الأزمة الروسية الإسرائيلية على سوريا تفتقر إلى استراتيجية للخروج - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 2:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأزمة الروسية الإسرائيلية على سوريا تفتقر إلى استراتيجية للخروج

نشر فى : الأحد 9 ديسمبر 2018 - 11:40 م | آخر تحديث : الأحد 9 ديسمبر 2018 - 11:40 م

نشر مركز بيجن ــ السادات للدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتب «Yaako Lappin».. يتناول فيه الأزمة بين إسرائيل وروسيا، على خلفية دورهما فى سوريا فى ظل تصادم المصالح بينهما.

إن الأزمة فى العلاقات الروسية ــ الإسرائيلية والتى أعقبت إسقاط طائرة روسية فى سبتمبر الماضى تفتقر إلى وجود استراتيجية للخروج، كما أنها أدت إلى توترات شديدة فى الساحة السورية حيث تسعى روسيا للضغط على إسرائيل حتى تتراجع عن ضرباتها الجوية فى سوريا، خوفا من أن تعرض هذه الضربات استقرار نظام الأسد للخطر. حيث شنت موسكو حملة جوية مدتها ثلاث سنوات لدعم نظام الأسد فى دمشق، ودعم حلفاء النظام الشيعة الذين يقودهم الإيرانيون.
لقد تمكن الروس من إبراز وترسيخ قوتهم فى «قلب» الشرق الأوسط، وتأمين ميناء بحرى، وقاعدة جوية، ومركزًا للنفوذ الإقليمى، مع تحدى دور أمريكا الإقليمى هناك. ولكن الصراع الإسرائيلى ــ الإيرانى المستمر على الأراضى السورية يمكن أن يعرض تلك المكاسب الروسية للخطر عن طريق جر النظام السورى إلى الصراع، وهذا يعنى أن المصالح الروسية والإسرائيلية بدأت تتصادم وتتعارض.
لقد أوضح «نتنياهو» ــ رئيس الوزراء الإسرائيلي ــ أن إسرائيل لن تسمح لإيران بتشكيل قواعد للهجوم فى الأراضى السورية، على الرغم من موقف روسيا الجديد ضد حملة «الحرب بين الحربين War Between the Wars» الإسرائيلية فى سوريا.
***
وتدل سلسلة من المؤشرات خلال الأسابيع الأخيرة إلى أن تل أبيب وموسكو لم يتمكنا من نزع فتيل الأزمة، بعد أن وضعت روسيا مسئولية حادث الطائرة الروسية العسكرية فى 17 سبتمبر الماضى على إسرائيل.
ومنذ فقدان طائرة «جمع المعلومات الاستخباراتية»، رفضت روسيا سلسلة من المحاولات الإسرائيلية لإعادة إصلاح العلاقات، بما فى ذلك إرسال وفد عسكرى إسرائيلى رفيع المستوى إلى موسكو فى 20 سبتمبر، برئاسة قائد القوات الجوية الميجر جنرال عميكام نوركين، لاطلاع المسئولين فى سلاح الجو الروسى على ما حدث.
وأعربت إسرائيل عن أسفها لوفاة 15 من أفراد أطقم الطائرات الروسية، وأوضحت أن طائرات سلاح الجو الإسرائيلى ضربت مكونات إيرانية لتصنيع صواريخ موجهة بدقة حيث تم تخزين الأسلحة الإيرانية فى منشأة للقوات المسلحة السورية فى اللاذقية، على الساحل السورى، على بعد 25 كم شمال قاعدة حميميم الجوية الروسية، والتى كانت فى طريقها إلى حزب الله فى لبنان. ويبدو أن هذا كان محاولة إيرانية لاستخدام روسيا كغطاء لزيادة الأسلحة. حيث كان الحرس الثورى الإيرانى يراهن على أن إسرائيل لن تضرب فى هذه المنطقة الحساسة. وقد ثبت كذب هذا الافتراض.
ووفقا لإسرائيل، أطلقت أنظمة سوريا المضادة للطائرات وابلًا من النيران غير الدقيقة، وأصابت الطائرة الروسية، فى الوقت الذى كانت الطائرات الإسرائيلية تقترب فيه بالفعل من قواعدها للهبوط. لكن هذه التفسيرات رفضت من قبل روسيا.
فى 8 أكتوبر الماضى، ظهرت تقارير إعلامية تعلن عن أن نتنياهو أُجبر على إلغاء اجتماع مخطط له مع الرئيس بوتين فى باريس. ومع ذلك، تمكنوا من الاجتماع على هامش الاحتفال بمئوية الحرب العالمية الأولى فى أحدث محاولة للتعامل مع الأزمة.
وذكرت تقارير إعلامية أخرى فى الأسابيع الأخيرة أن وزير الدفاع السابق ليبرمان لم يتمكن من إعادة تأسيس قناة اتصال مع نظيره الروسى، سيرجى شويغو، الذى أصدر بيانات تهاجم إسرائيل فى أعقاب حادث الطائرة. ومن الجدير بالذكر أن ليبرمان وشويغو كانت تربطهما علاقات جيدة فى السابق.
***
لقد ترجمت روسيا سياستها الجديدة فى سوريا إلى تحركات فعلية عن طريق نقل أربع بطاريات Sــ300 إلى نظام الأسد. ويعتقد الآن أن طواقم الدفاع الجوى السورية تخضع لتدريب تتعلم فيه كيفية استخدام هذه الأنظمة، التى يمكنها اكتشاف وتتبع حركة النقل الجوي ــ بما فى ذلك المرور المدني ــ فى عمق إسرائيل.
لقد صعدت موسكو فى الأسابيع الأخيرة اعتراضها على الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية فى سوريا. وأعلن وزير الخارجية سيرغى لافروف فى 5 نوفمبر الماضى أن الهجمات لن تحسن الوضع الأمنى لإسرائيل، وانتقد ما وصفه بجهود التنسيق الإسرائيلية غير الكافية مع القوات الروسية. وهذه الخطوات ترقى إلى سياسة روسية جديدة تفرض ضغوطا كبيرة على إسرائيل لتقليص ضرباتها الجوية. ومع ذلك، فقد نشرت وسائل الإعلام الدولية تقارير عن استمرار الضربات الإسرائيلية فى تهديد الأنشطة الإيرانية فى سوريا، وهذا يعنى أن حملة روسيا لم تحقق أهدافها حتى الآن.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت روسيا مستعدة أو قادرة على ممارسة ضغوط فعالة على إيران لتقليص بنيتها التحتية العسكرية فى سوريا، والتى يمكن استخدامها فيما بعد لمهاجمة إسرائيل. وإلى أن تتوقف إيران عن محاولة بناء آلة حرب فى سوريا، لن تستجيب إسرائيل لمحاولات الحد من حملتها الاستباقية.
***
ويضيف الكاتب أن التوقعات بالنسبة إلى الساحة السورية مقلقة للغاية. ومن الآمن أن نفترض أن سلاح الجو الإسرائيلى قادر على التغلب على أنظمة Sــ300، بما فى ذلك من خلال استخدام طائرة Fــ35 الجديدة الإسرائيلية. حيث تم تصميم هذه الطائرات خصيصا لاختراق والتعامل مع الدفاعات الجوية الروسية المتقدمة الصنع.
ومع ذلك، فإن الانفصال الواضح بين القيادتين الإسرائيلية والروسية يعنى أن جزءا هاما من آلية التنسيق الثنائية لمنع الحوادث المؤسفة فى الأجواء السورية قد تضرر. لقد كانت آلية التصالح التى أنشأتها إسرائيل وروسيا فى بداية العمليات الجوية الروسية فى عام 2015 فعالة حتى تدهور العلاقات. وامتدت من أعلى المستويات الحكومية وصولا إلى وحدات القوات الجوية، ولكن هذا التعاون أصبح أقل فعالية اليوم. يبدو أنه من المحتمل أن يكون للأزمة الدبلوماسية تأثير سلبى على التنسيق بين القوتين الجويتين.
فى الماضى، كانت أنظمة الدفاع الجوى الروسية فى سوريا – أنظمة Sــ300 و Sــ400 موجودة لحماية القواعد الروسية. الآن، تقوم موسكو بتوصيل هذه الأنظمة لنظام الأسد بهدف السماح لدمشق بتهديد الطائرات الإسرائيلية. لذلك قد يكون الأمر مسألة وقت فقط قبل أن يحاول السوريون استخدام أنظمة صواريخ Sــ300 لإطلاق النار على الطائرات الإسرائيلية. وفى حال حدوث مثل هذا السيناريو، يمكن أن يتم إلزام سلاح الجو الإسرائيلى بتدمير مصدر النار لحماية نفسه.
ويستطرد الكاتب قائلا إن آثار هذه الحادثة لا تزال غير معروفة. بالإضافة إلى ذلك، فإن نظام الأسد، المتحالف بشكل وثيق مع إيران، يمكن أن يرتكب خطأ فادحا باستخدام الـ Sــ300 لتهديد الحركة الجوية المدنية الإسرائيلية. على الرغم من أنه من غير المرجح أن يسعى الأسد، المنشغل فى تعزيز انتصاراته، إلى حرب جديدة مع إسرائيل، إلا أن ردود الأفعال يمكن أن تجره إلى ذلك.
على المستوى العملى، من الآمن أن نفترض أن سلاح الجو الإسرائيلى قد تعلم كيف يظل مختفى (لا يمكن الكشف عنه) من قبل القوات الأجنبية فى المنطقة، بما فى ذلك روسيا وأنظمة الرادار الخاصة بها. وهذا ضرورى للحفاظ على عنصر المفاجأة. بالإضافة إلى ذلك، ستواصل إسرائيل فرض خطوطها الحمراء ضد إيران، بمعنى أنها ستكون لها ردود فعل قوية عندما تقوم إيران بضم أنظمة أسلحة متطورة إلى سوريا أو تستخدم سوريا كطريق تهريب لتسليح حزب الله.
***
إن التطور الوحيد الذى يبدو من المرجح أن ينزع فتيل الأزمة الإسرائيلية الروسية سيكون انسحابا إيرانيا من سوريا ــ لكن إيران أظهرت أنها ملتزمة بهدف أن تصبح قوة مهيمنة إقليميا، رغم الضغوط المتزايدة فى الداخل ومن إدارة ترامب. إلا أنه سيكون المستقبل القريب حاسما فى معرفة كيف ستتصرف إسرائيل وروسيا وإيران فى هذا الوضع الخطير، وكيف ستدعم الولايات المتحدة حليفتها الإسرائيلية بينما تتنقل إسرائيل إلى التحديات المتغيرة فى سوريا.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:  من هنا

التعليقات