم من أن الفقر فى المناطق الريفية ما زال يبلغ ضعف مستواه فى المناطق الحضرية «فإن الفجوة آخذة فى التقلص إلى حد كبير». وهكذا، يقول التقرير: زادت نسبة الفقر فى الحضر من 11% عام 2009 إلى أكثر من 15% عام 2011، حيث تضم القاهرة الكبرى وحدها نحو 3.5 مليون فقير من فاقدى الأمن الغذائى. وأعتقد أن هذه النسب المذكورة قد زادت فى السنتين الأخيرتين عن هذه المعدلات.

ولم يقف أمر ارتفاع معدلات الفقر على أمر الحصول على الغذاء، بل إنه يمتد لينال كل المتطلبات الحياتية للمواطنين، والتى أهمها القطاع الصحى، مشتملا على القدرة المالية على التداوى أو الحصول على الدواء، والتى طالتها زيادات قاربت من الضعف، وهو الأمر الذى يبعد عن قدرة القطاع الأوسع من المواطنين، ولابد من لفت الانتباه إلى الزيادات التى طالت أسعار المحروقات ومواد الطاقة، وهو الأمر الذى أشعل لهيب حياة المواطنين الذين فقط يبحثون عن حقهم فى الحياة بشكل أبسط.

أما إذا انتقلنا إلى مستوى آخر من الأمور التى تحتاج إلى إعادة رؤيتها بشكل جديد، وهو مستوى الحقوق والحريات العامة، والتى زادت نسبة تقيدها، فقد شهدت مصر تزايد نسبة الصحفيين المحتجزين على خلفيات ممارسة حقوقهم، وتم غلق العديد من المواقع الإخبارية، هذا بخلاف السيطرة غير المباشرة على الإعلام عن طريق شراء بعض رجال الأعمال المحسوبين على النظام الحاكم للعديد من القنوات أو المحطات أو المنصات الإعلامية، كما شهدت الفترة السابقة للرئاسة تقييد كبير طال العمل الأهلى والحقوقى بشكل أخص، والذى قد قارب على الاختفاء من كثرة القيود المفروضة عليه، كما أن مجلس النواب الذى تم استيعابه كلية عن طريق ائتلاف تابع للسلطة التنفيذية، لم يظهر منه إلا ولاء للسلطة فى كل ما تريده من تمرير قوانين، أو غض الطرف عن عمله الرقابى.
***

أعتقد أن مسألة التنصيب الرئاسى للفترة الرئاسية الثانية، بعد فترة أولى لمدة أربع سنوات لم يشهد فيها المواطن المصرى أى تقدم ملحوظ فى حياته العامة أو الخاصة، بل إن أحاديث متكررة لرئيس الدولة قد أكدت على أن المواطن المصرى قد تحمل الكثير من المعاناة وضيق الحال وتردى الخدمات، فإنه على السلطة التنفيذية فى عهدها الثانى أن تكون أكثر ميلا أو جنوحا للفقراء من الشعب المصرى، والفقراء هنا نسبة قد تجاوزت ثلاثة أرباع تعداد المصريين، الذين باتوا فى حاجة ماسة لحمايات بأشكال مختلفة من الدولة تدعم حقهم فى البقاء، قبل حقهم فى التعليم، حق أبنائهم فى النمو والسكن الملائم، والإحساس بالطفولة، قبل أن تولى السلطة المزيد من الرعاية والإنصاف للعديد من الحقوق والحريات العامة، وهى التى تمثل المخرج أو المتنفس الطبيعى للمواطنين، ويكفى أن ندلل على ذلك باختفاء الحياة الحزبية، أو التعددية المطلوبة لعمل حراك فى الساحة السياسية، وكأننا بتنا فى عهد الحزب الواحد، غاضين النظر عما جاء النص عليه بالدستور المصرى فى أمور التعددية الحزبية، قبل أن نقول ما جاء فى هذا الدستور من عناية باتت مفقودة لأمور الحقوق والحريات العامة، والتى تعد بمثابة النهر الذى من الواجب أن تموج فيه الحياة السياسية ما بين مؤيد ومعارض.

وبالتالى أرى أن هذه هى التحديات الكبرى التى يجب أن تكون على مكتب رئيس الدولة بمعاونيه وجميع أعضاء سلطته التنفيذية، ساعين إلى إيجاد حلول لها سواء كان ذلك على المستوى القريب أم البعيد، بحسب درجة المشكلة وقدرة الجهاز المعنى على السعى نحو الحلول الممكنة، وذلك لكون قدرة الشعب على التحمل قد باتت محل رهانات عديدة، لنفاذ كل سبله فى إيجاد بدائل حياتية، وسبل للتعايش مع هذا الواقع، ويجب أخيرا أن تسعى السلطة على الأقل لمكافأة ناخبيه فى تجديد ثقتهم بها، بالمزيد من الخدمات.

طارق عبد العال باحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية
التعليقات