مجلس النواب الجديد لا يعبر عن الشعب - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مجلس النواب الجديد لا يعبر عن الشعب

نشر فى : الخميس 10 ديسمبر 2015 - 10:25 م | آخر تحديث : الخميس 10 ديسمبر 2015 - 10:25 م
انتهت الانتخابات البرلمانية بمرحلتيها وانتهينا من مشهد انتخابى أحادى لم تره مصر فى تاريخها إذ اقتصر السباق الانتخابى على خط سياسى واحد موالٍ للسلطة ومؤيد لها بدرجات متفاوتة لينتج فى النهاية كيانا يفترض أن يشرع ويراقب ويحاسب ويسائل لكن أغلب الأصوات التى وصلت لبهوه ترفع شعارات الولاء والدعم والتأييد حتى وصل الحديث عن تعيين شخص ما ــ من قبل السلطة التنفيذية ــ ليترأس هذا الكيان بالتوازى مع اعتزام بعض الشخصيات المثيرة للفكاهة والتندر المنافسة على مقعد الرئاسة!
القائمة المحظوظة برعاية السلطة والتى تم اختيار أعضائها فى مكاتب النظام وأجهزته تعلن أنها استطاعت تحقيق أغلبية تفوق الثلثين بعد ضم مئات النواب المستقلين لتكتل يرفع شعار دعم الدولة فى مشهد جديد يجسد أقصى درجات الغرور والاستحواذ وتكرار تجربة الحزب الوطنى فى برلمان 2010.
الأقلام الموالية للسلطة تقول إن من شاركوا فى انتخابات برلمان 2015 هم نصف من شارك فى انتخابات برلمان 2011 – وقد تكون النسبة أقل – وبافتراض صحة هذه النسبة وباعتبار أن من صوتوا هم نصف الجمعية العمومية للناخبين المصريين الفاعلين فهذا يعنى أن نصف المصريين الفاعلين قد قاطعوا العملية الانتخابية بالكامل، وهذا ينفى أسطورة الإجماع التى يروج لها إعلام السلطة ليلا ونهارا لينزع الوطنية عن كل صاحب رأى مختلف.
***
من أخطر ما حدث فى مصر خلال عامين أن السلطة صارت لا ترى إلا مؤيديها وتعاملهم أنهم فقط هم الشعب، بينما تتجاهل أن هناك قطاعات واسعة من المصريين لا تؤيد سياساتها ولا تؤيد الإخوان ولا تؤيد الإرهاب وتزعجها الانتهاكات الحقوقية المتصاعدة ولا تريد إسقاط الدولة وإنما تريد بناء نظام ديموقراطى عادل يسع كل المصريين مهما كانت أفكارهم واختلافاتهم.
تعطى السلطة ظهرها لهؤلاء وتترك أبواقها الإعلامية تنهش فيهم وتتهمهم بالأخونة ودعم الإرهاب والعمالة للخارج وغيرها من قوالب الاتهامات المستهلكة والفارغة التى لا تطالا نخب سياسية فقط بل تطال الجماهير وتقصفهم عقابا لهم على عدم تأييد السلطة والتطبيل لكل ما تفعله.
هذا الكيان الجديد الذى أفرزته عوامل سابقة فى غاية السوء من إماتة السياسة وإقصاء المعارضين وتسميم المناخ العام وسط بيئة قانونية غير سليمة خلقت نظاما انتخابيا معيبا أوصلنا لهذا البؤس الذى نراه، هذا الكيان يشكل الآن عبئا على النظام، ومهما حاولت السلطة إخفاء ما سيحدث فيه من مهازل عبر منع عرض الجلسات على الهواء مباشرة كما تشير التكهنات فالنهاية واحدة، هذا البرلمان سيخصم من رصيد السلطة ولن يضيف لها وكل محاولات الماكياج السياسى للإيحاء بأنه كانت هناك عملية سياسية تنافسية فى مصر لن يصدقها أحد لأننا نشبه من يمارس رياضة الجرى فى المكان وأحيانا نرجع للخلف!
نحن أمام تمثيل انتقائى للشعب المصرى يعبر عن رغبات أجهزة الدولة وعدد من شبكات المصالح وبعض العصبيات والقبليات التى لا تشكل فى مجموعها إرادة المصريين، لذلك السؤال الذى يطرح نفسه: من الذى سيعبر عن بقية المصريين؟
بقاء شرائح شعبية كبيرة خارج دائرة التمثيل الحقيقى أمر بالغ الخطورة، واستمرار الاستهانة وتجاهل الواقع الحقيقى هو اندفاع للهاوية، لذلك تطرح الأسئلة نفسها حول رغبة النظام فى تعديل الأوضاع القائمة وشعوره بالخطر من ارتفاع العزوف الشعبى عن المشاركة معه فى أى عملية سياسية تحكمها قواعده التى يحتكرها وينفرد بصياغتها، هل يريد النظام إصلاحا؟ هل يعتقد أصلا أن هناك ما يجب إصلاحه؟ ما هو تصوره للخروج من النفق المظلم الذى قاد إليه البلاد؟
تبدو هذه التساؤلات شديدة الحماقة لدى من فقدوا الأمل كليا فى أى مسار إصلاحى، لكن الحقيقة أن عدم التعجيل بفتح مسارات للإصلاح ومراجعة الأخطاء وإعادة الهيكلة والتوقف عن احتكار الحقيقة يقودنا لجو مأزوم مثل إناء البخار الملتهب الذى يبحث عن ثقوب للتنفيس.
***
الحديث هنا ليس متعلقا بقرب ذكرى ثورة 25 يناير والدعوات المتكررة لثورة جديدة، لأنه لا توجد فرصة ولا ظروف مشابهة لتكرار مشهد 25 يناير الآن بسلميته وروعته وتفانيه فى الحفاظ على الوطن، الثورات لا تستنسخ ولكن المخاض أيضا لا ينتهى إلا بميلاد جديد، وكل عاقل يخاف على مصر يدرك أننا لن يمكننا الاستمرار كثيرا بهذه السياسات وتلك الأفكار الشائخة التى جعلت الناس تفرط فى الحنين لما كان قبل ذلك.
حماية الوطن من السقوط تكون بتوحيد لحمته الداخلية ورأب الصدع بين أبنائه ومحو الكراهية من النفوس والتوقف عن احتكار الوطنية وإنهاء سياسة العصا الغليظة التى ربما يهيأ للبعض أنها تضمن الاستمرار بينما هى فى الحقيقة تقرب الانهيار وتنثر بذوره السوداء.
ربما يأتى يوم ويتمنى فيه بعضهم لو كان احتضن ثورة يناير بمطالبها وأهدافها الإصلاحية والتى كانت فى مجملها مطالب تهدف لإعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها على أسس وطنية وموضوعية تضمن العدالة والمهنية وتؤسس لبناء دولة حديثة يستحق المصريون العيش فيها، من ركلوا بأقدامهم مطالب وأهداف ثورة يناير وانطلقوا ينهشون فيها ضيعوا على الوطن لحظة تجلى تاريخية توحد المصريون فيها على حب بلادهم ورغبتهم فى إعادة بنائها والنهوض بها.
الآن لا يمكن توقع مآلات ما نحن فيه والقاعدة تقول إن ما لا يمكن توقعه هو أكثر ما ينبغى أن تخشاه نمضى إلى المجهول ونتمنى الخير لبلادنا فليساعدنا الله.
مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات