جيل «أوفا» - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جيل «أوفا»

نشر فى : السبت 9 يونيو 2018 - 9:25 م | آخر تحديث : السبت 9 يونيو 2018 - 9:25 م

«أوفا»، هو اسم الشهرة للشاب أحمد عبدالرءوف بطل حملة إعلانية لأحد البنوك الخاصة انطلقت فى شهر رمضان الماضى واستمرت خلال هذا العام، نالت شخصية «أوفا» تعاطفا كبيرا من أبناء جيله، لأن «محدش بيعمله حساب» سواء والده الذى يتعمد إحراجه وعدم الاهتمام بآرائه أو مديره فى العمل الذى يسخر من إمكانياته وقدراته.
«التجاهل» و«التهميش» و«السخرية» هى مجمل أزمات «أوفا»، والتى جعلت منه بطلا على مواقع السوشيال ميديا، فعدد كبير من الشباب غيروا الصورة الشخصية لحساباتهم إلى صورة «أوفا» فى إشارة إلى مرورهم بنفس أزمات شخصية الحملة الإعلانية.
جيل «أوفا» هو الجيل الذى تفتح وعيه وإدراكه مع هبوب نسمات 25 يناير 2011، سعى هذا الجيل إلى تغيير مخلفات دولة مبارك التى أخرجته مع أجيال سابقة من المعادلة.
حلم هذا الجيل بدولة القانون والحق تنتصر على دولة الظلم، دولة العدالة والحرية والمساواة تحل محل دولة الفساد والمحسوبية والدكتاتورية، نزل إلى الشوارع باحثا عن «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، وفى نهاية بدت حينها سعيدة تمكن من إسقاط رأس الدولة التى كرست لكل المعانى التى دفعته يوما إلى الاستكانة واللامبالاة أو البحث عن وطن بديل.
قبل 7 سنوات أمسك «أوفا» ورفاقه بحلمهم بين أيديهم، ومضوا فى طريق تفعيل شعارات الثورة إلى واقع داخل الدولة، اصطفوا فى طوابير الانتخابات عسى أن تأتى بمؤسسات تضع قواعد الحلم وتؤسس للجمهورية الجديدة، لكنهم سرعان ما شعروا بالخديعة حيث انتكست الأمور واستبدلت مؤسسات الدولة رموز مبارك بكوادر الجماعة فعادوا إلى الشوارع مرة أخرى لتصحيح مسار الثورة.
فتحوا أيديهم بعد شهور من تجديد الأمل فإذا بالحلم يتلاشى كالسراب، واكتشفوا أن الواقع الذى شاركوا فى خلقه أسوأ مما كانت الأمور عليه قبل 7 سنوات، لا فرص عمل ولا دخل كافيا ولا مشاركة سياسية والتضخم والتعويم نسفا ما ادخروه لبناء منزل الزوجية، فحطت عليهم الكآبة والإحباط واللامبالاة.
لم يعد هذا الجيل يصدق ما يلوكه السياسيون عن تحسن أحوال المعيشة وثبات أسعار السلع وتوفير فرص العمل بعد شهور أو سنوات قليلة، ففى كل مرة يثبت أن ما وعدوا به ليس سوى «طق حنك».
وما جعل جيل «أوفا» يصل إلى مرحلة الاستسلام ودفن الرءوس فى الرمال أنه أجبر خلال السنوات القليلة الماضية على كتم صوته من خلال عمليات إخضاع واسعة لكل من حاول التعبير عن غضبه إزاء قرارات وسياسات الحكومة.
التقى فى العمل وفى الشوراع بالعشرات من رفاق «أوفا»، الذين تحطمت أحلامهم الكبيرة، ووصلوا إلى محطة اليأس والإحباط بعدما تحولوا إلى كم مهمل وكتلة مهمشة، فشلت السلطة فى إقناعهم بجدوى مشاركتهم فى أى استحقاق فغابوا عن طوابير الانتخابات عديمة المنافسة، ووقفوا فى طوابير سماسرة الهجرة غير الشرعية بحثا عن فرصة جديدة، أو طوابير تجار المخدرات لتسكين آلام الهزيمة.
الخطير فى الأمر أن بعضا من هؤلاء قد يُدفع دفعا إلى الانفجار نتيجة كتم أحلامه وطموحاته، وهو السيناريو الأكثر رعبا ليس لأهل الحكم فقط بل للمجتمع كله، فالطوفان القادم سيأخذ أمامه الجميع إن لم تنتبه السلطة وتعيد حساباتها فى كل الملفات من الاقتصاد إلى السياسة.
قبل أيام من 25 يناير 2011، عمم كهنة النظام فى الإعلام عبارة «مصر مش تونس» وبالفعل خلق المصريون نموذجا مختلفا لثورتهم، وفيما يحاول الإخوة فى الأردن التمرد على روشتة صندوق النقد وملأوا شوارع عمان احتجاجات على قرارات رفع أسعار الوقود ورفع الضرائب، يسعى نفس الكهنة إلى تغييب أهل المحروسة عن المشهد الأردنى .

التعليقات