وفروا نقودكم! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وفروا نقودكم!

نشر فى : الجمعة 10 مارس 2017 - 11:10 م | آخر تحديث : الجمعة 10 مارس 2017 - 11:10 م
الحديث عن تعاقد الدولة المصرية، مع شركتى علاقات عامة أمريكيتين لـ«تحسين» صورة مصر فى الولايات المتحدة مقابل 1.8 مليون دولار سنويا، يطرح سؤالا بسيطا وهو: «أليس من الأفضل بدلا من ندفع أموالا لشركات علاقات عامة، أن نبدأ عملية تحسين الصورة من الداخل، بمعالجة حقيقية للقصور الواضح فى السياسة والاقتصاد وملف الحريات وحقوق الإنسان والتوقف عن خنق المجال العام؟».

خطوة اللجوء إلى شركات علاقات عامة عالمية من أجل تحسين الصورة، أقدمت عليها دول كثيرة من قبل، مثل المملكة العربية السعودية بعد هجمات سبتمبر عام 2001، كما اقدمت عليها قطر وتركيا والعديد من الحكومات العربية، وربما يرى صانع القرار فى مصر، ان هذه الخطوة ستساعد فى «الترويج للشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ولدور مصر فى إدارة المخاطر الإقليمية وتسليط الضوء على التطورات الاقتصادية فى البلاد وعرض جهودها فيما يخص المجتمع المدنى»، كما جاء فى نسخ التعاقدات التى نشرت على الموقع الإلكترونى لوزارة العدل الأمريكية.

بالتأكيد أهداف مهمة للغاية وتستحق العمل من أجل تحقيقها، لكن فى الوضع المصرى الحالى، كيف يمكن لهذه الشركات أو غيرها، الترويج لدورنا الإقليمى، ونحن على سبيل المثال لا الحصر، لم نستطع إدارة أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، التى تواصل ليلا ونهارا تهديد حياة المصريين بالجوع والعطش، عبر اللعب بمواصفات السد من دون ان نعلم، وكان آخرها إجراء بعض التعديلات عليه بحيث تزداد قدرته الإنتاجية للكهرباء من 6000 ميجاوات إلى 6450 ميجاوات؟.. قس على ذلك تراجع تأثيرنا بشكل لا يتناسب مع حجم وتاريخ دولتنا فى ملفات الصراع العربى ــ الإسرائيلى وسوريا واليمن وليبيا وغيرها.

كيف يمكن ان نروج للتطورات الاقتصادية التى تحدث فى مصر، والحكومة لدينا تتخذ قرارات عشوائية من دون دراسة كافية ومتأنية وتفكير متعمق فى تداعياتها وعواقبها على ملايين المواطنين، أبرزها القرار الأخير لوزير التموين على المصيلحى، بتعديل كميات الخبز الموزعة على «الكارت الذهبى» لأصحاب البطاقات الورقية وبدل الفاقد والتالفة، ما أدى فى لمح البصر إلى إشعال الشارع بمظاهرات غضب واحتجاج وقطع للطرق والسكك الحديدية، وكاد الأمر أن يتطور إلى ما هو أكثر من ذلك، لولا التراجع غير المباشر عن ذلك القرار؟.

كيف يمكن ايضا أن نروج لوجود حياة نيابية صحية فى مصر، ترسخ لاحترام القانون والدستور، وتسمح بالدفاع عن حقوق الملايين من المواطنين، وتراقب اداء الحكومة وتحاسبها على التقصير، وتنتصر لحرية الرأى والتعبير، ونحن نرى برلماننا العتيق أول من يخرق القانون والدستور بتجاهل أحكام القضاء فى قضية النائب عمرو الشوبكى، ويدافع عن الحكومة «ظالمة أو مظلومة» بدلا من محاسبتها، وينتفض ويغضب من أى نقد يوجه له فى وسائل الإعلام، ويسارع إلى تقديم بلاغ ضد الزميل إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة المقال، لنشره عنوانا ساخرا على صدر الصفحة الأولى، يقول فيه إن مجلس النواب يستحق أوسكار «أفضل فيلم كارتون»؟.

ايها السادة.. وفروا نقودكم فاقتصاد مصر يحتاج إلى كل دولار لمواجهة ندرة النقد الأجنبى، وتحسين الصورة لا يمكن ان يتحقق بهذه الطريقة، وإنما بتغيير جذرى فى السياسات المتبعة، وتوسيع قاعدة المشاركة فى اتخاذها، والاستماع إلى المخالفين فى الرأى والابتعاد عن تخوينهم، ومعالجة الأنين الشعبى الناجم عن سياسات الاصلاح الاقتصادى التى تنهش فى الطبقات الفقيرة، ورفع القيود المفروضة على الحريات واحترام حقوق الإنسان، والتوقف عن محاولات تدجين الإعلام وجعله صوتا واحدا.. عندما يتحقق كل هذا، فلن نحتاج إلى أن ندفع أموالا لتحسين صورتنا لدى الآخرين.. فهل نستطيع؟.

 

التعليقات