حدث فى «الكيت كات»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حدث فى «الكيت كات»!

نشر فى : الجمعة 8 يونيو 2018 - 10:25 م | آخر تحديث : الجمعة 8 يونيو 2018 - 10:25 م

لم تمضِ أيام قليلة على خطاب الرئيس السيسى أمام مجلس النواب، عقب ادائه اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثانية، والذى أكد فيه ان «مصر تسع الجميع، إلا من تلوثت ايديهم بالدماء والعنف والإرهاب»، حتى ضاقت الأرض بما رحبت على أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية، الذين تعرضوا مساء الثلاثاء الماضى، لهجوم منظم من قبل مجهولين اثناء تناولهم طعام الإفطار فى النادى السويسرى.
هناك روايتان لما حدث فى «الكيت كات»، حيث مقر النادى السويسرى، الأولى نشرتها عدة مواقع نقلا عما اسمتها مصادر أمنية وشهود عيان، وجاء فيها ان «مشادات وقعت بين أعضاء الحركة بدأت بخلاف على تنظيم الموائد، فنشبت مشاجرة وتدخل بودى جاردات استعان بهم أعضاء الحركة، وانحاز البودى جاردات لأحد أطراف المشاجرة، ونتج عن ذلك تحطيم النادى السويسرى».
أما الرواية الثانية، فذكرها الكثير ممن حضروا الواقعة على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وقالوا فيها إنهم بمجرد تناولهم العصائر التى «جرحوا بها صيامهم» وقبل تناولهم طعام الإفطار، فوجئوا بسيدة ورجل يدخلان النادى ويتعاركان بشدة ويتبادلان الشتائم المقززة، وما هى الا لحظات قليلة حتى تبعهم نحو 12 شخصا، اطاحوا بكل شىء أمامهم.
تضيف الرواية: أصحبت حديقة النادى أشبه بحلبة مصارعة، الكلمة العليا فيها للكراسى والأطباق الطائرة، فيما كانت رأس فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى، هدفا لـ«طبق طائر» شجها على الفور، الأمر الذى دفع اعضاء الحركة المدنية إلى الفرار سريعا من المكان، على وقع شتائم من نوعية «خونة، جواسيس، عملاء»، كان يرددها المهاجمون بـ«حماس شديد»!
الشتائم التى اختتمت بها المعركة ــ وفقا لروايات من حضروا الواقعةــ تستدعى التوقف أمامها بكثير من التأمل، لفهم ما حدث فى هذا المشهد الكارثى، الذى يحمل بلا شك العديد من الرسائل الخطرة التى ينبغى علينا عدم تجاهلها أو التقليل من شأنها ووصفها بأنها مجرد «خناقة بودى جاردات».
فى تصورى ان أهم ما تحمله هذه الواقعة من رسائل، هو ان ما حدث فى «الكيت كات»، يضرب فى مقتل الرغبة الرئاسية فى ترسيخ مبدأ ان «مصر تسع الجميع».. وهو المبدأ الذى رفع منسوب الأمل لدى البعض فى امكانية حدوث انفراجة سياسية حقيقية، وفتح منظم لنوافذ المجال العام، وإصلاح الخلل الذى اصابه جراء التضييق المستمر عليه خلال الفترة الماضية، بما يجعل الجميع شركاء فى تحمل الصعاب الكثيرة المقبلة عليها البلاد، جراء فواتير الإصلاح الاقتصادى المؤلم، التى ينبغى دفعها على المدى المنظور.
الرسالة الثانية ان ما حدث فى «الكيت كات»، يساهم بلا شك فى تغذية تيار التعصب والتشدد المتربص بهذا الوطن، والذى يحاول ليل نهار إشعال الحرائق فى جنباته وهدم أركانه وتحطيم مؤسساته والنيل من استقراره، خصوصا أن هذا الاعتداء استهدف اعضاء بالحركة المدنية، وهى ضمن الكتلة الصلبة لمعسكر 30 يونيو، وكانت فى طليعة من تصدى لجماعة الإخوان المسلمين، وقت ان حاولت اختطاف الدولة المصرية، كما أن عناصرها وأعضاءها لم يرفعوا فى يوم من الأيام سلاحا ضد الدولة، أو يحرضوا على العنف ضد مؤسساتها.
الرسالة الأخيرة هى ان مثل هذه الوقائع، تترك آثارا سلبية على صورة البلاد التى تحاول جاهدة، جذب المستثمرين الأجانب لتحريك عجلة الاقتصاد المتعطش للتدفقات المالية الخارجية، وتشيع مناخا من الخوف لا تحتاجه مصر فى الوقت الراهن، وتثير الشكوك حول قدرتنا على خلق حالة من الحوار الداخلى اللازم لامتصاص الصدمات والقادر وحده على تجاوز التحديات التى تعترض طريقنا، وهى بالفعل معقدة وشائكة تنوء بحملها الجبال.
يجب بالفعل ان «تسع مصر الجميع».. فالأوطان لا تبنى بالصوت الواحد، والاصطفاف لا يتحقق بالأمر المباشر، وانما بالاقتناع والفهم والاستيعاب، والاختلاف ضرورة طالما كان تحت سقف الوطن ولصالحه، والتنوع فى الآراء مطلوب بشدة، لانه يعد حصانة قوية من الأخطار المحدقة، ويساهم فى ايجاد حلول ابداعية غير تقليدية للمشاكل الكثيرة التى تفرض نفسها على الجميع.

التعليقات