صراع الصحافة والسلطة فى مصر - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صراع الصحافة والسلطة فى مصر

نشر فى : الأحد 8 مايو 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الأحد 8 مايو 2016 - 10:00 م
(1)

تخوض الصحافة المصرية هذه الأيام معركة شرسة من معاركها الممتدة عبر تاريخها الطويل دفاعا عن حريتها واستقلالها فى التعبير عن الأمانى الوطنية الكبرى المرتبطة بتحرير الأرض أو استقلال القرار الوطنى ونشر قيم الحرية والديمقراطية؛ فالمطل على تاريخ هذه المعارك الخالدة فى حياة مهنتنا الأبية سيجد أن السلطة عندما تشعر بالحرج فيما يخص أيا من هذه القضايا الكبرى تطلق يد وزارة الداخلية فى قمع الصحفيين ومصادرة الصحف، ويمكن الرجوع فى هذا الأمر لحقبة رئيس الوزراء الديكتاتور إسماعيل صدقى (1875ــ1950) فى أوائل الثلاثينيات والنصف الثانى من الأربعينيات، ذلك أنه كان يبطش بحرية الصحافة المطالبة بجلاء المحتل، فتبوأ المكانة التى تليق بمثله فى التاريخ المصرى وتاريخ الصحافة المصرية.

(2)

أعود إلى الجولة الحالية فى معركة الصحافة والسلطة، وأقول: مادمنا قد سلمنا بأنها معركة فى صراع طويل هو عمر مهنتنا كله، فلابد من تحليل دقيق لنوايا الطرف الآخر، وتحديد استراتيجيته من هذه الجولة، واتجاه مجهوده الرئيسى وأفضل الطرق لمواجهته، وإلا سنقع أسرى العصبية والانفعال؛ فتضيع حقوقنا وننهزم فتفرض علينا أوضاع حتما سندفع غاليا أثمانها مع الأجيال اللاحقة التى ستصب لعناتها على كل من كان موجودا ولم يقاوم بالعلم والمعرفة لا بالصوت العالى والعصبية التى تفرق الصفوف.

فى تحليل نوايا السلطة تجاه الصحافة فى هذه الجولة أستطيع أن أقول بأن هدفها الاستراتيجى واتجاه مجهودها الرئيسى يتمثل فى وقف إقرار مشروع نقابة الصحفيين لقانون الإعلام الموحد، الذى يضمن حدودا معقولة من الحرية والاستقلالية لوسائل الإعلام؛ فإقدام السلطة على معارضة هذا القانون علانية سيجعل الصحفيين يخوضون معركة عادلة ليس فى مقدور أحد لومهم عليها؛ ولذلك كان لابد من شيطنتهم وإنهاك قواهم فى اتجاهات ثانوية، مثل المعركة الحالية مع وزير الداخلية.

(3)

الهدف الرئيسى من العملية التعرضية الخاطفة التى قامت بها وزارة الداخلية باقتحام النقابة هو استنزاف كل قدرات الصحفيين فى التعبئة بهذه المعركة الثانوية؛ فبدلا من أن يكون الحشد ضد فرض قوانين مكبلة لحرية الصحافة يكون الأمر أقرب إلى معركة «البرستيج» فى مواجهة وزير الداخلية الآمر باقتحام بيت الصحفيين؛ فيقل منسوب التعاطف الشعبى معنا!.

خلال هذه المعركة الثانوية ستعمل السلطة على تصدير وترسيخ صورة للمجتمع عن الصحفيين مؤداها أنهم «على رأسهم ريشة، ولا يلتزمون بالقانون»، فإذا ما جاءت اللحظة الحاسمة لتحقيق الهدف الاستراتيجى المتمثل فى تفريغ قانون الإعلام الموحد من مضمونه ستكسب السلطة رأيا عاما مساندا باعتبار أن الصحفيين«مثيرين للمشاكل» و«دولة داخل الدولة»، وتكون قدرتهم على الحشد والاستنفار قد تراجعت، ربما بفعل الملل، أو بتأثير محاولات الالتفاف عليهم وتطويقهم عبر شق صفوفهم من خلال الزملاء إياهم، ممن يدعون الحكمة بأثر رجعى، بادعاء مشيخة المهنة دون أن يضبطوا متلبسين بصحيفة أو مجلة تولوا أمرها فضاعفوا توزيعها!، أو عبر أولئك الذين يعملون كمندوبين للمؤسسات التى يغطون أخبارها فى صحفهم!

(4)

كيف يدير الصحفيون معركتهم إذن؟ بداية لقد كان رد الفعل على العملية الثانوية لوزارة الداخلية أكثر من رائع، سواء لجهة الحشد الهائل يوم الأربعاء الماضى، أو عبر إجراء «نيجاتيف الوزير» الأكثر إيلاما فى الموضوع برمته، وأحسنت النقابة صنعا عندما أجلت اجتماع الغد، لإعطاء الفرصة للمبادرات؛ فالتفاوض هو الجزء الأصيل والأهم فى أى معركة، ناهيك عن أننا لو نجحنا فى الخروج بنتيجة مرضية من هذه المعركة الثانوية دون استنزاف قدراتنا فى الحشد والتعبئة اللذين يجب الاحتفاظ بهم للمعركة الكبرى سيكون مكسبا استراتيجيا عظيما، وفى كل الحالات بـ«النيجاتيف» وحده قد أنهينا هذه الجولة باكتساح. فدواعى هيبة المسئول الأمنى تقتضى الإطاحة به فى أقرب فرصة بعد أن تم التهكم عليه حد«النيجاتيف»!.
التعليقات