خطورة البرادعى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 10:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطورة البرادعى

نشر فى : السبت 10 أبريل 2010 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 10 أبريل 2010 - 9:20 ص

 تتفق أو تختلف مع الدكتور محمد البرادعى، فهذا حقك، لكن المؤكد أن كثيرين، ومنهم كاتب هذه السطور يحترمونه، والسبب أنه ألقى حجرا ضخما فى مياه السياسة المصرية الآسنة و«المتعفنة»، فحرك الكثير من الفقاعات والدوائر، التى ربما لو استمرت لنعمت مصر بتغيير حقيقى، يتمناه المخلصون لهذا الوطن.

السياسة لا تعرف ما يسمى بالشيك على بياض أو التفويض المفتوح، وبالتالى وإذا كنا نطالب الرئيس مبارك ــ شفاه الله ــ بالاستراحة والبدء فى التخلص من بعض سلطاته وتعديل الدستور فإن المؤيدين للبرادعى ينبغى أن يتخلصون من اللغة العاطفية ويصلون مع الرجل إلى ما يشبه العقد مفاده أننا نؤيده طالما رفع الشعارات والمبادئ المتفق عليها من القوى الداعية للتغيير.

وأن هذا التأييد مشروط، ولا يشبه تفويض مجلس الشعب المستمر للرئيس فى إصدار قرارات لها قوة القوانين.

تقديرى الشخصى أن الحكومة أكثر من غيرها إدراكا للخطر الذى يمثله البرادعى عليها.

الحكومة نجحت عبر سياسة ذكية فى تدمير الحياة السياسية وتجريفها، بحيث لم تعد هناك شخصيات ذات وزن حقيقى فى الشارع السياسى تستطيع تحدى الرئيس أو أى مرشح مدعوم من الحكومة والإدارة وسائر المؤسسات المتنفذة.

ولمن لا يصدق عليه أن يلقى نظرة فاحصة على نجوم الحلبة السياسية فى مصر. مع كل التقدير هناك شخصيات مثقفة، جيدة، وتسعى للإصلاح، لكن دائرة تأثيرها فى الشارع السياسى لا تتجاوز وسائل الإعلام.. باختصار هى معروفة لدى النخبة وليست لدى الشعب.

وعبر عملية ممنهجة تمكن الحكومة من إفساد معظم النخبة وتدميرها بالترهيب أو بالترغيب، ومن صمد منهم تمت محاربته فى «لقمة عيشه»، ومن أفلت من هذه المصيدة، صار صوتا مفردا أشبه بالهائم فى البرية، والنتيجة أن الشعب صار مشغولا إما بخناقة مرتضى منصور وأحمد شوبير، أو قضية نور الشريف، أو إعلان الحرب على الجزائر.. أو أى قضايا مشابهة يجرى إعدادها لينشغل بها الرأى العام لفترة، بشرط ألا يفكر هذا الشعب فى قضاياه الحقيقية، وألا ينزل الشارع.

خطورة البرادعى ــ حتى هذه اللحظة ــ أن الحكومة لا تملك عليه أى «ملفات»، ولا توجد لديه قضية فى البنوك أو أقسام الشرطة، لا أحد يعرف حتى اللحظة كيفية إفساده.

والأهم أنه يتمتع بحماية معنوية من الخارج بحكم منصبه الدولى السابق، واهتمام الإعلام العالمى بتحركاته.. الأمر الذى يمنع أجهزة الأمن والإدارة من التعامل معه كما يحدث مع غالبية المواطنين.. بالترغيب حينا، و«بالحذاء والقفا» فى أحيان كثيرة.

الفكرة الجوهرية التى ينبغى أن تشغلنا جميعا هى ألا ننجرف خلف سؤال: هل البرادعى جيد أم سيئ؟ إذا فعلنا ذلك فنحن نعيد إنتاج النظام الذى نشكو منه، وهو الشخصنة.

نريد تغييرا فى «السيستم» بحيث إننا إذا فعلنا ذلك لن ننشغل كثيرا إذا كان اسم الرئيس المقبل هو محمد البرادعى أو عمرو موسى أو منصور حسن أو جرجس حنا لوقا أو فاطمة على محمود محمد.. لأننا وقتها ببساطة نستطيع أن نغيره.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي