«وردة».. بلا لون أو رائحة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«وردة».. بلا لون أو رائحة

نشر فى : الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 - 8:20 ص

خدعنى الإعلان المبهر عدة مرات، فعلى غير العادة، بالنسبة للأفلام الروائية، يأتى هذا الإعلان بنكهة وثائقية، تؤكد بالصورة، الزعم بأن العمل «مستوحى من قصة حقيقية»: أمام بيوت إحدى القرى، تطالعنا، وجوه فلاحين من عمق الريف المصرى. يؤكد بعضهم أن الفتاة الخائفة، التى تطاردها والدتها، لجأت إلى «الزريبة»، فلبسها جن، وبينما يعلن أكثر من شخص أنه سمع عن الأمر، لكن لم يره بعينيه، نشاهد، مقطعا تليفزيونيا لمصطفى محمود، يقول، بمنطق شكلى «طالما يوجد ميكروبات وجراثيم لا نراها، فلماذا نستبعد وجود شياطين لا نراها».. ومع صوت صرخات غامضة، تنهمر علينا لقطات لمشايخ، وقساوسة، يحاولون إخراج العفاريت من أجساد ضحايا.. ويقال إن الفيلم للكبار فقط، ويستحسن عدم الجلوس فى الصفين الأولين، تجنبا للإحساس بالذعر، وعلى الأفيش الأحمر القانى، مكتوب «أول فيلم رعب مصرى».. أضف إلى كل ذلك، ورود اسم السينمائى المحترم، الموثوق فى قدراته، محمد حفظى، مؤلفا ومنتجا.

بعيدا عن مراجعة الادعاء بأن «وردة»، أول فيلم رعب مصرى، حيث يكفى تذكر أفلام محمد شبل، كى ندرك خطأ الادعاء، لا يبقى إلا الاستجابة لإغراء الإعلان.

شاهدت «وردة» فى صالة تكاد تكون خاوية، إلا من خمسة، أو ستة غلمان، أعمارهم أقل من «18» عاما.. جاءت ردود انفعالاتهم، على العكس تماما من المتوقع، فالسخرية والضحكات تتصاعد مع توالى الأحداث والمواقف.

يبدأ الفيلم بوصول «وليد»، ابن الأسرة، من هولندا، مع صديقته، بعد وفاة والده بخمس سنوات. والدته، تستقبله بسعادة، كذلك الحال بالنسبة لشقيقه الصغير «يوسف». لكن شقيقته، الصغيرة، التى لم تغادر الطفولة بعد ــ وردة ــ ذات الملامح الجامدة، تستقبلهم بتجهم الأم، تشير من طرف خفى، لوقوع بعض الأعمال المزعجة، المقلقة، التى ترجعها، ويوافقها «وليد»، أنها من فعل العم الذى يطمع فى الاستيلاء على الأرض.

«وليد»، عاشق التصوير بكاميرا موبايل، يلاحظ أشياء غريبة وغامضة، يسجلها بجهازه ويراجعها على «اللاب توب».. وعلى طريقة أفلام الرعب، يستخدم المخرج، هادى الباجورى، المفردات التقليدية: صوت صرير الأبواب، تكسير زجاج، نوافد تفتح وحدها، انفجار مصابيح كهرباء، رياح مفاجئة، مرايا، مناطق معتمة فى الصورة، صراخات فجائية.

كاميرا وليد، هى وسيلة الرؤية، يحملها بيد مهزوزة، تزعج عين المتابع، وتغرق فى الظلام، كل عدة دقائق، الأمر الذى يجلب إحساسا بأن الفيلم بلا بناء، تتراكم مشاهده كما الكراكيب، وتؤكد الأم لابنها، أن شقيقته مريضة، بداء غامض، لم يستطع الأطباء معرفة سره.

يتخبط الفيلم، مستعينا، ببعض مواقف «طارد الأرواح الشريرة» لوليم فريد كين 1973، الذى كان بداية لموجة أفلام رعب فى أمريكا وأوروبا، ويحكى عن طفلة مسكونة بالأرواح الشريرة، وتحاول والدتها انقاذها، مستعينة بأكثر من قس، بلا جدوى.. استبدل الفيلم المصرى الكاهن المسيحى، بشيخ طيب، عاقل، يفشل بدوره فى شفاء «وردة» التى لا نراها إلا لماما.

تحكى الأم لابنها عن تغيرات، أو تدهورات «وردة»، وكيف انها حاولت قتلها. هذه المعلومة، مثل غيرها، نعرفها عن طريق السرد كلاما، وليس بالصورة، وهو الأمر الذى يتسم به الفيلم، بما فى ذلك معلومة أن للأسرة، ابنة أخرى، ماتت فى ظروف غامضة.

ما بين إظلام منتظم، وشذرات من مشاهد، تغادر صديقة «وليد» القرية، وفى غيابه، تحتضن الأم ابنتها بحنان.. لكن «وردة»، تنقلب سحنتها، وبدفعة من كفها على جبهة الأم، ينكسر عنق الأخيرة، فى اللحظة التى يصل فيها «وليد».. ما أن يفتح باب الحجرة، حتى يطير فى الهواء، نحونا، ويكاد يرتطم بنا.. هكذا، مما دفع الغلمان، فى صالة العرض للضحك والسخرية.

يموت «وليد»، كما الحال لشقيقه «يوسف»، وشقيقته الصغرى، حيث تؤكد «وردة» أنها الشقيقة وليست «وردة»!.. وفى تحقيقات النيابة، نرى صديقة المرحوم، بإذن الله، وليد، وهى تؤكد، مبتسمة، أن لا تفسير لديها لكل ما حدث.. وينتهى الفيلم، بلا هدف أو معنى أو متعة.. لقد خدعنى الإعلان.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات