من جذور الفقه السياسى (1) - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من جذور الفقه السياسى (1)

نشر فى : الجمعة 11 مايو 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 11 مايو 2012 - 8:00 ص

تشرفت بحوارات علمية وعالمية تبدى ترحيبها بجذور الفقه، وتستفسر عن أهم ما يرجع إليه فى الفقه السياسى فأقول:

 

● اكتفى القرآن فى الشئون العامة بذكر القيم الحاكمة من حرية وعدل وشورى وإحسان.

 

● أكد القرآن كثيرا أن الله (ج ج) هو وحده الوكيل على الخلق والحفيظ عليهم تأكيدا لرفع أى سلطان للبشر على البشر (.......وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (21) سبأ.

 

● أمر الله جميع الأنبياء وخاتمهم محمد (ص) أن يخبروا الناس أن لا سلطان للنبوة عليهم وأن النبوة هى البلاغ والبيان (... وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) الأنعام.

 

● حذر القرآن كثيرا من الفساد والاستعلاء وجعل «فرعون مصر» مضرب المثل وكأنى أتصور أن الله يرشح مصر أن تكون مضرب المثل فى الاعتدال والانضباط والمؤسسية وعدم استعلاء أحد على أحد حتى تتحول مصر فتصبح نموذج الحضارة الصالحة التى تستوعب جميع البشر فيعم العقل والسلام والأمن والكفاية جميع الجنس البشرى، فليجدد المصريون عزمهم على اكتساب احترام الجميع.

 

● فالشئون العامة للأمة أو الدولة جزء من دائرة (العفو التشريعى ) المتروك لكل أمة وكل جيل أن يتداولوها على مسئوليتهم فى ضوء القيم والمقاصد الشرعية.

 

● بين القرآن أهمية الدولة وتقسيم صلاحياتها بين مؤسسات وليس بين أشخاص ليتمتع الناس بكرامتهم وإعمارهم لدنياهم (...فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ...) (122) التوبة.

 

● أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يعين نائبا عنه ولا خليفة من بعده، كما لم يترك (ص) قواعد محددة لإدارة الشئون العامة غير القيم العامة.

 

● إن آل البيت (رض) قد جعلهم الله فى قلوب المؤمنين حيث شرفهم بقوله تعالى (...إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا...) (33) الأحزاب.. ولم يجعل لهم سلطانا فلا يتصور أن يكون لهم ما لم يعطه الله لرسوله كما سبق.

 

● اجتماع الأنصار (رضى الله عنهم) فى السقيفة لاختيار حاكم دليل واضح على عدم تعيين أو تشخيص المنصب، وأن إدارة شئون المجتمع متروكة لكل زمان ومكان يقوم كل جيل بتحديد وجهته فى ضوء القيم والمقاصد الشرعية محكوما برضا الناس.

 

● مسارعة أبى بكر وعمر وأبى عبيدة (رضى الله عنهم) للسقيفة كانت للمشاركة والمناصحة والترشيد، وليست للرفض أو اللوم، فقد حاوروا المجتمعين من الأنصار ولم يذكروا فريضة ملزمة ولا سنة هادية بل هو تلاقح أفكار بحثا عن الأفضل والأولى.

 

● إن اشتغال على بن أبى طالب وسائر بنى هاشم (رضى الله عنهم) بعملية تجهيز الرسول (صلى الله عليه وسلم) للصلاة عليه ثم دفنه دليل آخر على أن الرسول (ص) لم يعهد لأحد بصفة عامة ولا لبنى هاشم بصفة خاصة.

 

● إن سعى على بن أبى طالب (رضى الله عنه) لطلب الإمارة هو من حماسة الشباب لممارسة الحق المتاح لجميع القادرين الراغبين من أبناء الأمة، وليس سعيا لإنفاذ وصية ولا لأفضلية ذاتية.

 

● إن القرآن هو يؤكد إرادة الله لبنى هاشم بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم هو تخليص لهم من معترك الوظائف التنافسية واختصاصهم بوظيفة الدعوة تلك الوظيفة التى تتولى إيقاظ الناس وإعدادهم لممارسة الحياة... لكنهم اتجهوا وجهة أخرى ففقدوا مكانة الدعوة، وتحملوا ما لا يحتمل.

 

● إنه لا يصح أن يكون الشخص خصما وحكما فى قضية واحدة، كما لا يصح للحكم أو المحكم أن ينزلق إلى مزالق الخصومة مع أحد، وإلا فعليه أن يترك مكانة الحكم لغيره.

 

● من أقبح الظنون أن نتهم أهل السقيفة من أنصار ومهاجرين بالتوافق ــ حاشالله ــ على تعطيل وصية نبوية أو مخالفة قاعدة شرعية فهؤلاء مجتمعين هم الذين باعوا أنفسهم وأموالهم واشتراها الله منهم وبشرهم بالفوز المقيم.

 

● إن اقتناع جمهور السقيفة بأهميته «قرشية شاغل المنصب»، هو قناعة بملاءمة وجهة النظر المعروضة للظرف القائم نظرا لغياب الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقرب العهد بعصبية الجاهلية فضلا عن زعامة قريش المتأصلة حول الكعبة.

 

● قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (الأئمة من قريش) هو «سياسة تشريعية موقوتة بوقتها»، وليست أصلا دينيا يلتزم الناس به، إنما هو محض إعانة فكرية تناسب مرحلة الانتقال من القبلية إلى ما بعدها.

 

● إن حوار المتحدثين فى السقيفة لم يذكر عقيدة ولا شريعة، بل هو تفضيل بين الصحيح والأصح، واختيار بين الصواب والأكثر رشدا.

 

● أن مبدأ الأغلبية المطلقة (50.5% أو حتى 70% إذا صلح للديمقراطية؛فهو لا يصلح سندا للشورى، فالأصل فى الشورى «السداد والمقاربة» بما يعنى تنازل الجميع للحد الأدنى الذى يلتقى عنده ما يحقق الاطمئنان والرضا لأغلبية نسبية تتجاوز الــ80%.

 

● إن الشورى ليست مجرد مبدأ أو قيمة تحتذى ولكنها منظومة تضم مبادئ وآليات وأدوات لا تنتج ثمارها دون مؤسسية حضارية توافق واقع كل مصرى فى كل مصر.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات