عن جدوى تشغيل مطار النزهة - هيثم ممدوح عوض - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن جدوى تشغيل مطار النزهة

نشر فى : الثلاثاء 9 مايو 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 9 مايو 2017 - 9:55 م

استشارى دراسات تقييم التأثير البيئى وأستاذ الهيدروليكا بجامعة الإسكندرية
فى عام 1987 افتتح فى قلب مدينة لندن مطارا للمدينة وذلك بفكر استثمارى بالرغم من وجود أربعة مطارات كبرى أخرى قريبة (هيثرو – جاتويك – ستانستد – لوتون). وبالنظر إلى أن طول الممر 1500 متر فقط إلا أن عدد الركاب الذين استخدموا المطار فى عام 2016 تخطى 4.5 مليون راكب وملاك المطار لديهم خطط استثمارية معلنة لزيادة سعة المطار إلى 8 مليون راكب سنويا. ولمن لا يعرف موقع هذا المطار فإنه يقع على ضفاف نهر التايمز بمدينة لندن ومستثمرو هذا المطار من القطاع الخاص أقدموا على هذه الخطوة الاستثمارية لما للمطار من مردود اقتصادى نظرا للثقل التجارى لمدينة لندن أعلى بكثير من استثمار أرض المطار عقاريا بالرغم من موقعها الرائع. نفس الأمر يتكرر فى العديد من المدن الكبرى العملاقة اقتصاديا مثل مطار هانيدا الذى يقع على شاطئ خليج مدينة طوكيو والذى يتخطى سعر الأرض بها عشرات أضعاف سعر الأرض بمدينة الإسكندرية، وتعد قيمة أرض هذا المطار من أغلى أسعار الأراضى على مستوى العالم.
وإذا نظرنا للولايات المتحدة الأمريكية فإن هذا التوجه يتكرر بالعديد من المدن وخير مثالين على ذلك مطار ميدواى بمركز مدينة شيكاغو ومطار جون كينيدى داخل مدينة نيويورك.
وجود مطار بقلب أى مدينة يوفر الوقت ومسافات الانتقال ويمنحها مميزات استثمارية ضخمة وعوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة إن أحسن استغلالها مع الصناعات المحيطة والموانئ القريبة والمنشآت التعليمية وتنشيط حركة السياحة بأنواعها المختلفة، فى وجود خدمات فندقية متميزة وقانون محفز للاستثمار وحالات مدن لندن، طوكيو، شيكاغو، ونيويورك خير مثال لتوضيح هذا التوجه الاقتصادى.
***
لا غرو أن مدينة الإسكندرية تلعب دورا محوريا فى الاقتصاد المصرى بوجود 40% من الصناعات المصرية بالإضافة إلى أنها الميناء الرئيسى الذى يستقبل 85% من حركة التجارة من وإلى مصر. وعندما بدأت الشركة المصرية للمطارات فى 2003 التوسع بمطار برج العرب لزيادة سعته إلى 1.2 مليون راكب أثبتت الأيام ثقل إقليم الإسكندرية الاقتصادى حيث وصل عدد مستخدمى مطار برج العرب إلى 2.8 مليون راكب مما دفع الشركة قبل عامين إلى ضخ استثمارات تصل إلى أكثر من 300 مليون جنيه مصرى لزيادة سعة مطار الإسكندرية الدولى (النزهة) من 300 ألف راكب سنويا إلى 1.5 مليون راكب والشركة حاليا بصدد الإعلان عن توسعة مطار برج العرب ليقل سنويا 3.9 مليون راكب.
قد تم خلال الشهر الماضى نهو جميع الأعمال المتعلقة بتطوير مطار النزهة وأصبح معدا لدخول الخدمة ليمثل إضافة متميزة للبنية التحتية لمصرنا الحبيبة ويخدم خطط الاستثمار بإقليم الإسكندرية حيث أن العائد الاقتصادى للمطار من حركة الركاب فقط وفق دراسات الجدوى ستصل إلى 350 مليون جنيه خلال العام الأول فقط، وقد تتضاعف هذه القيمة عدة مرات حال وجود إدارة متميزة قادرة على اصطياد الفرص الاستثمارية اللامحدودة المتمثل بعضها فى قرية البضائع، الأسواق الحرة، مواقف الطائرات، شركات البترول، عوائد شركات الطيران، واستغلال سور المطار اقتصاديا.
قد سرت مجموعة من المغالطات فى الآونة الأخيرة ومنها صعوبة تأمين المطار أمنيا ووجود تعديات عليه وهذا الأمر مخالف للواقع وغير صحيح تماما، حيث ظل هذا المطار يعمل حتى شهر يوليو 2012 وفى خضم الأزمات السياسية التى عصفت بنا ظل هذا المطار يؤدى دوره بكفاءة، وليس عصيا على الهيئات الأمنية بمصر تأمين مثل هذا المطار خاصة أن أغلب المطارات الأخرى بمصر تواجه تحديات أمنية مشابهة. وطول الممر الحالى يبلغ 2200 متر يستطيع أن يغطى وفقا لمتطلبات منظمة«الإيكاو» الرحلات من وإلى أوروبا بالكامل وحتى قلب أفريقيا وشاملا جميع الدول العربية بدون استثناء ويوجد قابلية لزيادة طول الممر إلى 3000 متر ليغطى مدى أوسع من الرحلات، وليس شرطا أن تكون جميع أطوال ممرات مطارات العالم 3850 مترا لتستقبل أى طائرة؛ حيث أن غالبية مطارات العالم لها محددات فى أطوال ممراتها ونوعيات الطائرات التى تستخدمها وفقا لتصنيفات منظمة«الإيكاو».
من ضمن المشكلات الفنية فى التشغيل التى تستدعى الإسراع بفتح مطار النزهة حالات الطوارئ التى تحدث كل عام لسوء الأحوال الجوية وانعدام الرؤية مما يؤدى إلى تحويل عدد من الرحلات من مطار برج العرب إلى مطار القاهرة الدولى، وحال دخول مطار النزهة الخدمة سيوفر هذا الأمر بديلا متميزا لا غنى عنه لمشغلى حركة الملاحة الجوية. ومع الحالة الفنية الحالية لممر مطار برج العرب الذى قد يحتاج إلى صيانة عاجلة خلال المدى القصير لابد أن يتواجد مطار قريب كبديل لا يتأتى هذا إلا فى مطار النزهة.
تبلغ مساحة أرض المطار نحو 800 فدان (3,3 مليون متر مربع) والقيمة السوقية لأرض المطار قد تصل إلى 50 مليار جنيه ولكن من يدعو إلى استغلال أرض المطار فى مجال التنمية العقارية يحكم على مدينة الإسكندرية بزيادة الأعباء على مرافقها وبنيتها التحتية ويقرر تحجيم نمو المدينة اقتصاديا. استثمار هذه الأرض كمطار له مردود اقتصادى أفضل بكثير من الاستثمار العقارى والأمثلة الأربعة السابق سردها تؤكد هذه الحقيقة.
***
للأمانة العلمية فإن تواجد مطار بقلب مدينة له عدة تأثيرات بيئية سلبية متمثلة فى التلوث الضوضائى وتلوث الهواء وزيادة الحركة المرورية ولكن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية ملموسة ويمكن عن طريق إدارة بيئية متميزة تقليل حدة الأثار السلبية مع أهمية دراسة الحالات المشابهة المنتشرة فى العديد من دول العالم والاستفادة بخبراتها. وبالنظر لحالة مطار النزهة نجد أن عملية رفع كفاءته التى تمت أخيرا واجهتها العديد من المشكلات الفنية أبرزها رشح المياه الجوفية؛ حيث يقع منسوب أرض المطار أسفل منسوب سطح البحر بثلاثة أمتار، وتم إنشاء شبكة صرف مغطى ضخمة شرفت بتصميمها والإشراف على تنفيذها والشبكة قادرة على صرف مياه الرشح والأمطار معا، وتم اختبار كفاءة هذه الشبكة والتحقق من عدم وجود أى تأثير سلبى لمياه الرشح على ممرى المطار الأساسى والاحتياطى.
تشغيل مطار النزهة أو إعدامه موضوع حرج يستلزم التأنى من الحكومة قبل اتخاذ القرار النهائى فى هذا الصدد مع ضرورة وضع المصلحة العامة فى المقام الأول؛ حيث أرى أن تواجد مطار بقلب أى مدينة يمثل ميزة لوجستية رائعة كما يتضح جليا فى العديد من مدن العالم العملاقة اقتصاديا إضافة إلى مميزات التشغيل وتوفير عنصرى الوقت والمسافة.

هيثم ممدوح عوض استشارى دراسات تقييم التأثير البيئى وأستاذ الهيدروليكا بجامعة الإسكندرية
التعليقات