محمود أمين أهم من حسنى مبارك - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمود أمين أهم من حسنى مبارك

نشر فى : الإثنين 11 يونيو 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 يونيو 2012 - 8:00 ص

لأننا فى مرحلة حرق لتاريخ الثورة فمن الطبيعى جدا ألا يتأثر ضمير المجتمع المصرى بمأساة الشاب محمود أمين الذى دخل إضرابه عن الطعام يومه الحادى والعشرين فى معتقلات المجلس العسكرى. إن محمود أمين يحتضر الآن داخل زنزانته، دون أن يحرك أحد ساكنا لتفادى هذا العار الحضارى والأخلاقى الذى يحيط بمصر، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد لأن الرئيس المخلوع المدان بقتل الثوار يعانى من عدم انتظام فى ضربات القلب.

 

محمود أمين من أبطال ٢٥ يناير، فقد عينا فى بدايات الثورة ويوشك أن يفقد الأخرى وحياته كلها بعد اعتقاله من محيط ميدان العباسية أثناء مذبحة الشهر الماضى، ثم اقتياده إلى ظلام المعتقل محروما من العلاج والدفاع عن نفسه.

 

ووفقا لتقرير صادر مؤخرا عن منظمة العفو الدولية بخصوص هذه الجريمة لايزال محمود محمد أمين محتجزا ولم يحصل على الرعاية الطبية التى يحتاج إليها طيلة فترة احتجازه. ونظرا لاحتمال كونه أحد سجناء الرأى، فقد يواجه محمود محاكمة جائرة أمام إحدى المحاكم العسكرية. وقد ألقى عناصر من الجيش القبض على محمود بتاريخ 4 مايو 2012 بالقرب من مسجد النور بالقاهرة، وذلك عقب قيام الجنود باستخدام العنف لتفريق المحتجين فى ميدان العباسية القريب من مبنى وزارة الدفاع. ولقد شارك فى التظاهرة إلى جانب مئات آخرين احتجاجا على حكم العسكر، وتنديدا بمقتل محتجين فى ذات الميدان قبل يومين من ذلك التاريخ على أيدى رجال بزى مدنى.

 

وحسب العفو الدولية «رفض مسئولو ذلك السجن إعطاء محمود مسكن الألم الذى جلبه أحد أصدقائه له. وفى 20 مايو انضم محمود إلى إضراب عن الطعام شرع فيه حوالى مائة آخرون من زملائه المحتجزين ممن كانوا معه فى نفس الاحتجاج المذكور، وغيره من الاحتجاجات التى وقعت سابقا فى مدينة القاهرة. ويطالب المضربون عن الطعام بأن يتم الإفراج عنهم، وبوقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية».

 

إن محمود أمين يواجه مصير خالد سعيد وسيد بلال الآن، وربما لا يمضى وقت طويل حتى نصحو على فاجعة استشهاده، أو بالأحرى قتله، مع سبق الإهمال والتعذيب والترصد، بينما النخب السياسية غارقة حتى أذنيها فى سيرك التأسيسية ومهاترات شفيق، والإعلام فى معظمه عاد مرة أخرى ليلعب دور خادمات المنازل، ويشارك فى مؤامرة على الوعى المصرى.

 

لقد ثارت مصر وأسقطت المخلوع انطلاقا من حالة غضب حضارى نبيل على اغتيال الشاب خالد سعيد على أيدى سلطة موغلة فى الوحشية، والمفارقة أنه بعد ثوارة الكرامة الإنسانية بات الضمير الجمعى أكثر بلادة وغلظة، بعد تسميمه وتلويثه بمئات الآلاف من أطنان النفايات الإعلامية والسياسية.. وعاد التتار يتأهبون لافتراس قدس أقداس الثورة (موقعة الجمل) بحملة أكاذيب وروايات منحطة صنعت فى مطابخ سلطة كارهة للثورة، استغلالا لحالة سخط من أداء التيار الإسلامى.

 

غير أن المصيبة أن نفرا من النخبة الفاسدة المحسوبة ظلما على الثورة لا تمانع فى التضحية بالتاريخ والأخلاق والضمير نكاية فى الإخوان، وطلبا لوظيفة خادمة فى بلاط الجنرال القادم.

 

ويبقى أن حياة محمود أمين أهم وأغلى من مصير حسنى مبارك وخلفائه ومهارشات النخبة واستعراضات نجوم الثورة المحظوظين بالتركيز الإعلامى، ومحاورات الرموز التليفزيونية.. إن مأساته عار يلاحق كل الذين تركوه يصارع الموت وحده وانشغلوا بالكلام

وائل قنديل كاتب صحفي