إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة

نشر فى : الإثنين 12 سبتمبر 2011 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 سبتمبر 2011 - 8:00 ص

طالبت بالأمس الأحزاب السياسية والقوى الوطنية والشخصيات العامة التى دعت إلى جمعة تصحيح المسار بإعادة تقييم اعتمادها على الشارع للضغط من أجل مطالب سياسية واجتماعية وبالاعتذار من المصريين عن أعمال العنف التى حدثت على الرغم من عدم مشاركة هذه القوى بها. لم أعف نفسى من المسئولية وكذلك أكدت عدالة وأهمية مطالب جمعة تصحيح المسار المتعلقة بتغيير قانون الانتخابات ووقف إحالة المدنيين إلى القضاء العسكرى وضمان استقلال السلطة القضائية.

واليوم، وبعد أن صدر بيان وزارى فى أعقاب اجتماع المجلس الأعلى ومجلس الوزراء لم يتضمن فى باب الإجراءات إلا تطبيق قانون الطوارئ بكافة بنوده، أطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإعادة النظر فى نهج وأسلوب إدارة المرحلة الانتقالية وبالتقييم الجاد لحصاد الأشهر الماضية وبالابتعاد عن التعويل الأحادى على الأداة الأمنية للتعامل مع ما تمر به مصر. لن يسعفنا تطبيق قانون الطوارئ فى تجاوز الأزمة الراهنة، ببساطة لأن مكونات هذه الأزمة سياسية واجتماعية قبل أن تكون أمنية.

صنعت إدارة المرحلة الانتقالية خلال الأشهر الماضية بيئة سياسية خيطها الناظم هو اتخاذ المجلس الأعلى لقرارات وإصداره لقوانين دون شراكة حقيقية مع الأحزاب السياسية والقوى الوطنية. ولا شك أن المثال الأقسى والأخطر لهذا هو قانون انتخابات مجلسى الشعب والشورى الذى تجاهل مطالب الأحزاب والقوى المختلفة وجاء بتركيبة تجمع بين مساوئ نظام القائمة والنظام الفردى وتفتح الباب على مصراعيه لعودة عناصر الحزب الوطنى المنحل من أصحاب المال وممارسى البلطجة وممثلى العصبيات العائلية والقبلية إلى البرلمان.

وقبل قانون الانتخابات، صدمنا بذات النهج الانفرادى فى الكثير من القرارات والقوانين الأخرى من إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية إلى قانون الأحزاب. ولم يقتصر الأمر على عدم الإشراك الجاد للأحزاب والقوى المختلفة، بل تجاوزه إلى تجاهل شبه كامل لمقترحات منظمات المجتمع المدنى والنقابات المستقلة ومؤسسات وطنية كالمجلس القومى لحقوق الإنسان.

والنتائج المريرة هى أحزاب سياسية وقوى وطنية ومنظمات مدنية تحتج فى الشارع لأشهر متتالية دون أن يستمع لها، ومشاريع بديلة لقرارات والقوانين وآخرها قانون الانتخابات لا ينظر لها، ومجلس استشارى وطنى لإدارة المرحلة الانتقالية مع المجلس الأعلى طالبت منذ اليوم التالى لإسقاط مبارك بتشكيله أبدا لم يشكل. والحصاد المحبط هو أشهر ضائعة ونحن محلك سر دون خريطة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية ودون جدول زمنى محدد لانتخاب مؤسسات تشريعية وتنفيذية ديمقراطية.

وعقد من أزمة البيئة السياسية حقيقة أن مجلس الوزراء برئاسة الدكتور شرف لم يتمكن إلى اليوم من الانتقال من خانة رد الفعل إلى الفعل السياسى والاقتصادى والأمنى المنظم وأخفق من ثم فى الإسهام بجدية فى تغيير أسلوب عمل الحكومة والاستجابة لمتطلبات المرحلة الانتقالية.

فلا وزارة الدخلية وأجهزتها شرع فى إعادة هيكلتها وإصلاحها، ولا هى قادرة على الاضطلاع بدورها فى تأمين الوطن والمواطن بأدوات تحترم حقوق الإنسان. ولا الجهاز البيروقراطى للدولة المصرية، وزارات ومحافظات ومجالس، بدأ يعمل بطريقة تختلف عن ما قبل 25 يناير ولا طورت خطة حقيقية للتطهير. والحكومة تخاطب المصريين بلغة مبارك الخشبية والبطيئة، «نحن نتقدم بالتدريج» ــ «الإصلاحات يتم تحقيقها تباعا» ــ «الأوضاع الأمنية والاقتصادية فى سبيلها للتحسن» إلى آخر هذه العبارات التى عانينا منها طويلا.

أخاطب المجلس الأعلى للقوات المسلحة هنا وأطالبه انطلاقا من المصلحة الوطنية وأمل بناء الديمقراطية بإعادة النظر فى نهج وأسلوب إدارة المرحلة الانتقالية. لا بديل عن التأسيس لشراكة حقيقية مع الأحزاب والقوى الوطنية، وتصحيح المسار بتغيير قانون الانتخابات، وتشكيل مجلس استشاري، وتحديد خريطة وجدول زمنى لنقل السلطة إلى مؤسسات تشريعية وتنفيذية منتخبة، وإلى حينها حث حكومة الدكتور شرف على الخروج من خانة رد الفعل واللغة الخشبية.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات