خيارات التدخل المصرى فى ليبيا (٣) - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خيارات التدخل المصرى فى ليبيا (٣)

نشر فى : الثلاثاء 9 سبتمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 سبتمبر 2014 - 8:00 ص

أما سيناريو التدخل العسكرى المباشر فقد ذكرنا أن له صورا ثلاثا، أولها: الاجتياح الكامل، وثانيها: تكوين شريط حدودى، وآخرها الضربات الجوية المركزة. وقد شرحنا الصورة الأولى بالتفصيل متعرضين لنقاطها الإيجابية وآثارها السلبية ويمكن الرجوع إلى جزأى المقال السابقين لمزيد من التفصيل.

وبالنسبة للصورة الثانية لتدخل عسكرى مصرى مباشر ومنفرد فتتلخص بتوغل القوات المصرية بعمق مناسب لتكوين شريط حدودى آمن فى الداخل الليبى، وأساس هذه الصورة يعتمد بدوره على نقل المواجهة بالكامل إلى الداخل الليبى لكنها صورة محدودة للغاية إذا ما قورنت بسيناريو الاجتياح الكامل.

ومع هذا الافتراض تتركز العمليات العسكرية على الشرق الليبى دون غيره لاسيما وهو الأكثر سخونة والمعقل الرئيسى للميليشيات تكفيرية الهوى، وبالتالى يتجنب الجيش المصرى الآثار السلبية لمواجهة قبلية متعددة الأطراف بعمله على تحييد العنصر القبلى وتركيز مواجهته على الميليشيات التكفيرية وحدها.

النتيجة الوحيدة المضمونة هنا تنحصر فى إيقاف تهريب الأسلحة وتسلل المتطرفين عبر هذه البوابة، إلا أن النتائج السلبية لسيناريو مثل هذا لن تختلف كثيرا عن خيار الاجتياح الكامل، لأنها فى نهاية المطاف ستُكيف دوليا باعتبارها احتلالا لدولة ذات سيادة، مع ما يستلزمه ذلك من عقوبات اقتصادية متوقعة وحالة من العزلة الدولية وربما مواجهة مباشرة مع الدول الكبرى حفاظا على مصالحها فى ليبيا.

والأسوأ من ذلك أنه لا يمكن التنبؤ بسقف زمنى واضح لإنهاء عملية كهذه بل قد يستمر تمركز القوات المصرية بطول الشرق الليبى مدة طويلة تسمح باستهداف عناصر هذه القوات على المدى البعيد يتكرر معها تجربة إسرائيل فى الجنوب اللبنانى (١٩٨٢ــ٢٠٠٠).

وأمّا ثالث صور التدخل العسكرى المباشر وهو السيناريو المعروف عمليا بـ(العملية الجراحية) فسيلجأ فيها صانع القرار المصرى إلى ضربات جوية مركزة على أهداف أرضية منتقاة وقد يصاحب ذلك عمليات برية محدودة مكملة أو يُكتفى بالهجوم الجوى لتعضيد مجموعات أخرى توالى النظام المصرى.

فى هذه الحالة فإن عرقلة تقدم الميليشيات المسلحة على الأرض هو أقصى نتيجة مرجوة، بالإضافة إلى قطع طرق الإمداد الداخلى عنها، وإضعاف قوتها وتشتيت قدراتها الهجومية أمام الفريق الليبى الآخر، هذا بافتراض أن هناك نواة لقوات ليبية نستطيع مساندتها لبسط نفوذها واستعادة زمام الأمور.

من ناحية التزاماتنا الدولية فلايزال هذا السيناريو داخلا فى إطار الأعمال العدائية إلا لو وجد البرلمان أو الحكومة الليبية التى تطلب رسميا المساعدة بتوفير هذا الغطاء الجوى لقواتها فى حربها على الإرهاب، وهو ما يبدو صعبا حتى اللحظة وإن لم يكن مستحيلا بالإشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء الليبى فى هذا الصدد مؤخرا والتى سنشير إليها بعد قليل.

أزمة تنازع الشرعية فى ليبيا وتكافؤ القوى بين أغلب الأطراف المتناحرة يجعل من الصعب على أى منهم الانفراد بأخذ قرار كهذا دون معارضة شرسة من خصومه، وهذا أيضا ما سنوضحه بالتفصيل.

الخلاصة هنا أن احتمال لجوء القاهرة إلى سيناريو التدخل العسكرى (المنفرد) والمباشر بصوره الثلاث بعد استعراض آثارها السلبية يبدو احتمالا ضئيلا، إذ لازالت تجربة الجيش فى اليمن ثم تجربة (عراق صدام حسين) فى غزو الكويت ماثلة فى الخلفية يصعب إهمال دروسها المستفادة.

لكن ماذا عن تدخل عسكرى جماعى عربى أو دولى؟ ماذا عن تدخل غير مباشر استخباراتى أو لوجيستى لمؤازرة جهة بعينها؟