صعوبات تمويل الباحثين فى العالم العربى - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صعوبات تمويل الباحثين فى العالم العربى

نشر فى : الخميس 8 سبتمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الخميس 8 سبتمبر 2016 - 9:30 م

ما أن تسأل الباحثين من مختلف أنحاء العالم العربى عما يعيقهم، حتى يشكو معظمهم من ندرة مصادر التمويل الثابت. وبالرغم من أن بناء مرافق بحثية رائعة وباهظة الثمن فى بعض أجزاء منطقة الخليج أسهل من أى مكان آخر فى المنطقة، إلا أن الشكوى شائعة. إذ يجد المسئولون عن البحوث تحديات فى مسألة العثور على المال اللازم لتشغيل المختبرات ودفع أجور الذين يرغبون فى العمل فيها. ينطبق ذات الشىء على علماء الاجتماع الذين يعملون فى هذا المجال – حيث إن توفير التمويل طويل الأمد أمر يصعب الحصول عليه.


***
ليس العالم العربى وحيدا فى ذلك. فحتى فى الولايات المتحدة الأمريكية التى يتقدم فيها دعم البحث والتطوير عن بقية العالم، يقول الأكاديميون إن تمويل أبحاثهم ليس بالأمر اليسير – ولا سيما عندما يكونون من الشباب. إذ انخفضت نسبة نجاح الباحثين –الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما ممن يتقدمون بطلب الحصول على منح من معاهد الصحة الوطنية – من 46.1 فى المائة عام 1980 إلى 19.2 فى المائة عام 2014، بحسب دراسة جديدة نشرت فى مجلة الخلايا الجذعية Cell Stem Cell. وفى حين أن الباحثين الأكبر سنا يشهدون هبوطا فى معدلات النجاح، إلا أن الأصغر سنا منهم يبدون أكثر إحباطا – لدرجة أنهم قد لا يكلفون أنفسهم عناء التقدم لطلب الحصول على المنح.


تقول ميستى هيجينيس، مؤلفة الدراسة والخبيرة الاقتصادية فى مكتب تعداد السكان فى الولايات المتحدة، «لا يتقدم الأشخاص الأصغر سنا بالقدر الذى اعتادوا عليه فى السابق». وتعتقد هيجينيس أن هنالك ثمة دروس يمكن للعالم العربى الاستفادة منها فى دراستها. قالت «لدينا حلقة مفرغة من الارتفاعات والانخفاضات فى التمويل». فقد ازدادت ميزانية معاهد الصحة الوطنية بأكثر من الضعف بين عامى 1998 و2005. لكن التمويل انخفض منذ ذلك الحين – بنسبة تصل إلى 12.1 فى المائة بين عامى 2010 و2013. وهناك الآن فائض من الباحثين الشباب فى الولايات المتحدة وهذا هو السبب المحتمل الذى أدى لزيادة التمويل قبل عشر سنوات، بحسب هيجينيس. حيث شجعت وفرة الدعم المقدم للبحوث الطبية الحيوية طلاب الجامعات على دراسة العلوم.


لكن، ما أن انتهى أولئك الطلاب من الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه وخوض تدريب ما بعد الدكتوراه، حتى انخفض التمويل. وعوضا من البقاء فى المجال الأكاديمى، انتقل بعض أولئك الباحثين الشباب إلى القطاع الخاص فيما تباطأ آخرون فى مرحلة ما بعد الدكتوراه على أمل أن يفتتح أمامهم مجال التثبيت فى المنصب فى نهاية المطاف.


فى الأساس، يتقدم عدد قليل من الباحثين الشباب لطلب الحصول على المنح لأنهم يعرفون بأنهم سيواجهون منافسة أكبر مع أقرانهم.


تقول هيجينيس «يمكنك القول بأن ما تحتاج إليه هو تمويل تدريجى بطىء. إن أفضل وسيلة لتحقيق العلوم هى إيجاد طريقة مسئولة للحصول على تمويل ثابت بدلا من التقلبات. ومن شأن هذا أن يكون أحد الدروس التى يمكن للعالم العربى أخذها من الولايات المتحدة».


لكن الخبراء فى المنطقة لا يتفقون مع ذلك بشكل تام. إذ يقولون إن التمويل فى المنطقة منخفض جدا والحاجة للتمويل مسألة بالغة الأهمية لدرجة أنهم لا يشعرون بالقلق حيال مشكلة التذبذب التى تواجهها أمريكا.


***
من جهة أخرى يقول محمد حراجلى، العميد فى الجامعة الأمريكية ببيروت، «إن دعمنا للبحوث لا يعد شيئا بالمقارنة مع الولايات المتحدة. ولا تهمنا كثيرا مسألة الصعود والهبوط لأنه ليس هنالك شىء حقا هنا فى العالم العربى لنبدأ به».
بدوره، قال بيار زلوعة، عميد الدراسات العليا والبحوث فى الجامعة اللبنانية الأمريكية إن التعديلات الإضافية ستكون بطيئة جدا، «أعتقد حقا بأن من الواجب علينا زيادة المبالغ بشكل جاد، لكن نعم، لا يتوجب علينا التذبذب صعودا وهبوطا».


وإذا ما كان الحصول على المال لأغراض البحث العلمى صعبا، فإنه يشكل تحديا أكبر بالنسبة للعلوم الاجتماعية والإنسانية.


يوضح حراجلى «إن تمويل أبحاث فى الهندسة أو العلوم أسهل من الحصول على تمويل للعلوم الاجتماعية والإنسانية، الأمر على هذا النحو حتى فى الجامعة الأمريكية فى بيروت. لكنه أضاف بأن الجامعة تحاول عكس الإجحاف السابق حيال البحوث فى العلوم الاجتماعية والإنسانية». حيث قال حراجلى إنه إذا ما كان عليه أن يقرر المفاضلة بين اثنين من طلبات المنح إحداها فى مجال العلوم الإنسانية والأخرى فى مجال العلوم، فإنه من المرجح أن يختار المقترح فى مجال الإنسانيات لأنه يعلم بأنه سيكون من الصعب على الباحث الحصول على تمويل خارجى.


***
منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى، تسعى الجامعة الأمريكية ببيروت لإحداث تغيير استراتيجى فى تركيزها من التدريس إلى مجال الأبحاث على الرغم من صعوبة الحصول على دعم دولى لهذا البحث. يقول حراجلى «اليوم، نحن نعتبر أنفسنا مؤسسة بحثية بنسبة 45 فى المائة وتدريسية بنسبة 55 فى المائة، ولا نزال نسعى للمضى إلى ما هو أبعد من ذلك».


ومن بين أساليب الجامعة للتعامل مع الميزانية المنخفضة لتمويل الأبحاث مراجعة مسألة التثبيت فى العمل، والتى توقفت أثناء الحرب الأهلية فى لبنان. ويأمل حراجلى فى أن يحفز ذلك المزيد من أساتذة الجامعات لإجراء البحوث، حيث قال «يوفر التثبيت أمنا وظيفيا وسيتوجب على أعضاء هيئة التدريس إجراء البحوث بهدف التثبيت. سيكون على أعضاء هيئة التدريس نشر البحوث أو الفناء».


وأخيرا يرغب زلوعة فى رؤية نسخة عربية من معاهد الصحة الوطنية أو مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية؛ حيث تساهم العديد من الحكومات العربية فى إيجاد وكالة تمول مشاريع البحوث فى جميع أنحاء المنطقة. لكنه يعترف بأنه من غير المرجح أن يثمر ذلك فى القريب العاجل، لكنه يقول «نحن بحاجة لأن نبدأ من مكان ما لنحصل على مصدر ثابت للدخل».

ينشر بالاتفاق مع مجلة الفنار للإعلام

التعليقات