كوميديا.. بطعم الكآبة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كوميديا.. بطعم الكآبة

نشر فى : الثلاثاء 10 فبراير 2015 - 8:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 10 فبراير 2015 - 8:15 ص

محمد هيندى تمتع بحضور محبب منذ بداياته فى أدوار صغيرة مع يوسف شاهين فى «إسكندرية ليه» 1979 وخيرى بشارة فى «يوم مر يوم حلو» 1988 .. توالت أدواره .. زادت مساحاته.. انتقل اسمه من الهامش إلى المتن ثم بجدارة إلى الصدارة فأصبح الفيلم لا ينسب إلا له، لا للمخرج ولا للبطلة.. يرجع النجاح إلى موهبة بساطة وصدق فى الأداء، درجة عالية من عفوية تتحاشى المغالاة يمثل وكأنه لا يمثل، صاحب صوت متميز معبر تنطلق عقيرته أحيانا بأغنيات أقرب للمونولوجات بعضها يحقق شعبية هائلة مثل «كمننا» التى رددها مع محمد فؤاد فى «إسماعيلية رايح جاى» 1997.

انتقل هنيدى بشخصياته القادمة من قلب الحياة الطبقة المتوسطة فى الحوارى ومن الصعيد من فيلم لآخر ساخرا من الأوضاع الاجتماعية والأخلاقية معبرا عن موقف احتجاجى خفيف لا يخلو من دفاع عن نماذج تحلم بعدالة غائبة يضع جاكتة البيجاما داخل بنطالها ليلعب الكرة الشراب، يسافر إلى بلاد بعيدة بحثا عن رزق عزيز المنال فى وطنه، يستخدم عجلة الذهاب إلى المدرسة حين يعمل فى تدريس اللغة العربية ولاستكمال ملامحه الريفية يطلق شاربا كثا وصغيرا فضلا عن نظارة سميكة الزجاج.

دخل هنيدى القلوب.. غدا قادرا على إثارة البهجة قادرا على الاضحاك فى وقت يفتقر إلى أسباب الطمأنينة تهيمن عليه أجواء القلق.

أخيرا يقدم «يوم مالوش لازمة» لأحمد الجندى الذى أقبل عليه جمهور واسع، علامات البشر واضحة على وجوه يتوقع أصحابها قضاء ساعتين من المواقف الطريفة الضاحكة التى توفرها غالبا أفلام هنيدى.

هذه المرة تستغرق الأحداث يوما واحدا، بطلنا أصبح ميسور الحال بعد عمله فى إحدى دول الخليج.. ينجح بعد عناء فى تحديد موعد زفافه على شقيقة صديقه الرافض لهذه الزيجة لأسباب لا يعلنها بعد فاصل للعروس ريهام حجاج فى عيادة تجميل يديرها طبيب غشيم يجعل وجهها منتفخا بالإضافة لفاصل آخر من النقار بين والدته هالة فاخر ووالدة العروس ليلى عز العرب ينتقل الفيلم إلى الفندق ولا يغادره إلا لماما.

الملاحظة الأولى على مدخل الفيلم ذلك الخمول الأدائى عند معظم الممثلين بما فى ذلك نجمنا اللامع الذى بدا كسولا، الكلام لا يخرج من فمه كما لو أنه يردد شذرات محفوظات، ربما لم يجد فى الحوارات المنطفئة ما يستحق الجهد فثمة مهاترات سقيمة تندلع بينه وعروسه فهى ترفض أن يرتدى البذلة الغالية التى اشتراها من الخليج ويصر على اراتدائها ثم فى موقف طويل مترهل مع بداية عقد القران تتوالى مكالمات زوجة المأذون تسأله وتطلب منه ما يجعله يتشتت ويتوتر، هنيدى المنزعج يغضب، يصطدم بالمأذون الذى يغادر قبل عقد القران مدير الفندق المبتسم دائما يطمئن هنيدى ويؤكد له أن مأذونا آخر سيأتى خلال ساعتين خلالهما تتراكم مواقف أقرب لـ«الفارص» وهو النوع الأدنى من الكوميديا يعتمد على مبالغات سقيمة ومواقف مفتعلة كأن يتورم وجه العروس بين الحين والحين وأن يلتهب النصف السفلى من جسم العريس بسبب مياه ساخنة طالته مما يدفعه إلى نزع بنطاله والبقاء لفترة طويلة لا يستره إلا فوطة، وثمة «اسكتشات» منفصلة لا يؤدى بعضها إلى بعضها من الممكن حذفها أو الإضافة لها مثل مشروع الخناقة بين فريق كرة أفريقى ومجموعة من مشجعى الزمالك.

فيما يبدو أن كاتب السيناريو عمر طاهر أدرك أن الفيلم يتورم ولا يتقدم للأمام فأدخل شخصية جديدة تمثلها روبى المفترض أنها حبيبة قديمة وعدها بالزواج وها هى تطارده «روبى» المتألقة فى «سجن النساء» يباغتنا هذه المرة بحضور روبى ترتدى معطفا كالح الاصفرار يذكرنا بمعاطف قدامى للمخبرين وبأداء سقيم كما تعرضت لقسوة لا مبرر لها من صناع الفيلم فمرة تقع خارج عربة تسير بسرعة مما يسبب لها كدمات تكاد تحيلها إلى إرعابية من فصيلة «الزمبيين» ومرة تسقط من أحد الأدوار العلوية فى الفندق لتسقط غريقة فى قاع حمام السباحة وبعد نهاية الفيلم يظهر على الشاشة كلمات تقول «بعد ثمانية أعوام» وتفاجئنا أنها هلى التى تزوجت بطلنا وها هى تعامله بقدر غير قليل من القسوة.

«يوم مالوش لازمة» مصنوع بمزاج سيئ أبعد ما يكون عن روح المرح المتوفرة فى أعمال طاهر والمخرج أحمد الجندى والمحبوب محمد هنيدى علامات الاحباط كانت واضحة على وجوه رواد السينما وكأن الواحد منهم يقول لنفسه إنه «فيلم مالوش لازمة».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات