بنت البياعة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بنت البياعة

نشر فى : السبت 9 سبتمبر 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : السبت 9 سبتمبر 2017 - 9:25 م
نشرت صحيفة الرأى الكويتية مقالًا للكاتبة «ريم الميع» جاء فيه: فى طفولتنا، كان هناك فى كل حى تقريبًا شقة متواضعة مستأجرة أو ملحق تسكنها سيدة لديها أبناء كثر تقوم ببيع الحلوى والشوكولا والسكاكر فى بيتها بأسعار تنافسية مع البقالات. كنا نتهافت عليها، رغم منع أهلنا، كى نشترى أكثر بالمصروف نفسه.
كانت بنت البياعة معنا فى المدرسة تنظر إليها المعلمات وأولياء الأمور نظرة شفقة لحاجتها، وأحيانا يتصدقون لها بالثياب والأموال. أما نحن، فكنا نعتبر بنت البياعة حارسة البنك التى ستعلن لنا موعد افتتاحه، لنهجم عليه ونقتنى ما يمكن اقتناؤه.
البياعة غالبًا وافدة تسكن فى مناطق خارجية، وينظر إليها نظرة تكاد تكون دونية لفقرها فى زمن تحدثت مسرحياته عن تذمر الأغنياء من تقليد الفقراء لهم، حتى كاد المرء لا يميز ظاهريًا بين الغنى والفقير.
تغير المجتمع، صارت المهنة البسيطة التى تترزق بها بعض النسوة كالطبخ والخياطة وتصفيف الشعر أحيانًا للصرف على أيتام محل جذب للأغنياء، عندما حسبوا إيراداتها وقارنوها بمصاريفهم التى لا مورد لها سوى المصروف الذى يحصلون عليه من الأب أو الزوج. وهو إن كانت ميزانيته مفتوحة، إلا أن الاستقلال المادى مغرٍ.
عادت الظاهرة القديمة التى اختفت بعد اختلاف التركيبة السكانية بصورة جديدة. بياعة كشخة، وبنت البياعة ما فيها أجر ولا صداقتها تغر، لأن موعد البضاعة ونوعها وطريقة تسلمها معروف فى «السوشيال ميديا». وإن تم غالبا إخفاء اسم وهوية أصحاب «الهوم بزنس»، لكنهم معروفون بسبب صغر المجتمع الكويتى وكل يعرف أخاه. وصارت البياعة الغنية محل جذب أكثر، لأنها غير محتاجة، فتقدم أفضل من التى تضطر إلى تقديم سلع أقل جودة تحت وطأة الحاجة. لم يعد الناس يشترون للمساعدة، فتعاطفهم مع الفقراء قل عندما قل فقرهم وزادت أموالهم بسببهم.
وبدلا من أن يشكو الأغنياء من تقليد الفقراء لهم، صار يشكو الفقراء من تقليد الأغنياء لهم من دون أن يتعاطف معهم أحد، لأن الفقراء والأغنياء زملاء مهنة... بياعة واحدة فى «إنستجرام» اختلفت مسمياتها فى مجال البيع والشراء، تميز الغنى من الفقير فيها أن الفقير يصرف أكثر بطريقة استعراضية لما حصل عليه أخيرًا. أما الغنى الذى اعتاد الحياة المرفهة، فلا يرضى بالتبذير.
بنت البياعة الغنية لا تظهر فى «السوشيال ميديا» إلا بحساب «برايڤت»، وبنت البياعة الفقيرة صارت «فاشينيستا».
الدرس المستفاد من الحكاية، لا تسخر من فعل ثم تأتى بمثله، فمن سخرن من البياعة صرن بياعات، ومع ذلك بياعة عن بياعة تفرق، فالطبع يغلب التطبع.

جريدة الرأى ــ الكويت

 

التعليقات