هامش للديمقراطية.. بين ضمانات الحق والحرية وضرورات التقدم والتنمية (1-2) - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هامش للديمقراطية.. بين ضمانات الحق والحرية وضرورات التقدم والتنمية (1-2)

نشر فى : الخميس 10 أكتوبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 10 أكتوبر 2013 - 8:00 ص

نعود إلى البدايات: يجافى الصواب التاريخى الاعتقاد بأن القبول الشعبى للتنظيم الديمقراطى للدولة وللمجتمع يستند فقط إلى ضمانات الحقوق والحريات الشخصية والعامة التى يقرها دستوريا وقانونيا ويفعلها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. فبجانب ضمانات الحقوق والحريات هذه، تدلل الخبرات التاريخية والمعاصرة للديمقراطيات على أن قبولها الشعبى يرتبط بأفضليتها مقارنة بالأنماط الأخرى للحكم ولإدارة الشأن العام لجهة تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والسلم الأهلى.

وعد الديمقراطية، كما يسمى فى أدبيات السياسة، هو اقتران الحقوق والحريات بتحسن الأحوال المعيشية للمواطنات وللمواطنين وارتفاع مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية، التى يحصلون عليها وتمكينهم بتمايزاتهم من المشاركة فى النشاط الاقتصادى على أساس من تكافؤ الفرص والمنافسة ومن المشاركة فى الحياة الاجتماعية وممارسة الشعائر الدينية فى إطار من المساواة والأمن. وعد الديمقراطية، أيضا، هو اقتران الحقوق والحريات بتنامى التزام الدولة ومؤسساتها والكيانات الجماعية غير الحكومية بسيادة القانون والسلمية ومحاربة الفساد واستغلال المنصب العام.

أما حين تخفق الديمقراطيات فى تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والسلم الأهلى، فإن حضور ضمانات الحقوق والحريات الشخصية والعامة لا يحول بين قطاعات المواطنات والمواطنين وبين الاندفاع الجماعى نحو تأييد أنماط أخرى للحكم تبنى قبولها الشعبى على وعد مضاد إن باستعادة التقدم والتنمية، كما فعلت الفاشيات الأوروبية والأمريكية اللاتينية فى أواسط القرن الماضى، أو بإنقاذ السلم الأهلى وبناء الدولة القوية وتحقيق الاستقلال الوطنى ومحاربة الفساد كما فعلت النخب العسكرية فى مصر وغيرها من الدول العربية والأفريقية فى النصف الثانى من القرن الماضى، أو بخليط من كل هذا كما فعل بوتين ونخبة حكمه فى روسيا الاتحادية خلال العقد الماضى وبعد سنوات بوريس يلتسين الكارثية فى التسعينيات. وفى حالات أخرى كالصين التى لم يتطور بها أبدا التنظيم الديمقراطى استجابت أغلبية مستقرة من المواطنات والمواطنين لمساومة جماعية جوهرها ضمان الدولة للتقدم الاقتصادى والاجتماعى وللتنمية المستدامة وتخلى المجتمع، باستثناء مجموعات صغيرة من المفكرين والكتاب والحقوقيين وأساتذة الجامعات، عن المطالبة بالحقوق والحريات الشخصية والسياسية.

والإشكالية الكبرى هنا هى أن الخبرة التاريخية والمعاصرة لأنماط الحكم غير الديمقراطية تثبت عجزها الجماعى عن تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والسلم الأهلى والاستقلال الوطنى على نحو مستقر وزجها بدولها ومجتمعاتها إلى أتون أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية لا تنتهى.

أواصل غدًا تحليل ثنائيات الحق والحرية فى مقابل التقدم والتنمية

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات