النضال بتغيير صورة البروفايل! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النضال بتغيير صورة البروفايل!

نشر فى : السبت 9 ديسمبر 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 9 ديسمبر 2017 - 9:30 م

«خبر عاجل ــ الجامعة العربية تهدد وتتوعد الولايات المتحدة بإذاعة أوبريت الحلم العربى بأعلى صوت ممكن». الفقرة السابقة كانت واحدة من أكثر الفقرات الساخرة تداولا على مواقع التواصل الاجتماعى فى وصف ردود الفعل العربية والإسلامية على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مساء يوم الأربعاء الماضى، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.

فى الماضى كنا نسخر من بعض حكوماتنا وأنظمتنا العربية والإسلامية بأن اقصى ما تستطيع فعله، أنها تشجب وتستنكر وتدين الاعتداءات والإجراءات والقرارات الصهيونية والأمريكية، بحق فلسطين المحتلة. لم نكن نعرف وقتها، أننا سنصل إلى زمن، لا نملك فيه الجهر بالشجب والإدانة القاطعة، حتى لو كان خاليا من أى مضمون أو آلية للتنفيذ. اليوم صار الحد الأعلى لما تفعله بعض الحكومات العربية، ردا على قرار نقل السفارة للقدس هو الإعراب عن القلق!.

لكن كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟!.

لا أتحدث عن الضعف والهوان العربى بسب عجز وفساد وخيانة بعض الأنظمة والحكومات، أو تواطؤها مع إسرائيل وأمريكا عمليا. كثيرون كتبوا فى هذا الموضوع وأوسعوه شرحا وتفسيرا و تحليلا، لكن ما أقصده هو كيف وصل حال غالبية الشعوب إلى أن تصاب بنفس العدوى، التى أصابت الحكومات والأنظمة؟

من بين أكثر «البوستات» تداولا على وسائل التواصل الاجتماعى بعد قرار ترامب، كان ما يلى: «نحن أمة عندما تغضب فإنها تهدد بتغيير صورة البروفايل على الفيسبوك، لمدة يومين فقط، ثم تعيدها مرة أخرى إلى الصورة العادية».

لا أقصد بالكلام السابق أن أدين المواطنين العاديين، وأحملهم المسئولية، لكن أحاول أن أناقش، كيف وصلت بنا حالة الكسل والتراخى والبلادة أن نتعود على النضال الفيسبوكى فقط؟!

مرة أخرى، لا أدين أن يتضامن المواطنون العرب فى كل مكان مع القدس أو أى قضية قومية، عبر الفيسبوك، فهو مظهر جيد، ويدل على أن نبض الأمة لا يزال حيا، وأننا نتوحد فى اللحظات الحاسمة، مهما كانت الخلافات بيننا، وشخصيا فكرت فعلا فى أن أغير الصورة الرئيسية لحسابى، إلى العلم القلسطينى، مرفرفا فوق قبة الصخرة، بديلا للوحة صلاح عنانى عن عظماء مصر ومبدعيها. لكن لا يعقل أن يكون تغييرصورة البروفايل أو انتقاد وسب ترامب وإسرائيل والأنظمة العربية هو كل شىء!!!.

للأسف الشديد صار مستوى الوعى لدى قطاعات عربية كثيرة منخفضا جدا، ومشوشا ومرتبكا أحيانا، ليس فقط على مستوى الحكومات، لكن على مستوى بعض النخب والمواطنين.

على سبيل المثال نحن جميعا انتفضنا وغضبنا بشدة بسبب قرار ترامب الأخرق والمستفز والمنحاز، لكن نسينا أن أصل المشكلة هو احتلال إسرائيل لكل فلسطين منذ حرب مايو 1948، ثم احتلالها للقدس وغالبية الضفة منذ 5 يونيو 1967، ثم حصارها لغزة ورام الله منذ توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 وحتى هذه اللحظة.

ماذا يعنى هذا السلوك والتصرف والتعود عليه؟!.

لا أعرف توصيفا دقيقا مهذبا له، لكن ببساطة، يعنى أننا نسينا أصل المشكلة، أو نحاول تناسيها، ونتعلق بالفروع والقشور؟!

هل يعنى ذلك أن قرار ترامب ليس مهما؟!

إطلاقا، هو قرار خطير، وقد يؤدى إلى قيام دول أخرى بتقليده، مثلما فعلت تشيكيا والفلبين.
لكن أتمنى أن نركز على أصل القضايا، وهو الاحتلال الصهيونى لكل فلسطين، خصوصا القدس. وأن استمرار هذا الاحتلال العنصرى البغيض سببه الجوهرى هو انقساماتنا وخلافاتنا العربية، وخصوصا الانقسامات الفلسطينية بين حماس وفتح. هل نلوم ترامب لأنه نقل السفارة، وننسى أن قادة فلسطين لا يريدون التوحد وهم تحت الاحتلال من أكثر من عشر سنوات؟!!.

على المواطنين العرب وهم يمارسون عادة النضال عبر الفيسبوك أن يجتهدوا ويفرقوا بين الأصول والفروع والهوامش، وأن يوجهوا الغضب فى الاتجاه الصحيح، بدلا من استهلاك صحتهم فى هذه العادة القبيحة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي