رسائل «القرين»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسائل «القرين»!

نشر فى : الجمعة 10 فبراير 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 10 فبراير 2017 - 9:55 م
لم يتوقف كثيرون، أمام ما شهدته بلدة «القرين» بمحافظة الشرقية الاسبوع الماضى، عندما هاجم عدد من الأهالى سيارة حكومية محملة بالسلع التموينية للاستيلاء على كميات كبيرة منها، رغم أن الواقعة تحمل فى طياتها رسائل خطرة لما هو قادم، وتدق أجراس الإنذار بشأن كارثية الوضع الاقتصادى الذى يواجه الوطن فى المرحلة الحالية.

هذه الواقعة المجرمة قانونيا والمؤلمة أخلاقيا، قد ينظر اليها البعض على انها مجرد حادث عابر لا يستدعى الالتفات له، بل ان الجهات الحكومية نفسها حاولت التقليل من شأنها، مثلما فعل مدير إدارة تموين مدينة القرين محمد ناجى، الذى قال فى تصريحات نشرتها جريدة الشروق يوم الخميس الماضى: «موظف التموين تمكن من السيطرة على الوضع، وقنن وضع البطاقات التموينية للمواطنين بعد حصولهم على كميات أكبر من المستحق صرفها لهم دون تحرير محاضر بالواقعة فى قسم الشرطة».

وضع هذه الواقعة فى سلة «الأحداث العابرة» مخاطرة كبيرة تهدد الاستقرار فى هذا البلد، وبالتالى ينبغى النظر جيدا إلى ما حملته من رسائل، أولها أن قدرة المواطنين على تحمل تفاقم الأوضاع المعيشية والارتفاع الرهيب فى أسعار جميع أنواع السلع الاساسية، قد شارفت على النفاد تقريبا، خصوصا مع ارتفاع معدل التضخم السنوى إلى 24.3% لشهـر ديسمبر 2016 مقارنـة بشهر ديسمبر 2015، وفق البيان الأخير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وكذلك مع قرار وزارة التموين والتجارة الداخلية، رفع سعر الزيت عبوة (800 ملى) على البطاقة التموينية من 10 جنيهات إلى 12 جنيه، ورفع سعر كيلو السكر ليبلغ 8 جنيهات مقابل 7 جنيهات سابقا.

الرسالة الثانية هى ان خوف المواطنين من «القبضة الأمنية»، التى تلاحق كل من يخرج عن النص، قد بدأ فى التلاشى مع زيادة الضغوط الاقتصادية التى تدهس فئات كبيرة جدا فى المجتمع، ولم تعد الاتهامات الجاهزة بالانتماء لـ«أهل الشر» الذين يريدون تخريب المسيرة وهز استقرار البلد، تقف حائلا أمام قيام البعض بالتعبير عن رفضهم للتدهور الحاد فى مستوى المعيشة، ومحاولة الحصول على ما يعتقدون انه «حق لهم»، حتى لو تم ذلك بطريقة مخالفة للقانون.

الرسالة الثالثة التى يمكن ان نقرأها فى واقعة «القرين»، تتمثل فى ان محاولات السلطة التنفيذية لمغازلة الشعب بالإشادة بقدرته على التحمل والصبر، حتى يتم عبور هذه المرحلة الصعبة، خصوصا لاننا «دولة فقيرة أوى» على حد وصف الرئيس عبدالفتاح السيسى، لم تعد تجد تفهما أو تلقى قبولا من قبل العديد من المواطنين، الذين يعتقدون انهم هم من يدفعون وحدهم فاتورة هذه السياسات الاقتصادية المؤلمة، فى حين ان الكثير من مؤسسات الدولة، لا تجد حرجا فى ان تشترى سيارات فارهة بـ 18 مليون جنيه لرئيس مجلس النواب ووكيليه، أو تقوم بزيادات دورية لرواتب العاملين بها لمواجهة الغلاء.

بالتأكيد ما حدث فى «القرين» جرس إنذار بالغ القوة لأولى الأمر من امكانية حدوث اضطرابات اجتماعية هائلة، لا يستطيع احد التنبؤ بمداها أو إلى اين سينتهى بها المطاف؟، ما لم تقم الحكومة بتغيير جذرى لبوصلة توجهاتها وسياساتها الحالية، وان تعلن بوضوح عن انحيازها للطقبات الكبيرة التى مسها خط الفقر، وتؤكد استعدادها لتطبيق سياسات اقتصادية جديدة اكثر عدلا فى توزيع اعباء الإصلاح الاقتصادى، تبدأ باتخاذ اجراءات تقشف حقيقية على مستوى «مؤسسات الكعب العالى» فى الدولة، وفرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء، حتى يشعر الفقراء فى هذا البلد، بأنهم ليسوا وحدهم فقط الذين يدفعون ثمن السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومات خلال العقود الماضية.
التعليقات