نهاية عصر الطبيعة؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نهاية عصر الطبيعة؟

نشر فى : الثلاثاء 12 فبراير 2019 - 10:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 12 فبراير 2019 - 10:20 م

نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «محمد عارف» وجاء فيه:
«إذا حلت كارثة بكوكبنا الأرضى، وأُعطيتَ فرصة البقاء مع عشرة حيوانات، فما تختار؟».. سألتُ «ديفيد أتنبورو» صانع أشهر المسلسلات التلفزيونية عن الطبيعة، فأجاب «أختارُ الدجاجة، والكلب، والطائر الطنان، وسمك السلمون، والعندليب، والنحل، والطاووس، والحصان، والفراشة، والغوريلا». ولا يمثل تسلسل ذكرها أفضلية، بالنسبة لمن يُعتبرُ أكثر سكان الأرض معرفة بالحيوانات، والتعايش معها، بل هذا ما خطر فى ذهنه عند لقائنا فى «متحف التاريخ الطبيعى» فى لندن عام 1992، حيث عُرضت متحجرات تماسيح، وسحليات، ولبائن، كانت تعيش فى الإمارات العربية المتحدة فى عصور جيولوجية غابرة، كانت أرض الإمارات خلالها مغطاة بالأحراش والغابات. ويستقصى «أتنبورو» مملكة الحيوان، من الحشرات، والأسماك، والطيور، والزواحف والملامح المشتركة لحياتها فى جميع أنحاء العالم، وفلسفته فى ذلك بسيطة كالطبيعة نفسها «يجدر بالناس أن يشعروا بأن عالَم الطبيعة مهم، وثمين، وجميل، ورائع، ومتعة، وسرور».
وشاهد «أتنبورو» أماكن وكائنات على كوكبنا الأرضى أكثر من أى إنسان آخر، وفى جواب على سؤالى عام 1992 عما إذا كان يعتقد أن العالم استنفد نفسه، ولم يبق فيه ما يستحق الرؤية، أكد أن الأرض لا تزال تخفى القسم الأعظم من أسرار ثلاثة مليارات سنة من عمر الطبيعة، وقال إنه يمقت وجهات نظر تعلن نهاية الطبيعة. وخلال العقود الثلاثة الماضية، لم يتوقف عن إنتاج كتب ومسلسلات تلفزيونية حول الطبيعة والحيوان، وواصل ذلك حتى فى عمر الثمانينيات. والآن يتمنى، وهو فى الـ92 من عمره «لو أن العالم أكبر مرتين مما هو، وأن يكون نصفه غير مستكشف بعد». وأعلن فى «المنتدى الاقتصادى العالمى» فى «دافوس» الشهر الماضى نهاية «عصر الحداثة» الذى دام أكثر من مائة عام، تعايش خلالها الإنسان والطبيعة، ويمثل هو حرفيا آخر أجيالها، وحل الآن «عصر البشر» الذى قد يهدد الحضارة الإنسانية. ولا يشك «أتنبورو» فى أن المناخ يتغير، ونقطة الجدال الوحيدة، ما دور البشر فى ذلك، ومع أنه يعتقد بأن التكاثر السكانى مسئول عن الكارثة، فإنه يحافظ على تفاؤله بأن الإنسان أكثر حكمة وتدبيرا من أن يفرِط بالحياة.
و«أتنبورو» عاشق الطبيعة، ليس فيما يعشق غريب أو قبيح، ويبهره مشهد ميلاد «الكنغر»، الحيوان الضخم الذى يولدُ دودة فى الشكل والحجم، جنين أعمى وأحمر الجلد بدون أذنين، ما إن ينزلق لزجا من رحم أمه حتى يبدأ يزحف بعزم السباح، يدير رأسه من جانب إلى آخر، متمَسِكا بشعر أمه، ومهتديا بحاسة الشم إلى ثديها مباشرة، حيث عشرة سنتيمترات تمثل فرصة البقاء الوحيدة له، حتى ينطبق فمه على حلمة الثدى التى تتضخم فورا، ولا يُحرر فكيه منها إلا بعد شهر، عندما يكبر فمه بما يكفى للتمطق بطعم الحليب.. آنذاك يستطيع أن يتطلع إلى العالم المحيط، وهو محمول فى كيس أمه، ولن ينزل عنه قبل تسعة أشهر، نزولا مؤقتا للفرجة، إذ لا يُفطم عن الرضاعة إلا بعد 18 شهرا.
ويعتقد «أتنبورو» أن «العلوم كلها محاولة التوصل إلى تفاهم حول العلاقة مع عالَم الطبيعة، لماذا نحن هنا، وكيف نتلاءم معها، وما المسألة كلها؟». وفى واحدة من حلقات مسلسله العشر عن الطيور، تتابع الكاميرا النسرَ الأفريقى وهو يلاحق أُنثاه التى لا تسمح له بالتزاوج ما لم يبرهن أنه أقوى جناحا منها، وبذلك تضمن اختيار أب قوى لنسلها. وعلى النسر الذكر المحافظة، خلال التحليق المُدوخ، على موقعه خلفها مباشرة وأعلى منها قليلا، حتى لحظة اقترابه منها، حيث تنقلب على ظهرها مندفعة نحو الأسفل، فيلتصق بها، ويهوى الاثنان كتلة واحدة، تكاد يرتطم بالأرض، ثم ينفصل الاثنان معاودين التحليق معا بأجنحة خفاقة.

التعليقات