هل تفاجأنا برشاوى اليونسكو؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تفاجأنا برشاوى اليونسكو؟!

نشر فى : الأربعاء 11 أكتوبر 2017 - 9:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 أكتوبر 2017 - 9:15 م
حصلت السفيرة مشيرة خطاب مرشحة مصر وأفريقيا على منصب المدير العام لليونسكو، على 13 صوتا خلال الجولة الثالثة من الانتخابات التي جرت، الأربعاء، بمقر المنظمة بباريس، والتي لم يتمكن فيها أي مرشح من جمع عدد الأصوات المطلوبة لتحقيق الفوز.

وكسبت مشيرة خطاب مرشحة مصر صوتا جديدا لتحصد في هذه الجولة 13 صوتا، وزادت أصوات الوزيرة الفرنسية أودري أزولاى إلى 18 صوتا على حساب مرشح قطر حمد الكواري الذي حصد 18 صوتا، لينخفض عدد الأصوات التي حصل عليها بالمقارنة بالجولة الثانية.
كتبت هذه الكلمات مساء الأربعاء الماضى بعد نهاية الجولة الثانية من التصويت لمنصب المدير العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» فى العاصمة الفرنسية باريس. المرشح القطرى حمد الكوارى حصل على أعلى الأصوات فى الجولتين بواقع ١٩ ثم ٢٠ صوتا ثم الفرنسية أودريه أوزولاى بواقع ١٣ صوتا، ثم حصلت المرشحة المصرية السفيرة والوزيرة السابقة مشيرة خطاب على ١١ ثم ١٢ صوتا وحصل المرشح الصينى على خمسة أصوات فقط. 
لا أعرف من سيفوز، وكيف ستكون التربيطات، فى ظل توقع انسحاب بعض المرشحين الذين لم يحصلوا على أصوات كثيرة، كما فعل مرشح أذربيحان.
بالطبع أتمنى من كل قلبى أن تفوز مشيرة خطاب بالمنصب، لأنها تمثل مصر، وهى سيدة على قدر كبير من الثقافة والرقى والعلاقات الدولية الواسعة. وسبق لى أن كتبت مرتين فى هذا المكان، أدعم فيهما السفيرة المتميزة، لكننى كتبت بوضوح وقتها أيضا مطالبا بأن نتجنب كل الأخطاء التى وقعت فيها حملة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى حينما ترشح لنفس المنصب، لكنه خسر أمام المديرة الحالية البلغارية إيرينا بوكوفا، وقلت بوضوح وقتها إن المعركة تحسمها الصفقات والتربيطات، والعلاقات وتبادل المصالح، وليس المبادئ والقيم والأخلاقيات!!. 
الآن وبعد أن تقدم المرشح القطرى فى الجولتين الأولى والثانية، فؤجئنا بالكثير من الكتاب والمعلقين فى مصر، يشكون من أن قطر اشترت أصوات اليونسكو، وأن المنافسة لم تكن عادلة، أو نظيفة. 
يعرف كل المتابعين للمنافسات على المناصب الدولية والإقليمية أنها، فى معظمها، لم تعد بريئة أو نزيهة أو عادلة وباستثناء ما يخضع لقاعدة تبادل المصالح، وهو أمر مشروع، فقد شاهدنا تفشى مبدأ الشراء والبيع الذى يصل أحيانا إلى درجة عالية من الفجاجة والسفور. 
قبل أيام قابلت دبلوماسيا مصريا مرموقا. قال لى إن أخطر ما حدث فى السنوات الأخيرة، أن الكثير من دول العالم صار يقبل بمبدأ الرشوة السياسية فى المناصب الدولية، تحت مبررات مختلفة. الدول خصوصا إذا كانت غنية أو كبرى، صارت تلجأ لهذا النوع من الرشاوى تحت ستار التنمية. مثلا قطر وقعت العديد من الاتفاقات مع الدول صاحبة الحق فى التصويت، لإقامة مشروعات تنموية مثل المدارس والمستشفيات والطرق. وفى نفس اليوم أو اليوم التالى، يلتقى مرشحها مع رئيس هذه الدولة أو كبار المسئولين فيها. هذا المنطق صار شائعا فى المناصب الدولية، ولم يعد مقصورا على قطر، لكن الأخيرة صارت علامة دولية مميزة فى هدا المجال!!!. وتلاحقها اتهامات دولية خطيرة بأنها اشترت حق تنظيم كأس العالم عام ٢٠٢٢، بنفس الأسلوب.
بل إن صفقة انتقال النجم البرازيلى نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان المملوك لشركة قطرية، قد تم بالمخالفة لقواعد اللعب النظيف، وقرأنا اتهامات لقطر بأنها تدمر كل قواعد النزاهة والرياضة. بل إنها قامت بتجنيس العديد من اللاعبين الأجانب ليلعبوا تحت علمها!!. 
وقبل أيام تحدثت صحف فرنسية عن قيام قطر بممارسات غريبة قبل بداية التصويت فى اليونسكو. 
إذا ما فعلته قطر ليس جديدا، وبالتالى لم يكن يحق لبعضنا أن يندهش، وكأنه تفأجا بهذا الاكتشاف الخطير، وهو أن قطر تستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة فى عالم السياسة والثقافة والإعلام.
كان ينبغى للبلوماسية المصرية، وهى تخوض هذه المنافسة أن تتعامل مع الأمر، على أساس أن هذا سيحدث.
لا أطالبها بأن تجارى أو تقلد قطر، أو غيرها فى هذا السلوك، لكن على الأقل تضعه فى حسبانها. خصوصا أن المنافسات لم تعد شريفة، وصار الضرب تحت الحزام شائعا، خصوصا بعد أزمة قطع العلاقات بين كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وبين قطر منذ ٥ يونية الماضى، بسيب دعم الدوحة للإرهاب والتطرف فى المنطقة. 
إذا كانت الرشاوى قد وصلت إلى الرياضة، التى يفترض أنها منافسات شريفة، ووصلت قبلها لغالبية المجالات، فهل نندهش إذا وصلت لليونسكو؟!. 
الاندهاش الحقيقى هو وجود بعض المندهشين!!.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي