نحو رؤية شرق أوسطية للمستقبل - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحو رؤية شرق أوسطية للمستقبل

نشر فى : الخميس 10 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 10 يناير 2013 - 8:00 ص

 

 تحت هذا العنوان عقد مؤتمر فى عمان (الأردن) من 17ــ 20 ديسمبر بدعوة من د. مترى الراهب رئيس مجموعة ديار بفلسطين بالتعاون مع المعهد الملكى للدراسات الدينية تحت رعاية الأمير الحسن بن طلال والذى قام بافتتاح المؤتمر وشارك فى فاعلياته، وهذا المؤتمر هو بداية لمشروع أملاه انبثاق «الربيع العربى» والذى أدى إلى انفتاح نافذة ضخمة مليئة بالأمل فى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ثم ما لبثت أن استقبلت ذات النافذة رياح وأعاصير الشكوك التى تعلن أن هذا الربيع العربى ماهو إلا محاولة تشكيل شرق أوسط جديد يُفّصل فى أروقة بعض الدول الغربية والعربية بهدف حل القضية الفلسطينية حلاً نهائياً من خلال حكم الإسلاميين لبلاد الربيع العربى وتوطين الفلسطينيين فى سيناء. ولقد تردد الحديث عن اتفاقيات سابقة ولاحقة لانبثاق الربيع العربى مع الاسلاميين خاصة بهذا الشأن، ولقد أشار الأمير الحسن إلى شئ من مثل ذلك فى كلمته مما دعا الأستاذة أمينة شفيق الصحفية أن تغضب فى مداخلتها معلقة: هل وجودى الدائم فى ميدان التحرير وابنتى فى الاتحادية كان مؤامرة استعمارية؟! إن هذا مستحيل!!! وبالطبع يمكن أن ندرك المخاوف التى تجتاح البلدان التى لم تجتز فى الربيع العربى بعد، وإن كانت كلمات الأمير الحسن مع تداعيات الأحداث ومواقف الدول الغربية وبعض دول الخليج من حكم الإسلاميين تثير عدة علامات استفهام، ويمكننى تلخيص اللقاء لك ــ عزيزى القارئ ــ فى قضيتين محوريتين الأولى هى التحديات التى تواجه البلاد العربية اليوم والثانية هل يمكن تشكيل رؤية شرق أوسطية مشتركة.

 

أولاً ــ التحديات التى تواجه البلاد العربية اليوم:

 

 1 ــ تحدى التاريخ: 

 

لقد مرت المنطقة العربية بأربع حقب فى العصر الحديث كما تحدث عنها د. مهدى عبدالهادى رئيس الجمعية الفلسطينية للشئون الدولية بدأت بالحركة القومية 1921ــ 1948 وتتلخص فى القوميين الليبراليين العرب ثم جاءت حقبة حكم العسكر 1948ــ 1981 وتقدمتها جنرالات الجيوش العربية ثم حلت حقبة الإسلام السياسى 1981ــ وفى عام 2011 قامت ثورات الربيع العربى والتى فيها سقط حاجز الخوف وقناع النظام والأمن المركزى من خلال انتفاضة الشعوب وأدوات الاتصال والتواصل الاجتماعى.

 

وفى هذه اليقظة حدث التكامل بين الهويات الأربع وقد لخصت بالقول «دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية ومنظمة سياسية اقتصادية مدنية ليبرالية متطورة»، والسؤال هو كيف يكون هذا التاريخ الذى يحمل معه امتزاج الايديولوجيات بعد سقوطها وتطور اللغة وانفتاح الهوية ليكون منطلقاً لمستقبل أفضل للمنطقة.

 

 2 ــ تحدى الدساتير والتشريعات:

 

وفى بحث قدمه د.نبيل عبدالفتاح يقول لقد وجدت هذه الثورات تحديا خطيرا فى الدساتير والتشريعات التى يجب أن تصيغها ومن أهمها إشكالية النقص الشديد فى الأدبيات العربية لمفهوم حكم القانون وكيف لواقعنا العربى أن يتعامل مع كل ذلك.

 

وإلى أى مدى يكون الدستور أو القانون عادلاً؟! ماذا لو كان القانون مجحفا بحق المرأة مثلا أم بطبقة معينة من البشر؟ هل يعتبر دستوراً عادلاً بالمقاييس العالمية؟ أم دستوراً فى طور التكوين أو لايعتبر دستوراً من الأصل؟

 

ثم ما هو الفارق بين القانون والحقوق؟ فالقانون يساوى بين البشر، أما الحقوق فهى الامتيازات التى يقر بها هذا القانون لفرد أو مجموعة من الأفراد، وكيف يتحقق ذلك التوازن؟

 

 3 ــ تراجع الأمة:

 

فبرصد الأحداث من حولنا نجد أن هناك تراجعا فى الحالة الأمنية وفى الموقف من المرأة ومن الفهم الحقيقى للفقه وتفسيره وفى تزايد الضعف العربى مقابل قوة إسرائيل، وفى تراجع ثقافة الخصوبة (النهر) مقابل ثقافة الصحراء (النفط)، هذا فضلا على الأموال التى تنفق على التسليح.

 

 4 ــ تحدى أسئلة بلا إجابة:

 

أ ــ سؤال.. كم من الدين فى الدولة والعكس؟ هل نريدها دولة مدنية أم دولة علمانية أم دولة دستورية ديمقراطية؟

 

ب ــ ما الذى يجمعنا؟ الدين أم العروبة؟ أم هنالك شىء ثالث لم نعرفه بعد؟

 

ج ــ المرحلة الانتقالية: ما هى سياسات إدارة الانتقال؟ كيف نصل وبم نهتدى؟هل بتجارب عالمية عن التسلط الدينى والسياسى؟ ام بحقوق الإنسان كمعايير دولة؟ فالحكام الجدد يهتدون بتجارب التسلط الدينى والسياسى بينما الشارع يهتدى بحقوق الانسان كمعايير دولة!!

 

ثانيـًا ــ ضرورة تشكيل رؤية شرق أوسطية مشتركة:

 

نعرف من خلالها مواقع أقدامنا والهدف الذى نصبوا إلى تحقيقه، فحركة التاريخ لم تأت إلى نهايتها بعد، وهناك تفاعلات متناقضة مما أدى إلى غياب رؤيا جماعية والرؤيا لابد وأن تكون أكثر من الواقع دون أن تنكر ذلك الواقع. وتعريف الرؤيا هو ما يجب أن يكون عليه المستقبل وهذا التعريف يوضح أن الرؤيا ليست مجرد نبوءة بالمستقبل فالتنبؤ بالمستقبل يبنى على تحليل الواقع ووضع فروض معينة يكون من المحتم أن تصل هذه الفروض إلى نتائج، والنتائج هذه هى التى تشكل المستقبل ولعلنا نلاحظ ان هذا التعريف لا يتدخل فى صنع المستقبل من قريب أو بعيد لكنه يتحدث عن مستقبل حتمى يأتى نتيجة لفروض حاضرة، وأيضا الرؤيا ليست أحلام يقظة، فالمتفائلون أبداً أولئك الذين يحلمون وأرجلهم فى الهواء، ويتخيلون أموراً من المستحيل تحقيقها، أما الرؤيا فهى أن تقوم الشعوب بصياغة رؤيتها للمستقبل ثم تعمل على تحقيقها رغم الصعوبات وهوما يعنيه تعبير «يجب» « فى تعريفة الرؤيا: ما يجب أن يكون عليه المستقبل»، أى أن المستقبل ليس مجرد أمنيات ولا نتيجة حتمية للحاضر لكنه يتشكل بسواعد رجال يؤمنون برؤيا لبلادهم ويعملون على تحقيقها ولا يستطيع شعب من الشعوب أن يضع رؤيا لحاضره ومستقبله ويصيغها فى جملة مفيدة وهو يكبل عقله بأيديولوجية معينة مهما كانت دينية أو قومية أو ليبرالية أو يسارية لذلك لكى نصيغ رؤيا علينا أولاً أن نطلق العقل من أساره ونحرره أو بمعنى أبسط حرية أن نفكر وبعد تحرير العقل علينا أن نتفهم اختلافاتنا الفكرية والجنسية والعرقية والثقافية. والرؤيا لها ثلاثة أبعاد: أولها التاريخ، والتاريخ يقدم بعداً مذهلاً لأصحاب الرؤى، لأنه يحتوى خبرات الماضى للجماعة (الفشل والنجاح) وإعادة دراستها لصالح المستقبل أى تحليل تاريخ الشعوب التى تريد أن تضع رؤيتها للمستقبل أما البعد الآخر للرؤيا فهو الخصوصية، فلكل شعب رؤيته التى تنبع من بيئته الخاصة، ولا تصلح رؤيا ناجحة لشعب ما أن يأخذها شعب آخر ويحققها، فلقد ثبت فشل كل الرؤى التى استوردت من الخارج وأخيراً أن تكون رؤيا مبدعة ـ أى تجديدية ـ بمعنى أن أصحاب الرؤى لابد وأن يفكروا خارج الصندوق، أى ليس تفكيرا تقليديا، لكن الملاحظ فى كل بلاد الربيع العربى أنهم مازالوا يعيدون نفس رؤى الأنظمة السابقة لكن باختلاف الأشخاص والأيدولوجيات، فمصر مثلاً كانت تحكم عسكرياً بأيديولوجية قومية واليوم تحكم بأيديولوجية دينية والصراع الدائر الآن بين القومى والدينى وهكذا فى تونس واليمن وسوريا....إلخ.  

 

•••

 

فى النهاية ــ عزيزى القارئ ــ اضع امامك عدة علامات تعجب كانت تدور فى أفق المؤتمر، نحتاج معاً أن نتأملها:

 

 ــ الخارجية الأمريكية تحّضر ملف التفاوض ليس مع الحكومات لكن مع الشعوب هذه المرة!!!

 

 ــ أوروبا والفاتيكان يتساءلون عم سنفعل فى الفراغ العلمى والتربوى فى بلادنا!!

 

 ــ كيف يحول الفقه المتشدد النص الدينى المتسامح إلى معنى غير إنسانى!!!

 

 ــ ملك السعودية يؤسس معهدا للحوار بين الأديان فى فينا!!!

 

 ــ نحن العرب لسنا فى حاجة إلى خصوم!!

 

 

 

أستاذ مقارنة الأديان

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات