أسطورة الطبقة الوسطى - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسطورة الطبقة الوسطى

نشر فى : الخميس 11 فبراير 2016 - 10:05 ص | آخر تحديث : الخميس 11 فبراير 2016 - 10:05 ص

نشرت مجلة «صالون» مقالا للكاتب السياسى «بين نورتون» يتحدث فيه عن اختفاء الطبقة الوسطى فى المجتمع الأمريكى؛ حيث يمتلك أغنى 0.1 فى المائة من الأمريكيين، ثروة تساوى ما يمتلكه، نسبة الـ 90٪ الأقل دخلا. وهو ما يراه منافيا تماما للشعار الذى يرفعه الساسة دائما عن «زعامة أمريكا للعالم»؛ فإن لم يكن التفوق الاقتصادى والعسكرى سينعكس على مستوى معيشة المواطنين فلن يكون له أية أهمية، ورأى أن ذلك كله إنما يعود بالأساس لعدم محاكمة ومحاسبة المسئولين عن الأزمة العالمية فى 2008 التى أعقبها حتى الآن زيادة التفاوت فى الدخل، وعليه فلا يجب الحديث عن وجود «طبقة وسطى فى أمريكا».

يقول نورتون فى البداية، إن الساسة الأمريكيين يتحدثون باستمرار عن الطبقة الوسطى. ويصمم الديمقراطيون والجمهوريون وحتى العديد من المستقلين على أن سياساتهم تدافع عنها. ويتساءل عما يعنيه هذا؟ فنادرا ما يطرح السؤال عن ماهية الطبقة الوسطى بالضبط ؟ ويشير إلى دراسة جديدة أفادت بأن الولايات المتحدة لم يعد بها طبقة وسطى.

فقد ذكرت مجلة فوربس، وفقا للدراسة، أن أكثر من نصف الأمريكيين ــ 56 فى المائة ــ على وجه الدقة لديهم أقل من ألف دولار فى حساباتهم الادخارية. وهذا يعنى أن معظم الأمريكيين تكفيهم دخولهم بالكاد. فضلا عن أن ما يقرب من ثلثى الأمريكيين ــ 63 فى المائة ــ لا يملكون مدخرات تكفى لمواجهة أى أمر طارئ. ومن شأن أغلبية كبيرة من الأمريكيين اللجوء إلى الاقتراض إذا واجهوا نفقات غير متوقعة. وكثيرا ما يتشدق الساسة فى الولايات المتحدة بالحديث عن «التفوق الأمريكى» المفترض، ولكن بالمقارنة مع الدول الصناعية الأخرى، فإن الولايات المتحدة لديها معدلات فقر غير متناسبة إلى حد كبير.

وأضاف نورتون أن فى عام 2014 كان ما يقرب من 15 فى المائة من الأمريكيين 46 مليون وسبعمائة ألف نسمة، يعيشون فى حالة فقر. ويعنى ذلك أن ما يقرب من واحد بين كل أربعة أطفال أمريكيين يعانى من الفقر. بل إن الصعوبات الاقتصادية أسوأ من ذلك بين السود والأمريكيين من أصل لاتينى. وهناك آثار ملموسة واضحة لهذا الفقر. وهو ما يعنى أن الولايات المتحدة لديها سادس أعلى معدلات الجوع بين جميع دول مجلس التعاون الاقتصادى والتنمية المتقدمة اقتصاديا. وبعبارة أخرى، يتزايد عدد من يعانون من الجوع فى الولايات المتحدة عنه فى بولندا والجمهورية السلوفاكية. ويقل عدد من يعانون من الجوع فى الولايات المتحدة قليلا عن عددهم فى استونيا. ويعتبر الجوع أقل انتشارا بكثير فى الدول التى تعانى من الفقر مثل الهند والبرازيل.

•••

ويتعجب الكاتب من إصرار الساسة باستمرار على البوح بأن الولايات المتحدة «زعيمة العالم»، فما أهمية ذلك الأمر إذا لم يترجم إلى مكاسب إيجابية فعليا للمواطنين من الطبقة العاملة؟ قد تكون الولايات المتحدة، الدولة الأقوى فى العالم، اقتصاديا وعسكريا، ولكن إذا لم يواكب هذا مستوى عالٍ من المعيشة أو ضمان الرفاهة للمواطنين، فهو أمر لا يهم فى نهاية المطاف. لأنه ببساطة يعود بالفائدة على الأغنياء، والأغنياء وحدهم؛ حيث يمتلك أغنى 0.1 فى المائة من الأمريكيين، ثروة تساوى ما يمتلكه، نسبة الـ90٪ الأقل دخلا. كما تمتلك 160 ألف عائلة أموالا تساوى ما يمتلكه 290 مليون أمريكى. وعلى الصعيد العالمى، يبدو هذا الرقم أكثر وضوحا. حيث يملك أغنى 1 فى المائة ثروات تزيد عما يمتلكه 99 فى المائة من الناس على هذا الكوكب. وعلى نحو مختلف قليلا، يمتلك سبعة مليارات و230 مليونا من البشر ثروة أقل مما يمتلكه 70 مليون نسمة.

وينتقل «نورتون» إلى مصطلح «الطبقة الوسطى» نفسه، موضحا أنه مصطلح أيديولوجى، وليس موضوعيا. فمع انكماش الاقتصاد المتوسط، يتزايد انتشار الفقر. وتعمل مصطلحات مثل «الطبقة الوسطى» ببساطة على تطبيع أسطورة الحلم الأمريكى مثلما أوضح الممثل الكوميدى المشاكس جورج كارلن، أنه يجب أن تكون نائما كى تصدقها. وفى الوقت نفسه، يتزايد ارتفاع معدل التفاوت فى الدخل باستمرار. وهو الآن فى أعلى مستوياته منذ عام 1928 ــ عشية الكساد العظيم.

•••

وقد اعترف أوباما فى خطابه الأخير عن حالة الاتحاد، بمسئولية وول ستريت عن الأزمة المالية لعام 2008، غير أن وول ستريت بالذات استفادت من الأزمة. ولم يعاقب أى من المسئولين التنفيذيين الذين حطموا الاقتصاد وسرقوا الملايين من أمريكا. ومنذ ذلك الحين، لم يتزايد سوى التفاوت فى الدخل.

فإذا كان معظم الأمريكيين لا يملكون أى مدخرات، ويتزايد أعدادهم باستمرار، لا تكون هناك جدوى من مصطلح «الطبقة الوسطى». وربما يحاول الساسة ووسائل الإعلام إعادة تعريفه، ولكن، إذا كان الغالبية العظمى من المواطنين فى بلد ما، يعيشون بالكاد على قدر دخولهم، يكون هذا البلد معرضا للخطر فى النهاية.

ويختتم المقال بأن الوقت قد حان للاعتراف بأنه: ليست هناك طبقة وسطى؛ هناك فقط الطبقة العاملة والطبقة الحاكمة ــ النخبة الاقتصادية.

التعليقات