فترة النهاية لخلافة عثمان - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فترة النهاية لخلافة عثمان

نشر فى : الجمعة 10 أغسطس 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 10 أغسطس 2012 - 8:50 ص

(1)

 

اتسع لين عثمان (رض) فتجاوب مع رغبة كثير من الصحابة، إذ إن كثيرا منهم لم يستوعب اصرار عمر (رض) على عدم خروج الصحابة وإقامتهم خارج المدينة، فعمر كان يهدف من القرار إلى هدفين عظيمين: أولهما عدم فتنة جماهير البلاد المفتوحة بهؤلاء الصحابة نظرا لمكانتهم من النبى (ص) وجهادهم الذى ذكره القرآن ،مما يخلق شيئا من قداسة البشر فضلا عما يسببه روايتهم لبعض احاديث النبى (ص) التى يحفظونها فى تشتيت فكر الأمة حيث إن كلا منهم يعرف بعضا من الاحكام وبعضا من الاحاديث النبوية مما يؤدى إلى خلافات فكرية غير محمودة بين البلاد الجديدة. والهدف الثانى أنه لم يشأ أن يتحمل مسئولية حكم وإدارة شئون الأمة وحده، لذلك استبقى الصحابة جميعهم بجواره يساعدونه فى التشريع، وفى القضاء، وفى الشورى، وفى الرقابة، كذلك كانوا بدائل طيبة لشغل المناصب الملقاة على عاتق الدولة.

 

(2)

 

خرج عشرات من رموز الصحابة إلى مصر، والكوفة، والبصرة، وبغداد والشام...إلخ.. فإذا أضفت إلى ذلك حلول آجال رموز عدد آخر من كبار الصحابة عبدالرحمن بن عوف، والعباس بن عبدالمطلب، وعبدالله بن مسعود، وأبو الدرداء، وعبدالله بن زيد، والمقداد بن الاسود، وعبادة بن الصامت، وأبوسفيان، فإذا المدينة قد خلت من مخزون القادة والمساعدين بسبب الهجرة والوفاة، وهكذا دخل حكم عثمان فى الفتور والتراخى عما بدأ به، فكيف تدار شئون العاصمة وقد حرمت من العناصر المدربة ذات الخبرة؟

 

(3)

 

نحن الآن أمام خليفة على مشارف الخامسة والسبعين من عمره الذى قضى منه قرابة خمسين عاما فى هجرة وجهاد، وفوق هذه السن المتقدمة فقد نضب المنبع الذى كان يمد الدولة بالرأى والرجال اللهم إلا قليل، ولهذا جرت مياه ضعيفة ومتغيرة فى نهر الدولة مما سبب تراخيا عن المعهود فظهر بجانب الخليفة ووراءه اتجاه يخالف ما سبق من سياسة أبى بكر وعمر وسياسة عثمان نفسه فى النصف الأول من عهده.

 

(4)

 

كان أول أثر لهجرة الصحابة واقامتهم فى البلاد المفتوحة من المدينة أن انتشرت آراء دينية ــ فقها ــ مختلفا من شخص إلى آخر، حيث إن كل من يتكلم ويفتى يراعى أحوال البلد المقيم فيه، فتعددت الآراء ووصلت إلى درجة التضاد، كذلك خلت العاصمة من القيادات المؤهلة وأصبح الجيل المتاح استعماله فى وظائف الدولة جيلا حديثا نظرا لسفر بعض الصحابة وموت البعض، كما أشرنا فأصبحت الدولة لا تجد المؤهلين لتستعين بهم، فإذا أضفت إلى ذلك خبرة وحنكة وعصبية بنى أمية وبقاءهم بالبقاء فى العاصمة جعل منهم المصدر القريب لسداد طلبات الدولة من الوظائف العامة.

 

(5)

 

وما إن تولى هؤلاء الجدد أقارب عثمان لوظائف الولايات حتى تأججت نيران العصبية بين حزبين قديمين من قبل الإسلام، هما «حزب بنى هاشم ومن والأهم»، «وحزب بنى أمية ومن والأهم» فتم توظيف العصبية من خلال انتقاد الحاكم وتعددت الافتراضات والجدل ورفع الصوت فى المسجد معارضة للحاكم.. فاستشعر الناس زوال هيبة الحكم، فانفرط العقد الذى مضى على تأسيسه قرابة 20 سنة بجهود أبى بكر وعمر وعثمان نفسه فى مدة حكمه فى نصفها الأول.

 

فتحت الأبواب لجهود عشوائية وجزئية تحاول تصحيح الاتجاه، ولكن هل تصلح الفوضى أو يصلح التشرذم لتقديم خير أو إصلاح؟ هيهات وما لم توجد مؤسسات تردع الحكام عن الزيغ، فلا بديل عن عشوائيات تستحمل القتل للخلاص من الاستعلاء الذى يطوق عنق الشعب ويكبل حركته

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات