يا ليت من أصدروا ما سمى «وثيقة العهد» صمتوا إلى الأبد - فاطمة رمضان - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 8:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يا ليت من أصدروا ما سمى «وثيقة العهد» صمتوا إلى الأبد

نشر فى : الأحد 10 يونيو 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأحد 10 يونيو 2012 - 8:45 ص

منذ أن بدأت تظهر نتائج الانتخابات الرئاسية فى مرحلتها الأولى، والتى كانت صادمة لأغلبية الشعب المصرى خصوصا المنتصرة لمنطق الثورة، والمؤمنة بأهمية استكمال الثورة، إذ وجد الناس أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر، بين رمز واضح من رموز النظام السابق (أحمد شفيق) والذى ثاروا ضد ظلمه وفساده، ودفعوا الثمن غاليا، وبين رمز من رموز الإسلام السياسى (محمد مرسى)، خصوصا بعد تجربة الناس مع الإخوان المسلمين كأغلبية فى مجلسى الشعب والشورى فى الشهور القليلة الماضية، وقتها نظر الناس للقوى السياسية ولسان حالهم يقول ماذا نفعل، هل فرض علينا أن نحتار بين الرمضاء والنار، أم أن لديكم حلولا؟بدلا من أن تتصرف هذه القوى الحزبية والسياسية بحنكة وتعمل على لم شمل أنصار الثورة فى موقف يصب فى مهام من أجل استكمال الثورة، وجدناهم صمتوا ما يقرب من أسبوع، ثم نطقوا بما سموه «وثيقة العهد»، وأنا ماثل فى ذهنى الآن المثل الشعبى القائل «سكت دهرا ونطق كفرا»، لماذا أقول ذلك عن هذه الوثيقة، أقول ذلك لأنها بدلا من أن تقسم المجتمع المصرى لأنصار الثورة، وأنصار الثورة المضادة، بدلا من أن تعمل على التقسيم الطبقى الموجود بالفعل لمضطهدين، ومضطهِدين، لمستغلين ومستغلين، (خصوصا وأن الخيارين المطروحين فى الإعادة مع استمرار  سياسات الخصخصة، وتأقيت علاقة العمل، وفصل العمال، وطرد الفلاحين من الأرض، وغيرها من سياسات الليبرالية الجديدة) وجدنا هذه القوى والأحزاب تحاول أن تقسم الشعب المصرى إلى أنصار الدولة المدنية وأنصار الدولة الدينية، وفى الوقت الذى خلت فيه الوثيقة من مطالب الطبقات الاجتماعية من عمال وفلاحين وصيادين وفقراء المجتمع المصرى ضد مستغليهم، ولم تتضمن الوثيقة آمالهم وآلامهم، نجد من أصدروا هذه الوثيقة يريدون هذه الفئات والطبقات الاجتماعية أن تتبنى وثيقتهم، وفيما يلى بعض مما أتى فى هذه الوثيقة، التى صدرت يوم 1 يونيو 2012:

 

إغفال مطالب مهمة لجماهير الشعب المصرى خصوصا المطالب الاقتصادية والاجتماعية مثل ضرورة إصدار قوانين بالحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، وقانون يقر بإعانة بطالة حتى يتم تشغيل الشباب، وإعادة تشغيل المصانع والشركات التى تغلق وتشرد عمالها، و‘ادة النظر فى مسألة الخصخصة التى أدت لتخريب الاقتصاد المصرى، وإسقاط ديون صغار الفلاحين، وإصدار قانون بتجريم صيد الزريعة للحفاظ على الثروة السمكية والتى نحن فى أشد الحاجة إليها خصوصا مع النقص الشديد فى اللحوم البيضاء والحرماء وارتفاع أسعارها، وإصدار قوانين حازمة لضبط الأسعار.

 

إغفال مطلب ديمقراطى مهم يخص العمال والفلاحين والصيادين، بل يخص الثورة، وهو المطلب الخاص بسرعة إصدار قانون الحريات النقابية، والذى يقنن أوضاع النقابات المستقلة والتى هى من أهم نتائج الثورة الإيجابية، والتى لو أمكن بناؤها بشكل قاعدى وديمقراطى ونضالى، لأصبحت نواة وركيزة لتنظيم صفوف الشعب المصرى حتى يستطيع استكمال ثورته.

 

احتواء الوثيقة على مطالب ضد مطالب الثورة منذ بدايتها، فقد أتى فى البند رقم 7 من الوثيقة «حماية مؤسسات الدولة الرئيسية من محاولات الأختراق والتغلغل من بعض التيارات السياسية أو محاولات توجيهها لخدمة فصيل أو تيار معين مع الحفاظ على مهنية وحيادية تلك المؤسسات ووضعها فى خدمة كافة المواطنين بدون استثناء وفى مقدمة هذه المؤسسات القضاء والجيش والشرطة والأزهر الشريف ومؤسسات التعليم»، وكذلك فى البند رقم 12 «يكون تعيين وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل من داخل مؤسساتهم طبقا لمعيار الكفاءة والحيدة وحدهما»، ونسى اللذين أصدروا  هذه الوثيقة، أننا نطالب بأن يرأس الشرطة مدنى بعد تطهيرها، وإبعاد قتلة الثوار منها ومحاسبتهم، كما نرفض الطرح الذى يطرحة المجلس العسكرى بخصوصية الجيش، وليس من حق أحد الاقتراب منه، كما أنهم نسوا أننا نتحدث عن تطهير القضاء، خصوصا بعد تبرئة قتلة الثوار، وبعد أن استخدم بعض القضاة فى تزوير الانتخابات، هى نسى الموقعون على هذه الوثسقة أن المؤسسات الدينية الرسمية هى فى خدمة الأنظمة الحاكمة، تحرم ما يريد النظام الحاكم تحريمه، وتحلل له ما يريد، يبدو أن السادة موقعى الوثيقة يرون أن نظام التعليم لدينا نظام متطور، ولا تشوبه شائبة، وعلينا الحفاظ عليه كما هو.

 

فى الوقت الذى يقول فيها الموقعون على هذه الوثيقة أنهم غير ملتزمين بتأييد من يقبل بعض أو كل أهداف هذه الوثيقة، نجدهم فى النقاط رقم 9، 10، و11، 13،  14، ...19، تبدأ بالتزم الرئيس القادم بالتصدى لعدم إعاقة التداول السلمى للسلطة.. كيف تلزم شخصا لا تلتزم تجاهه بأى شىء؟

 

لم نجد ضمن أسماء الموقعين على الوثيقة، أشخاص بقامة حمدين صباحى، أو عبدالمنعم أبوالفتوح، وهما الاسمان اللذان جاءت نتيجة الانتخابات بأكبر تصويت لهما بعد الاسمين اللذين تجرى بينهما الإعادة، وهما المحسوبان على تيار الثورة، فى الوقت الذى نجد فيه توقيع أحد رموز النظام السابق البارزين مثل عمرو موسى، جنبا إلى جنب مع حزب مصر الديمقراطى، والمصريين الأحرار، وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، والحزب الاشتراكى المصرى، وغيرهم، فأى اصطفاف هذا.

 

●●●

 

فى النهاية وأنا أكتب هذا المقال الذى فكرت فى كتابته منذ يومين، أسمع حناجر الثائرين فى ميادين مصر المختلفة وهم يهتفون «يا نجيب حقهم.. يا نموت زيهم»، «وعلى وعلى وعلى الصوت اللى هيهتف مش هيموت»، «وبلادى بلادى بلادى.. لك حبى وفؤادى»، «إيد واحدة.. إيد واحدة.. إيد واحدة»، وقد بدأ الثائرون فى الزحف إلى ميادين الثورة، عقب الحكم ببراءة جلادى وزارة الداخلية، ومساعدى العادلى، وكذلك براءة نجلى حسنى مبارك، والحكم الهزيل على حسنى مبارك والعادلى.

 

أقول لكاتبى الوثيقة، اسمعوا صوت الشعب المصرى، وسيروا معه فى طريق استكمال الثورة.

فاطمة رمضان باحثة في الشئون العمالية ومدير برنامج المشاركة السياسية للنساء والشباب في مؤسسة قضايا المرأة المصرية
التعليقات