الموسيقى فى شوارع برلين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الموسيقى فى شوارع برلين

نشر فى : الخميس 10 أغسطس 2017 - 10:40 م | آخر تحديث : الخميس 10 أغسطس 2017 - 10:40 م

فجأة وجدت نفسى فى قلب حفل موسيقى ساحر أمام دار أوبرا برلين العريقة، والفضل فى ذلك للدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس الأمناء للجامعة الألمانية بالقاهرة.

كان ذلك فى السادسة من مساء يوم الخميس الماضى «٢٠ يوليو» الماضى.

الحفل يقام سنويا فى شهر يوليو من كل عام، ويتمنى المرء ويحلم بأن يتم تطبيقه مصريا.

الحفل لا يقام داخل مقر الأوبرا بل خارجها، وفى الميدان التى تقع فيه الأوبرا فى قلب العاصمة الألمانية برلين. المشهد فى هذا المكان بديع، هناك كنيستان أثريتان متواجهتان على يمين ويسار الأوبرا..الأولى كاثوليكية والثانية إنجيلية، والمبانى الثلاثة تعرضت للقصف والدمار الجزئى من طائرات التحالف أثناء الحرب العالمية الثانية «1939ــ1945»، لكن الإصرار الألمانى المعروف أعاد الأوبرا والكنيستين إلى أبهى حالة ممكنة، وكأنها لم تتعرض لأى خدش.

فكرة الحفل السنوى أن الفرقة الموسيقية تعزف من أمام الأوبرا والجمهور يجلس فى الميدان على مقاعد عادية يمينا ويسارا وفى المنتصف وفى المبانى المجاورة.

المثير فى الأمر هو أن الهيئات والمؤسسات التى تطل على الميدان الشهير، يمكنها أن تدعو ما تشاء من الضيوف لحضور الحفل من مقر النوافذ والحجرات والشرفات الخاصة بها. علما أن الحفل يحقق أرباحا أيضا لأن أسعار التذاكر تبدأ من ٤٠ يورو وتصل إلى ١٥٠ يورو، وبطبيعة الحال فإن التذاكر للمقاعد الموجودة فى الميدان، فى حين أن المشاهدة من شرفات ونوافذ وسطوح المبانى مجانية.

المقر الإدارى للجامعة الألمانية بالقاهرة فى برلين يقع فى مكان مميز أمام الأوبرا مباشرة. فى مبنى مهم للغاية يضم عددا كبيرا من المؤسسات والهيئات العلمية المرموقة التى تقع مقارها الرسمية فى العاصمة القديمة بون، واتخذت من مكاتبها الفرعية فى هذا المبنى مقار إدارية صغيرة فى العاصمة برلين، ومن بين هذه الهيئات المعهد الاشهر عالميا ماكس بلانك والمتخصص فى البحث العلمى، وحصل 33 من باحثيه على جائزة نوبل، وكذلك هيئة الـ«daad» الخاصة بالتبادل العلمى والمنح الدراسية مع كل العالم.

هذا المبنى كان لديه ١٦٥٠ دعوة، نصيب الجامعة الألمانية بمفردها ٤٨٩ قدمتها هدايا لأصدقائها فى ألمانيا سواء كانوا مصريين أو ألمانا، ومن حسن حظنا أننا مجموعة من رؤساء تحرير الصحف المصرية تواجدنا فى ألمانيا فى هذا التوقيت.

عدد الحاضرين لهذا الحفل الذى لا يقل عن ثلاثة آلاف مدعو، طبقا لتقديرات السفير المصرى فى برلين الدكتور بدر عبدالعاطى، الذى حضر معنا جانبا كبيرا من الحفل، هذا بخلاف آلاف الأشخاص الموجودين فى المبانى المجاورة والمطلة على الميدان.. الناس فى هذه المبانى لا يأتون فقط لمشاهدة العرض الموسيقى، ولكن ايضا للقاء وتجديد الصداقة، خصوصا أن هناك فترات استراحة طويلة نسبيا بين فقرات الحفل المنوعة.

فى هذا الحفل تم عزف وأداء شهر المقطوعات الموسيقىة فى الأفلام العالمية المعروفة مثل قراصنة الكاريبى و«نيويورك ــ نيويورك» وفيلم «فتاة مرحة» للنجمة بربارة سترايسند مع عمر الشريف، وفيلم «ساحرات اوز»، إضافة إلى مجموعة من اشهر اغانى فرانك سيناترا او ما يطلق عليه «ميدلى»، وكذلك الاغانى الخاصة بفيلم «فروزن» ولكن باللغة الالمانية، كما كانت هناك فقرات لفرق رقص ألمانية شهيرة.

السؤال: هل يمكن أن نطبق هذه التجربة مصريا فى أماكن وميادين كبرى، من دون أن نعيق ونعطل المرور؟ وبحيث يغنى أشهر المطربين ونستمع إلى عروض أوبرالية وفقرات راقصة؟.

الهدف ليس فقط المتعة وترقية وتهذيب الذوق والتدرب على تذوق الجمال فى الفن والموسيقى ولكن كيفية الارتقاء بالذوق العام وتهذيب النفس حتى يمكن لشبابنا أن يدركوا أن هناك عالما كاملا من الجمال والفن والذوق ليتمكنوا من مواجهة التطرف والمتطرفين والقبح والانحطاط الشامل الذى يحاصرنا من جوانب كثيرة، خصوصا فيما يتعلق بالانهيار الأخلاقى.

أعرف أن هناك بعض الفرق المصرية بدأت هذا النوع من الفن ولكن على استحياء.. والسؤال: لماذا لا تدعم الدولة مثل هذا النوع من النشاط الفنى إذا كانت جادة فعلا فى محاربة التطرف؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي