عفوًا.. لن نرضيكم - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عفوًا.. لن نرضيكم

نشر فى : الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 9:10 ص | آخر تحديث : الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 9:24 ص

تهاجمنى بضراوة وتريد منى أن أتبنى وجهة نظرك حتى لو خالفت قناعاتى، إذا لم أتفق معك وأقول ما تقول فأنا لا أروق لك، إذا كنت من الفريق الأول الذى يرى نفسه دائما فى دور الضحية ولا يراجع أخطاءه أبدا كأنه معصوم بل يسارع بالهجوم على الآخرين وتحميلهم مسئولية ما حدث له، رغم أنه هو من قرر لنفسه ذلك، واختار مساره بملء ارادته، ولم يسمع لنصحنا بل تكبر علينا واستعلى، والآن يجبن عن تحمل مسئولية خياراته ولا يجد إلا من حوله ليطعن فيهم ليرسخ بداخله شعور الضحية والمظلومية التى تمنعه من تدارك الأخطاء.

اذا كنت من هؤلاء فأنا بالنسبة لك انقلابى وخائن للثورة ولدماء الشهداء وأنا عبد للبيادة ومتحالف مع العسكر ضد الديمقراطية كما أننى لا أمتلك الشجاعة لنقد الممارسات التى تحدث لأننى جبان وخائف بينما أنت ورهطك تمثل الصمود والثبات على المبدأ رغم أننى لم أر لك ولجماعتك يوما ثباتا على مبدأ ولا تجردا لصالح الوطن بل نهما فى السلطة وتضييعا للثورة وصفقات مبتذلة مهدت الطريق لذبحك على أيدى من هادنتهم وظننت أنهم يحمونك من الشعب!

أما إذا كنت من الفريق الآخر الذى ملأ الخوف قلبه من ممارسات الفريق الأول لدرجة الفوبيا فوصل لدرجة القبول لأى شىء ــ ولو كان ضد المبادئ وحقوق الانسان وقواعد الديمقراطية ــ فأنت تريدنى أن أهلل للقتل وأباركه وتريدنى أن أنسى مبادئ حقوق الانسان التى عشت أناضل من أجلها لأضعها تحت أقدامى طالما أن هذه الممارسات ضد خصومى وخصومك الذين ذقنا منهم مر الفعل وبؤس الأداء، تريد منى أن أغير مفهومى عن مدنية الدولة لأستبدل الفاشية الدينية بفاشية عسكرية تحت دعوى الحفاظ على الدولة، تريد منى أن أصفق لتضييق مساحات الحرية والتعبير عن الرأى ومكتسبات الثورة حيث إنك ترى هذا ضروريا لمواجهة الفريق الأول الذى يهدد الدولة، أنت أسير خوفك ولكن ليس بالضرورة أن أواجه مخاوفك بنفس الطريقة، أتفهم مخاوفك وهى منطقية وتكونت بسبب ما رأيته الفترة الماضية ولكنها لن تجعلنى أعيش أسيرا للخوف، لن أرضى أن يكتبوا دستورنا تحت هواجس الخوف ليقوم بعضهم بتفصيله على مقاسه وعلى هواه مهدرا للديمقراطية ومعانيها المترسخة فى دول العالم المحترم.

•••

لن يأسرنا أحد بالخوف ولن نرضخ للابتزاز حتى نتبع هؤلاء أو هؤلاء، يضايقكم موقفنا وترون كل واحد فينا (مائع المواقف ــ طرى ــ مخنث سياسيا ــ متلونا ــ مثاليا حالما ــ مراهقا سياسيا...الخ) كل ذلك لا يعنينا فما نزلنا من أجله مع الثوار صبيحة يوم 25 يناير يتنافى مع ما تريدونه أنتم وهم، يحزننا أن نخبركم أنكم بفعلكم تجهضون الثورة ومبادئها، يحزننا أن نقول لكم إن ما مات رفقاؤنا الشهداء من أجله، أنتم لا تعبرون عنه بل تحاربونه، ستقولون إن من موقفهم ضد الطرفين أو الجميع هم أشخاص بلا موقف ونقول لكم لستم الجميع بل أنتم قلة صوتها مرتفع وضجيجها عال لكن عموم الشعب الذى يحتكر كل طرف منكم الحديث باسمه ليس معكم، أسطورة الاجماع الوطنى التى يحاول كل طرف فيكم ترسيخها أكذوبة، أنتم قليل من قليل والشعب ذو الأغلبية الصامتة لا يعنى صمته أنه معكم بل قد يكون لاعنا لكم ومتقززا منكم وإن لم يجهر بذلك!

•••

نحن نقاتل من أجل مدنية الدولة ولكن بشقيها لذلك نرفض الديكتاتورية الدينية كما نرفض الديكتاتورية العسكرية، نحن نخشى على الدولة من السقوط ولكننا نحصنها بالعدل وليس ظلم الناس واستعبادهم، نحن نخشى على شعبنا من التفكك لكننا نوحده بنبذ خطاب الكراهية والتمييز وبتنفيذ القانون على الجميع، نحن نخاف على مؤسسات الدولة لكننا نحميها بإصلاحها وتطهيرها واعادة بنائها على أسس منهجية، نحن نحب جيشنا ونفخر به ولكننا لا ننسى أنه مؤسسة من مؤسسات الدولة تسرى عليه الأعراف والقوانين التى تزيد من تماسكه وشفافيته واستقلاله المهنى، نحن نعتز بهويتنا وبديننا لكننا نكرم الدين ونقدسه بإبعاده عن السياسة ولا نمارس ما يفعله خصومنا من توظيف رخيص للدين نرضاه لأنفسنا ونعيب عليه غيرنا، نحن لا نمارس ما كان يفعله خصومنا بنا ولا نكيل بمكيالين فما رفضناه منهم نرفضه من غيرهم ولا تتغير مواقفنا باختلاف الأشخاص الذين نواجهم، نحن نميز بين المحتج السلمى وبين العنيف ولا نخلط بينهما، بوصلتنا وولاؤنا لا يتغير فهو دوما ولاء للوطن وانتماء للثورة، لا يفزّعنا ما يُفزّعون به الآخرين فالدول والحضارات لا تُبنى على الخوف، نحن نرفض أن يقال لنا اختاروا سيئا من سيئين بل نرفضهما ونرفع تصورنا للدولة المصرية التى نريدها، لا ترضينا الديمقراطية المنقوصة ولا تخال علينا مبررات إهدار الحقوق ومنح الاستثناءات والمزايا لخلق مسخ مشوه للديمقراطية فى مصر.

•••

لسنا متطرفين ولا مثاليين ولكن أنصاف الحلول لا ترضينا، وتأجيل الديمقراطية لأى مبرر لا يقنعنا، نحن نفهم ونمارس الفهم الذى يقول لنا إن ما قد تفرطون فيه اليوم لن تنالوه غدا. نحن لا نثق فى أحد ثقة مطلقة ولا نعتمد على شخص لبناء الوطن بل نقاتل لبناء منظومة ينصهر فيها كل الأفراد لخدمة الوطن، لن نشخصن الوطن فى فرد، فهذا ما قامت الثورة ضده ولن نقبل بتكراره، اذا صدق بعض الناس الغى والإفك ورددوه معذورين فإننا لن نعاديهم بل سنتحرك بينهم ونكشف لهم الزيف والبهتان ونهدم الأصنام التى صُنعت لهم من دون الله، دعونا نمضى وكفوا عنا تخوينكم وأذاكم فيوما قريبا ستدركون أننا ننقذ مستقبلكم ومستقبل أبنائكم.

وعفوا لن نرضيكم!

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات