رحلة الساعات الـ٢١ فى الطريق إلى الكتيبة ١٠١ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحلة الساعات الـ٢١ فى الطريق إلى الكتيبة ١٠١

نشر فى : الجمعة 9 أكتوبر 2015 - 12:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 9 أكتوبر 2015 - 12:50 ص
فى الخامسة من فجر يوم أمس الأول الأربعاء تحركت مجموعة من الصحفيين والإعلاميين من مقر إدارة الشئون المعنوية فى مصر الجديدة إلى شمال سيناء، وفى الثانية من صباح يوم أمس الخميس عادت لنفس المكان، فى رحلة استغرقت ٢١ ساعة كاملة.

الصحفيون رافقوا قافلة ضخمة سيرتها القوات المسلحة فى إطار المرحلة الثانية من عملية حق الشهيد بهدف استئناف عملية التنمية فى سيناء بعد إنجاز المرحلة الأولى من العملية العسكرية الضخمة ضد الإرهابيين والمتطرفين.

القافلة وصلت إلى مقر الكتيبة ١٠١ الشهيرة فى سيناء فى الخامسة من مساء الأربعاء، وطوال الـ١٢ ساعة توقف الوفد الإعلامى فى أكثر من نقطة للاطلاع على ما يدور فى هذه المحافظة بفعل الإرهاب والإرهابيين.

عندما عبرنا كوبرى السلام من طريق بورسعيد إلى سيناء، كنت أحاول أن أفهم لماذا تحولت سيناء إلى أرض للخوف والعنف والإرهاب. لكن طوال الطريق لم يكن هناك الكثير من العمران، قد يكون السبب أننا سرنا عبر الطريق الأوسط وهو مخصص فى معظمه للجيش، لكن الصحراء القاحلة وعجزنا الدائم عن زراعتها وتحويلها إلى مستعمرة بشرية، قد تكون أحد الأسباب لتحول سيناء أو جزء منها إلى هذه الحالة الصعبة.

اللواء كامل الوزير رئيس أركان الهيئة الهندسية قال لنا إن هذه القافلة الضخمة التى تضم مواد غذائية ومياها ومواد بناء وأدوات مدرسية هى المرحلة الثانية من عملية حق الشهيد، الأولى كانت لضرب الإرهابيين والثانية للتنمية، والعملية سوف تستمر، ــ أى ملاحقة الإرهابيين ــ وفى نفس الوقت استمرار البناء والتنمية من دون القضاء على الإرهابيين تماما أو على الأقل شل قدرتهم على حرية الحركة، فلن تنجح عملية التنمية بنسبة مائة فى المائة.

مثال ذلك أن الإرهابيين لا يستهدفون الجيش فقط بل كانوا يضربون كل من يريد الحياة فى سيناء، هم قتلوا مقاولين يحاولون العمل، ليسوا محسوبين على الحكومة أو الجيش، بل مقاول يريد العمل، أو صاحب سيارة تنقل الأسمنت والرمل لأحد مشروعات البناء، الإرهابيون يريدون منطقة قاحلة لا أثر فيها إلا للجهل والتخلف.

ولذلك فإن تأمين عمليات البناء والتنمية تأتى فى مقدمة كل شىء.

الهدف هو تأمين وتنمية منطقة المثلث: العريش ورفح والشيخ زويد

يقول اللواء كامل الوزير ومعه اللواء محسن عبدالنبى رئيس إدارة الشئون المعنوية إن غالبية مواطنى سيناء شرفاء ووطنيون ومحترمون، وقفوا طوال التاريخ دفاعا عن حدود مصر وقدموا تضحيات كثيرة، ولذلك حق على الدولة والقوات المسلحة أن تقف معهم. مضيفا أن غالبية العمالة والشركات التى حفرت قناة السويس الجديدة كانت من سيناء والمطلوب فقط من المواطن السيناوى أن يساعد الدولة قدر المستطاع على القضاء على الإرهاب، لأنه سيكون المستفيد الأول من هذا الأمر، يضيف «نحن لا نطلب منه القتال مع الجيش أو الشرطة، لكن ساعدونا لنمنع الإهاب، أنتم تعرفون بعضكم البعض، وإذا عرفتم إرهابيا قوموا بالإبلاغ عنه، حتى لا يتسبب فى دمار المنطقة بأكملها».

سألت اللواء السيد حرحور محافظ شمال سيناء عن شكاوى المواطنين من نقص الكثير من الخدمات خصوصا المياه والسلع التموينية، فقال إننا نبذل كل الجهد لكى لا يحدث هذا، أضاف أن مشكلة الإرهاب أنه يتحصن داخل تجمعات سكنية، هم لايزالون موجودين، لكن قافلة اليوم تعنى أننا نحقق تقدما فى القضاء عليهم. قابلت المواطن محمد إبراهيم أمام الكتيبة الشهيرة رقم ١٠١ التى تعرضت لتفجير دموى رهيب فى ٢٩ يناير الماضى.. وسألته عن رؤيته لمستقبل سيناء فقال عبارة بليغة هى «لازم نأمنها ونعمرها ونزرعها بشر»، وإذا تركناها كما هى سوف يرجع الإرهابيون، ومن وجهة نظره فإن الإرهاب ليس هو استخدام السلاح فقط، بل الأفكار، ويعتقد أن الأزهر والأوقاف مخترقون من قبل الإرهابيين والخلايا النائمة فى كل مكان.

مواطن آخر رجانى ألا أكتب اسمه قال لى: عملية حق الشهيد حققت نتائج طيبة جدا فى الشيخ زويد، لكن الأوضاع صارت أسوأ فى العريش، هناك عمليات قتل شبه يومية ضد أمناء وضباط الشرطة والمواطنين ولا يوجد دور فاعل لمديرية الأمن، صار هناك إرهابيون يقتلون بعض الشخصيات وسط الشارع وفى عز الظهر ويهربون دون أن يقبض عليهم أحد والنتيجة مقتل نحو ١٥ شخصا خلال شهر سبتمبر فقط، بل وصلت الجرأة إلى قتلهم شيخ قبيلة بعد أن انتقل إلى مدينة العبور فى القاهرة، وسبق لهم أن قتلوا غالبية أفراد أسرته فى سيناء.
من وجهة نظر هذا المواطن فإن الأمن لا يتحقق بالكمائن وفحص رخص المرور أو تحقيق الشخصية، بل بالمعلومات الساخنة التى تقبض على الإرهابيين قبل تحركهم.

لكن أحد كبار مسئولى محافظة شمال سيناء يقول إنه يعذر الأمن لأنه يواجه عدوا غامضا، يضرب مراكز ونقاط ثابتة، والأمن لا يستطيع أن يضرب عشوائيا، لأنه فى هذه الحالة سوف يتسبب فى خسائر هائلة للمدينة.

مواطن ثالث قال لى: إن الحل لا يكفى فقط أن أغلق الأنفاق أو أدمرها، المهم أن أوفر فرصة عمل للرجل الذى يعمل فى تجارة التهريب عبر الأنفاق، وبعدها أسعى إلى تغيير فكره. علينا أن نعى أن تجمع المتطرفين فى سيناء كان الأكبر فى الشرق الأوسط، كانوا يعدون المنطقة بمثابة عاصمتهم الاقليمية، لكن العمليات المستمرة من قبل الأمن المصرى دمرت جزءا كبيرا منهم والباقى لابد أن يشمل الفكر والتنمية، والأهم أن تستعيد الدولة ثقة كل أبناء سيناء أو غالبيتهم، المواطنون يريدون أن يعيشوا فى استقرار وأمن والإرهابيون قلة صغيرة جدا لكنها دموية، والدولة تبذل جهدا كبيرا، لكنه يكون عشوائيا فى أحيان كثيرة ولا يؤدى هدفه.

داخل الكتيبة ١٠١ كانت الصورة تشبه خلية نحل، لا يمكنك أن تتخيل أن هذه المنطقة هى التى شهدت هذا الانفجار الإرهابى المدوى فى مساء يوم الخميس ٢٩ يناير ٢٠١٣، وتسبب فى خسائر بشرية ومادية كبيرة معظمها طال المجلس القومى للمرأة وجانب من مقر محافظة شمال سيناء التى تقع بجوار الكتيبة.

الكتيبة محصنة جيدا والروح المعنوية للأفراد والجنود والضباط الذين قابلناهم مرتفعة، وهم يقولون إنهم يؤدون واجبهم ولا يخشون الموت لأنهم شاهدوا زملاءهم وأصدقاءهم وهم يتعرضون له. سواء فى عملية محاولة تفجير الكتيبة أو خلال العمليات الأخرى فى المنطقة.
قبل الوصول للكتيبة التقيت مع زملائى الصحفيين ببعض الطيارين الذين ينفذون عمليات قصف أهداف وتجمعات الإرهابيين، الجميع داخل الكتيبة وخارجها وكل من قابلناه من المسئولين رفض الإجابة عن السؤال الآتى: متى يتوقف الإرهاب تماما فى سيناء.. لكنهم جميعا يقولون إنه يقترب إذا حاربناه بالطريقة الصحيحة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي