المنظمات المدنية والتمويل - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المنظمات المدنية والتمويل

نشر فى : السبت 11 فبراير 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : السبت 11 فبراير 2012 - 8:50 ص

أين تقف منظمات المجتمع المدنى المصرية من النزاع الذى نشب بين القاهرة وواشنطن حول التمويل الأجنبى غير المشروع الذى تقدمه أمريكا لعدد من المنظمات الحقوقية المصرية دون ترخيص؟

 

من المفترض أن تسعى هذه المنظمات من خلال علاقاتها المتميزة مع الجانب الأمريكى إلى تبديد سوء التفاهم الذى أدى إلى توتر العلاقات وأعطى فرصة لقوى اللوبى الصهيونى وأنصاره من أعضاء الكونجرس للتحريض على مصر وممارسة ضغوط للتهديد بقطع المساعدات العسكرية الأمريكية، بسبب إصرار مصر على تطبيق القانون على جميع المنظمات وحملها على احترام الضوابط القانونية، بدلا من تأييد الجانب الأمريكى وتشجيعه على التدخل فى الشئون الداخلية وانتهاك القوانين المصرية بالانحناء أمام الضغوط الأمريكية!

 

ولكن ثورة الغضب والاحتجاج التى اجتاحت بعض المنظمات الحقوقية المصرية، التى تتقاضى مساعدات سخية، قدرتها السلطات المصرية بنحو 175 مليون دولار خلال أربعة أشهر: من مارس حتى يونيو الماضى، مقابل 60 مليون دولار خلال أربع سنوات من 2006 إلى 2010، لم تعرف وجوه انفاقها على وجه التحديد، كانت بمثابة تعضيد للموقف الأمريكى ضد مصر. وجاءت فى وقت كان يجرى فيه الاستعداد لإجراء الانتخابات وإرساء دعائم المؤسسات الديمقراطية.

 

وفى سبيل تصفية هذه الخلافات مع الجانب الأمريكى، بادرت مصر إلى إرسال وفد عسكرى إلى واشنطن أخيرا، لمناقشة ملف المساعدات العسكرية.. أبدى خلالها الجانب الأمريكى نوعا من المراوغة. حيث جرى ترتيب أكثر من موعد لاجتماع الوفد العسكرى مع أعضاء الكونجرس لإجراء حوار حول موضوع المساعدات التى تقدمها أمريكا لمصر، ولكن فى كل مرة كانت تلغى ترتيبات الاجتماع بتبريرات مختلفة، وتخرج فى الوقت نفسه تصريحات متزامنة تلوح بأن السلطات الأمريكية سوف تعيد النظر فى ملف المساعدات. وفسرت بعض الدوائر هذه التصرفات بأن القصد منها هو إذلال الوفد العسكرى المصرى. مما دعا القيادة المصرية فى القاهرة إلى استدعاء الوفد المصرى فورا للعودة إلى القاهرة.

 

فى العهد السابق كانت الإدارة المصرية تتغاضى عن مخالفات المنظمات الأمريكية المدنية، ولكنها بدأت مع عهد الثورة تطالب الجانب الأمريكى بضرورة الالتزام بالضوابط القانونية، بما فى ذلك المنظمات شبه الرسمية: فريدوم هاوس والمعهد الجمهورى والمعهد الديمقراطى. وإزاء إصرار هذه المنظمات وعدد آخر من المنظمات الحقوقية المصرية على عدم الاستجابة لهذه الضوابط، شنت السلطات المصرية حملتها الأمنية على مكاتب هذه المنظمات، وطلب قاضى التحقيق منع سفر عدد من موظفيها تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة القضائية.

 

المشكلة هنا أن عددا من المنظمات الحقوقية المصرية، اندفعت إلى تأييد الجانب الأمريكى، وعبأ عدد من الناشطين المصريين حملة للهجوم على الإجراءات القضائية المصرية بحجة أنها ذات أبعاد سياسية. على حين أن الاتفاقيات المعقودة بين البلدين تنص على ألا يتم تقديم مساعدات أمريكية لهذه المنظمات ولا لغيرها إلا بموافقة الحكومة المصرية وعلمها. وظلت واشنطن ملتزمة بهذا الاتفاق حتى عام 2004 ولكنها بعد ذلك بدأت تقوم بتمويل منظمات غير مسجلة وشركات خاصة بدعوى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

فى معظم الدول الديمقراطية لا يسمح لدولة أخرى بتمويل منظمات على أرضها لخدمة أهداف سياسية. والطريف أو الغريب أن المنظمات المصرية دافعت عن تلقيها أموالا أمريكية وأوروبية، بأن جمعيات دينية أخرى تتلقى مساعدات وهبات مالية من دول عربية وإسلامية.. فلماذا لا تتلقى هى الأخرى أموالا أمريكية؟

 

وهو عذر قد يكون أقبح من الذنب. ولكن الحقيقة هى أن تطبيق القانون يجب أن يسرى على جميع المنظمات المدنية والجمعيات الدينية سواء بسواء. فلا تستثنى جمعية أو منظمة دون أخرى. خصوصا وأن العديد من الأنشطة الدينية لهذه الجمعيات تعتبر ذراعا لدول وجماعات دينية خارجية ذات توجهات متطرفة تعمل فى دول عربية وإسلامية. وقد ثبت أخيرا أن بعض هذه الدول العربية ليست حسنة النوايا تجاه مصر فى كل الأحوال!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات