حالة الحرب وكلمة الحق - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حالة الحرب وكلمة الحق

نشر فى : الأربعاء 11 نوفمبر 2015 - 10:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 نوفمبر 2015 - 10:00 م
لا ينكر عاقل أن مصر تمر بمرحلة بالغة الصعوبة على مختلف الأصعدة، لكن هل هذه المرحلة العصيبة يمكن أن تكون مبررا لتكميم الأفواه والترويج لنظرية الصوت الواحد بدعوى أن «الاتحاد قوة»؟ تجارب البشر وتجاربنا الذاتية تقول إن تكميم الأفواه وتقييد الحريات تحت شعار «لا صوت يعلو على صوت المعركة» لا يؤدى إلا مزيد من الكوارث، حيث تتحول الأخطاء فى غياب النقد والرأى الآخر إلى خطايا.
فحتى إذا كانت مصر تواجه الآن «حربا عالمية متعددة الأطراف»، فإن الانتصار فى هذه الحرب يحتاج إلى تعدد الرؤى والأصوات تحت مظلة المصلحة الوطنية، التى لا يمكن أن تنفرد السلطة ومن ولاها بتعريفها أو بتحديدها. فإذا كان للسلطة حق اتخاذ القرارات وفق رؤيتها للمصلحة، فإن للمجتمع الحق فى انتقاد هذه القرارات وإظهار ما بها من عوار، إن كان هناك عوار، والمطالبة بمحاسبة وربما محاكمة المسئول عن القرارات الخطأ مهما كانت مكانته دون أن يكون من حق الأذرع الإعلامية للسلطة اتهام صاحب الصوت المعارض بالخروج على مقتضيات الوطنية وقواعد السلوك القويم.
إن محاولات السلطة ومن والاها من الإعلاميين والسياسيين فرض واقع الصوت الواحد على المجتمع، جريمة فى حق الوطن واستغلال رخيص لما تتعرض له البلاد من مصاعب أو كوارث لتعزيز سلطة النظام الحاكم ومحاصرة معارضيه. فمع كل حادثة كبيرة تتعرض لها البلاد سواء كانت عملية إرهابية أو كارثة طبيعية أو خطيئة حكومية يخرج علينا «مطبلاتية» السلطان بكلمات رخيصة من نوعية «لا مكان الآن للحديث عن حقوق الإنسان والحريات.. تسقط حقوق الإنسان ولا تسقط الدولة.. يجب أن نترك الرئيس يعمل ولا نعرقله بالنقد والاعتراض»، وغير ذلك من العبارات التى تعكس فى الحقيقة توجهات حكومية استبدادية لم تؤدِ إلا إلى مزيد من الكوارث والخطايا على مدى تاريخنا المعاصر.
حالة الحرب، إذا سلمنا أننا فى حالة حرب، تحتاج قبل كل شىء إلى كلمة الحق التى لا يجب كتمانها أبدا بدعوى ضرورة الاصطفاف الوطنى والاحتشاد الشعبى وغير ذلك من الشعارات، التى لا تؤدى إلا إلى تغول السلطة وتعميق الاستبداد من ناحية والهزيمة فى أى مواجهة من ناحية أخرى.
وإذا كان هناك من يتآمر علينا، وهو أمر طبيعى فى علاقات البشر منذ خلق الله الأرض ومن عليها، فإن أخطاء الحكام والصمت عليها، خوفا أو طمعا، هى التى تضمن لهؤلاء المتآمرين النجاح. فاستمرار سياسات التمييز الاجتماعى لصالح فئات محظوظة فى الدخول والأجور والالتحاق بالوظائف المرموقة فى البلاد، واستمرار ممارسات الاستعلاء من جانب المنتمين لمؤسسات القوة فى البلاد على عامة الناس، واستمرار تجاهل معاناة البسطاء فى كل مناحى الحياة يوفر أرضا خصبة لنجاح مؤامرات المتآمرين.
أخيرا نقول إن إضافة ثنائية «حالة الحرب أو كلمة الحق» الشيطانية إلى حياتنا من جانب الموالين للسلطة، بعد ثنائية «الاستبداد أو الفوضى» جريمة جديدة ضد المستقبل.
التعليقات