الرحمة لشيخ الأزهر.. ولنا - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 3:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرحمة لشيخ الأزهر.. ولنا

نشر فى : الجمعة 12 مارس 2010 - 10:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 مارس 2010 - 10:45 ص

 ندعو لشيخ الأزهر الراحل بالرحمة.. ونطلبها لأنفسنا أيضا من بعض ما جرى على ألسنة كثيرة يوم وفاته على الفضائيات، خصوصا أولئك الذين استغلوا الخطب الجلل لتسويق رؤى وآراء سياسية فاسدة.

الموت علينا حق.. لكن الحق أحق أن يقال، وأن يعلو فوق كل شىء.

الحزن على شيخ جليل رحل مطلوب والعزاء واجب والدعاء له بالرحمة فرض، لكن أن يجرى استغلال الموقف للترويج لأفكار وأطروحات وممارسات ثبت بطلانها وأثارت غضبا عارما على جميع المستويات فهذا ما لا يليق بجلال المناسبة.

أحدهم اعتبر أن فى وفاة شيخ الأزهر فى السعودية ودفنه فى البقيع بالمدينة المنورة دليلا دامغا على أن للرجل كرامات أراد الله إظهارها بأن فاضت روحه فى هذا المكان.. جميل، كل حر فى وجهة نظره وتقديره للأمر، لكن أن يمتد خط الكلام من منطقة الكرامات إلى اعتبار كل ما صدر عن الإمام الراحل من مواقف سياسية وممارسات كان سليما وصحيحا على إطلاقه.. فهنا يجب أن يتوقف الجميع ليعملوا عقولهم وضمائرهم، وينأوا بأنفسهم عن العبث فى موقف لا يحتمل العبث.

لقد كان شيخ الأزهر بشرا، يخطئ ويصيب، وليس معنى أنه دفن فى البقيع أن كل ما جاء به كان الصواب بعينه، ولا يأتيه الباطل بتاتا، فكما كان للرجل مآثر كانت عليه مآخذ سياسية، وبشكل خاص ما تعلق بآرائه فى العمليات الاستشهادية داخل فلسطين المحتلة، حيث ندد الرجل يوما بهذه العمليات، بل واعتبرها نوعا من الانتحار، وهو ما رد عليه فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوى معتبرا فتوى طنطاوى «غفلة عن الواقع».

كما أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال التصفيق لفضيلة شيخ الأزهر ــ حيا أو ميتا ــ على مصافحاته لرئيس الكيان الصهيونى شيمون بيريز، وتبريراته المتضاربة لهذه المصافحة، تارة بأنه لم يكن يعرفه، وأخرى بأن تجاهله نوع من الجبن.

كما لابد أن يتساءل المرء فى دهشة لماذا عدل شيخ الأزهر وبدل فى أطروحات رسالته الشهيرة «بنو إسرائيل فى ميزان القرآن والسنة» والتى صدرت فى نهاية الستينيات على نحو، وأعيد إصدارها فى التسعينيات على نحو مغاير تماما فى عديد من مواضعها.

وفى مقابل ذلك لا أحد ينكر أن لشيخ الأزهر مواقف رائعة فيما يخص الوحدة الوطنية والتصدى لدعوات التطرف والغلو.

أما أن يحاول البعض استغلال وفاة الشيخ الجليل للدفاع عن آراء ومواقف اعتبرتها غالبية الجماعة الوطنية صادمة وخارجة عن سياق الشعور الوطنى العام، وأن يتصور آخرون أن «كرامة وفاة الشيخ» أداة لتصفية الخلاف مع معارضى وخصوم بعض رؤاه وتوجهاته فهذا منتهى الإساءة للشيخ يرحمه الله ويغفر له.

وائل قنديل كاتب صحفي