الغرض يتجاوز الأزهر.. يتجاوزه بكثير - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغرض يتجاوز الأزهر.. يتجاوزه بكثير

نشر فى : الخميس 11 فبراير 2016 - 11:15 م | آخر تحديث : الخميس 11 فبراير 2016 - 11:15 م
(١)
استقبال الرئيس قبل يومين لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر كان حدثا بارزا رغم تلاحق وازدحام كثير من الشئون المحلية وارتفاع درجة سخونة معظمها. المثير للاهتمام أن استضافة الإمام تأتى فى وقت يرتفع فيه منحنى الهجوم على الأزهر ومنهجه بشكل عام متراوحا بين الدعوة إلى إلغائه بالكلية وبين لهجات تجريح أخف شراسة وإن لم تختلف كثيرا فى وحدة الهدف النهائى. وعلى ذلك قد تُفسر استضافة الرئيس من أوجه عدة فهى عند البعض قد تعنى تأييدا ورد اعتبار وعند آخرين ربما تُعتبر ضغطا مُضاعفا.. سُتسفر الأيام عن تصديق تفسير من الاثنين بلاشك.

ونسجا على منوال مقالتَى السابقتين أقول إن المشكلة ليست فى التجديد ولا فى التسليم بما شاب التراث من غرائب تحتاج إلى تصفية وإنما فى المنهج الذى يُتبع لتؤتى هذه العملية ثمارها.. وقبل ذلك نتفق على شكل هذه الثمار المرجوة!

حسن النية قد يتصور أن الناقمين على الأزهر وعلى التراث من ناحية ثانية مع اختلاف درجات هجومهم وتنوع الأدوار التى يتناوبون عليها ما انتفضوا هكذا إلا غيرة على (منهج) إسلامى اقتنعوا به مثلا ووجدوه قد انهار على يد مخالفيهم؛ لكن المتابع لبرامج هؤلاء التلفزيونية ومقالاتهم الصحفية ليعلم يقينا أنهم لا يريدون منهجا مطّردا.. هم لا يريدون منهجا من الأساس!

(٢)
كانوا قبل ذلك يفرحون بمن يقتبس لهم الشاذ الغريب من كل مذهب ويهللون لتلفيقه من أقوال الأئمة المطروحة الضعيفة منهجا متكاملا لإسلام ممسوخ مهترئ لا يُعرف منه اسم ولا صفة.. كثيرون لعبوا هذا الدور تطوعا وربما من أبرزهم خلال العقد الأخير د.سعد الدين الهلالى الذى يسمى تلفيقه للأقوال الشاذة فقها، ويصطلح كل عاقل على تسميته «تدليسا»؛ فتارة يُحل خمرا وتارة زواجا عرفيا، وفى كل مرة ينسب القول إلى مذهب أو عالم بغض النظر عن صحة الدليل من عدمه، وكأن مذهبه المعتبر «كل ما ذُكر صحيح، وكل مجتهد مصيب، وكل رأى مقبول، ولا شذوذ فى الفتوى!».

أما اليوم فالبعض يسفر عن وجوه أشد قبحا وأعظم صفاقة لا تريد منهجا من الأساس ولا تسلم حتى للمُلفقين أو المدلسين.. لا تريد إسلاما منزوع الدسم فحسب بل اجترأت أكثر وأكثر لتطلب إسلاما شهوانيا عابثا ضعيفا خانعا... إنهم فى الحقيقة يروجون لإسلام بلا إسلام!

(٣)
ومع ذلك لا يختلف المراقبون على حاجة المناهج الأزهرية إلى تحديث وتطوير، إلى استبدال الأمثال القديمة التى واكبت عصر مستخدميها بتلك التى تناسب واقعنا ويفهمها صغيرنا وكبيرنا، إلى تنقية معتمد المذاهب من الأقوال الضعيفة والآراء الشاذة، إلى التركيز على تنمية (الملكة الفقهية) عند الطالب والمتلقى.. والأمر لا يحتاج إلى تكلف البحث عن معين التطوير هذا، فالمنهج العلمى السليم فى استنباط الأحكام وقواعد الاستدلال قد حوى بالفعل مادة التحديث والتجديد منذ مئات السنين.. لكن من يقرأ من يفهم من يثابر على التطبيق؟

أرفض بشكل حاسم تقديس البشر مهما علا شأنهم وعظم تأثيرهم.. أقوالهم بل وأفعالهم ليست بحجة فى حد ذاتها على من خالفهم، والاجتهاد الفقهى لأئمة المسلمين على مر العصور يقبل الأخذ والرد بل والتفنيد، وتراثهم ينضح بذلك كله وما (الفقه المقارن) إلا نوع من نقاش ثرى يعتمد على الأصول العلمية والقواعد العقلية المنطقية فى قبول رأى ٍفقهى أو رفضه.

(٤)
قم فى فم الدنيا وحى الأزهرا **** وانثر على سمع الزمان الجوهرا
واخشع مليا واقض حق أئمة **** طلعوا به زُهرا وماجوا أبحرا
كانوا أجل من الملوك جلالة **** وأعز سلطانا وأفخم منظرا
لا تحذُ حذو عصابة مفتونة **** يجدون كل قديم شيئا منكرا
ولو استطاعوا فى المجامع أنكروا**** من مات من آبائهم أو عمّرا

أبيات من قصيدة لأحمد شوقى ألقاها مدحا للأزهر بمناسبة البدء فى إصلاحه سنة 1924