حتى لا نصدر قانونًا معيبًا مرة أخرى! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى لا نصدر قانونًا معيبًا مرة أخرى!

نشر فى : الجمعة 9 نوفمبر 2018 - 11:55 م | آخر تحديث : الجمعة 9 نوفمبر 2018 - 11:55 م

أيهما أفضل لصورة مصر داخليا وخارجيا. أن نعيد النظر فى قانون الجمعيات الأهلية ونغيره ونعدله الآن، أم كان الأفضل أن يصدر بصورة صحيحة من البداية؟!

ليس هذا السؤال تحليقا فى الفراغ، أو غرقا فى السفسطة، أو تنظيرا فى المجهول، لكنه محاولة للوصول إلى طريقة تفكير مختلفة تجنبنا تكرار نفس الأمر.

قلت قبل أيام فى هذا المكان، وأكرر اليوم أن إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعادة النظر فى القانون ردا على سؤال إحدى الفتيات «بوستينا ثروت» بمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ، لأن به بعض العوار، أمر جيد وينبغى أن نشكر عليه رئيس الجمهورية، لأنه طبّق فضيلة العودة لتصحيح ما تم اكتشافه من خطأ فى مشروع القانون.

لكن مرة أخرى أعود إلى السؤال الذى بدأت به وهو لماذا صدر القانون من البداية معيبا؟!

سيقول البعض، ربما كانت هناك نوايا طيبة، لكن تم اكتشاف الخطأ بعد صدور القانون؟! والإجابة أن ذلك لم يكن دقيقا أو صحيحا. غالبية من كتبوا عن القانون حتى حينما كان مسودة ثم مشروعا وأثناء مناقشته وبعد إقراره، كلهم أشاروا إلى الثغرات الواضحة والقاتلة الموجودة فيه مثل الألغام المكشوفة.

وبالتالى علينا أن نذكر من أصروا على إصداره بهذه الصورة المعيبة، ونسألهم: لماذا لم تدرسوا الأمر بصورة هادئة ومدققة، ولماذا لم تقدروا ردود الفعل اللاحقة؟!!.

أعرف تفاصيلا كثيرة عن حجم الغضب والرفض الذى قوبل به القانون فى الخارج

خصوصا فى الولايات المتحدة وغالبية البلدان الأوروبية، وأهمها ألمانيا، لكن ما يشغلنى أكثر أن يكون لدينا قانون يحمى ويسهل ويشجع الجمعيات الأهلية المصرية. علينا ألا ننشغل بهجمات بعض المنظمات الاجنبية المعروفة، وعلينا ألا ننشغل كثيرا بطنطنة بعض المنظمات المصرية الصغيرة ذات الصوت العالى، والتى ملأ بعضها الدنيا صراخا فى السنوات الماضية. لكن علينا أن ننشغل بوجود قانون طبيعى وسوى ومرن لأن مصر تستحق ذلك. ورغم ذلك الأصل أن تكون هناك بنود ومواد واضحة وعادلة ومستقيمة، تنظم العمل الأهلى وتشجعه ولا يكون هدفها الأصلى هو القضاء على هذا العمل.

قلت قبل ذلك وأكرر الآن، على الحكومة أن تمنع بكل السبل أى تمويل غير شرعى وأن تكون الأمور كلها فى النور، وألا تكون هناك جمعيات تعمل بالعمل السياسى نيابة عن بعض الحكومات الغربية. لكن وللموضوعية فلا ينبغى أن تتحول كل الجمعيات إلى نسخة مشوهة تعمل تحت جناح الحكومة.

الهدف الجوهرى هو دعم وتشجيع العمل الأهلى والتطوعى والخيرى لدعم المجتمع بأكمله، خصوصا حينما نسمع الحكومة تشكو ليل نهار من صعوبة أن تقوم هى بحل كل المشاكل. على النواب وكل الأصوات الذين قاتلوا باستماتة لتمرير القانون الحالى وتبرير أخطائه أن يتذكروا المشهد الآن، ويتعظوا. كان أمامهم فرصة تاريخية أن يمرروا نسخة معدلة ومنقحة ومستقيمة ووسطية تحفظ الأمن القومى، لكنها لا تقتل كل الجمعيات وتؤممها بسبب حفنة جميعات أساء بعضها بصورة حقيقية لكل معانى العمل الأهلى والحقوقى وحوله إلى سبوبة، أو خلط بحسن نية بين العمل الأهلى والعمل الحزبى.

الدرس المستفاد مما حدث أخيرا، ألا يتمترس بعض النواب فى الدفاع عن مواد قد لا يكونون درسوها جيدا، وأن يفكروا فى صورتهم أمام أنفسهم وأمام ناخبيهم وأمام العالم أجمع، والأهم أن يفكروا فى صورة مصر.

زرت بلدانا كثيرة، وكان القاسم المشترك الأعظم فى النقاشات مع بعض ناشطى المجتمع المدنى خصوصا فى أوربا هو هذا القانون، لأنه يقيد العمل الأهلى تماما.

قلت لمن سألوا إن الفيصل بالنسبة لى، ألا تتحول بعض المنظمات والجمعيات إلى رأس حربة متقدم لأجندات سياسية أجنبية، وعليهم ألا يحاسبوا مصر بنفس المعايير الغربية نظرا للظروف الصعبة التى نمر بها نحن والمنطقة.

لكن أكرر مرة أخرى، أرجو أن يكون قرار تعديل قانون الجمعيات الأهلية درسا لكل نواب البرلمان، بأن يدرسوا ويفكروا ويبحثوا ويضعوا المستقبل أمامهم. وألا يتسرعوا فى الدفاع باستماتة عن قوانين، ثم يقوموا بتعديلها بنفس درجة الحماس ورغم كل شىء، فإن يتم تصحيح الخطأ متأخرا خير من ألا يتم تصحيحه أبدا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي