الإسلام كما أدين به 3ــ ربنا، جــ صفات جلاله 
ــ1ــ - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به 3ــ ربنا، جــ صفات جلاله 
ــ1ــ

نشر فى : الخميس 10 مارس 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الخميس 10 مارس 2016 - 10:33 م
سكنت العقول حينما تعرفت على صفات كماله «سبحانه»، فالكمال الإلهى محسوس فى (الواحد الأحد، القوى الذى لا يقبله أحد، العزيز الذى ليس كمثله شىء)، السميع البصير الذى يدرك كل شىء ولا يدركه شىء، القدوس الذى لا ينازعه الألوهيه شىء. كذلك ارتاحت القلوب حينما سعدت بصفات جماله سبحانه، فهو الرحمن الرحيم ذو الرحمة الواسعة التى تتسع لكل شىء، وهو السلام جل جلاله الذى يسالم جميع خلقه مسالمة خالصة فلا يتربص لهم، ولا يكلفهم ما لا يطيقون، ولا يحمل عليهم أجرا يقهرهم، وهو اللطيف الذى لا يرى سبحانه وبينما نرى آثار رحمته وفضله على جميع خلقه، وهو الذى يعم لطفه الجنين فى بطن أمه، والمريض فى فراشه، والساعى فى عمله، والنائم محاط بلطفه حتى يستيقظ، وهو الحليم الذى يتجاوز عن خطايا العباد وهو التواب الغفور جل جلاله.

ــ2ــ

واليوم تطمئن النفوس حينما تتفكر فى بعض صفاته جل شأنه، وصفات الجلال الإلهى هى الصفات التى تهب النفس اطمئنانا حيث لن يعتدى عليها أحد، كما تمنح النفس يقظة وخشية فلا تتورط فى العدوان على أحد. ومن أبرز هذه الصفات «القادر القدير المقتدر» سبحانه رب القوى والقدير فهو القادر على كل ما يريد. والقدير على تدبير ملكه وإدارته كما قدر وأراد، وهو المقتدر الذى لا يخرج عن إحاطته وقدرته شىء. وهنا تطمئن النفس أن ربها لن يتركها نهبا لأحد، ولن يضيع حقها، فالإله القادر المقتدر يحمى الأنفس من العدوان، ويردعها أن تعتدى على أحد، فالضعيف يسعد بقدرة الله التى تحفظ له حقوقه، والقوى يسعد بقدرة الله التى توقظه فتمنعه من الطغيان.

ــ3ــ

ومن صفات «جلاله» سبحانه أنه القاهر، والقهار ((.. وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ...)) فإياك أن تغتر بقوتك، أو تطمئن إلى سطوتك وسلطتك، وإياك إياك أن تعتمد على مال أو جاه أو سلطان، فتحتقر أحدا أو تتعالى على أحد أو تضيع حق أحد، فالقاهر سبحانه وتعالى لا يرضى أن تضيع حقوق خلقه، وإذا أخبرك رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: «دخلت امرأة النار فى هرة، حبستها لا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من حشاش الأرض». فإذا كان حبس الهرة يجلب عذاب النار، فهل يجرؤ عاقل على أن يؤذى حيوانا أو انسانا؟!.. إن جميع الخلق مشمولين برعاية القاهر فمن قهرهم قهره الله، ومن ظلمهم فقد تعرض لمقت الله وغضبه.

ــ4ــ

وهو «الجبار» سبحانه، وتلك صفة من صفات جلاله نحتاج جميعا إلى التعرف عليها. فهو الجبار المتكبر الذى يفرض عقابه إجباريا على العصاة فلا ينفلت منه أحد، فالجبار يخضع الجميع جبرا وإلزاما. وكذلك وصفه الجبار جل شأنه تحمل معانى «جبر المكسور» أى تصحيحه وإعادته سليما كما كان، فالجبار يجبر الشاردين والمتعالين ويعيدهم إلى الصواب، والجابر يجبر الكسر ويزيل الألم ويتمم النقص ويعيد الغائب إلى مكانه ومكانته.

ــ5ــ

ومن صفاته جل جلاله: العلى المتعال والأعلى... وتلك الصفات المتناهية له تفعل فعلها فى النفس حينما ندرك أن الله هو العلى فلا تتجرأ بالاستعلاء على خلقه، وهو المتعال الذى لا يحق لأحد أن يتطاول على شرعه، وهو الأعلى من كل شىء.. فإذا قرأت قوله تعالى ((سَبِحِ اسْمَ رَبِكَ الأَعْلَى...))..أحسست بالأمان لأنك فى رعاية «الإله الأعلى» وأحسست شرفك الرفيع لأنك من عباد «المتعال الأعلى»، وإذا قرأت قوله ((.. فَتَعَالَى اللَهُ الْمَلِكُ الْحَقُ...)) أيقنت أنك فى الحزب الأعلى وفى إطار الحق الصريح.

ــ6ــ

هكذا مررنا فى ثلاثة مقالات على الأسماء الحسنى الخاصة بربنا الذى نعبده ونستعين به. ورأينا أنه جل شأنه قد استوفى صفات الكمال التى تدعو العقل للإيمان بالله والاستسلام لشرعه، والتسليم لقضائه، فهو إله حكيم سميع بصير محيط. ثم رأينا بعض ما اختص به ذاته سبحانه من صفات الجمال فهو اللطيف، وهو الرحمن الرحيم، وهو الحليم، وهو التواب الرحيم، وقد ختمنا اليوم ببعض صفات الجلال الإلهى مثل صفات القوى والجبار والمتكبر والعلى والمتعالى والأعلى، والقاهر والقهار....
أليس هذا هو الإله الحق الذى خلق فسوى ثم رزق وحفظ ثم قدر فهدى ثم يجمع الناس ليوم لا ريب فيه يكافئ المحسن بإحسانه ويعاقب المسيئ بما يناسب فعله كما قال ((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَا مَا سَعَى)).
يتبع، ،،،
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات