ليس بالقوانين الاستثنائية! - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس بالقوانين الاستثنائية!

نشر فى : الخميس 9 يوليه 2015 - 11:05 ص | آخر تحديث : الخميس 9 يوليه 2015 - 11:05 ص

تستطيع منظومة الحكم فى مصر أن تواصل تمرير القوانين الاستثنائية كقانون مكافحة الإرهاب وأن تواصل إدخال تعديلات قانونية تعصف بضمانات التقاضى العادل وضمانات حقوق وحريات المواطن. فالسلطة التنفيذية تحتكر الاختصاص التشريعى، والرقابة على أعمالها وممارساتها غائبة. تستطيع منظومة الحكم ذلك، غير أنها لن تقضى على الإجرام الإرهابى بقوانين استثنائية وتعديلات قانونية قمعية، لأن مواجهته الناجعة تستلزم توظيف أدوات قانونية وأمنية ومجتمعية تحترم الحقوق والحريات ولا تتورط فى مظالم وانتهاكات وتمتنع عن العصف بمعانى العدل الضرورية للحفاظ على السلم الأهلى وعلى تماسك مؤسسات وأجهزة الدولة.

تستطيع منظومة الحكم فى مصر أن تتجاهل الخبرات المعاصرة لبلدان تمكنت من القضاء على الإرهاب أو من تجفيف المنابع البشرية والتنظيمية والمالية لعصاباته وإبعاد إجرامها عن المواطن والمجتمع والدولة، وجميع هذه الخبرات تدلل على النتائج السلبية لتورط الحكام والحكومات فى العصف بسيادة القانون وبالحقوق والحريات فى سياق مواجهة الإرهاب وعلى خطر تنامى البيئات المحلية القابلة للإرهاب والحاضنة للعنف حين يتراكم القمع والمظالم والانتهاكات. تستطيع منظومة الحكم ذلك، غير أنها ستفرض على الوطن أزمة طويلة المدى وعلى المواطن والمجتمع والدولة كلفة باهظة من غياب الحرية والأمن معا ومن تراجع السلم الأهلى وتماسك مؤسسات وأجهزة الدولة.

تستطيع منظومة الحكم فى مصر ألا تنصت للأصوات المتنوعة التى ترتفع اليوم من هوامش النقاش العقلانى ومن خانات البحث الرشيد عن سبل فعالة لمواجهة الإرهاب دون مقايضات سلطوية ودون تبرير فاسد للعنف، وأن تستخف بالمطالبة الموضوعية بالامتناع عن استخدام الإجرام الإرهابى للانقضاض على الحقوق والحريات وبإدراك أن تضامن المواطن والمجتمع مع مؤسسات وأجهزة الدولة فى مواجهة الإرهاب ــ ومع حضور التقدير الشعبى منقطع النظير للدور الوطنى، الذى تضطلع به القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة عصابات الإرهاب وللتضحيات الكبيرة التى يقدمها العسكريون والمدنيون الذين يجودون بحياتهم وبسعادة ذويهم دفاعا عن تراب الوطن وأمنه وحق الناس فى الحياة ــ يستدعى احترام سيادة القانون والتمكين للمشاركة الشعبية الجادة فى إطار حرية تداول الحقائق والمعلومات وحرية التعبير عن الرأى ومسارات تحول ديمقراطى لا تكمم بها الأفواه بقوانين قمعية وممارسات أشد قمعا. تستطيع منظومة الحكم ذلك، غير أنها ستكتشف سريعا وبثمن فادح سيتحمله المواطن والمجتمع والدولة أن هيستيريا تبرير الاستثناء والمقايضات السلطوية والمظالم لا تؤسس لتضامن شعبى حقيقى ولا تمكن على المدى المتوسط والطويل من التخلص من قابلية بعض البيئات المحلية للإرهاب واحتضان بيئات أخرى للعنف.

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات