الإسلام كما أدين به - 19- القرآن الكريم - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به - 19- القرآن الكريم

نشر فى : الخميس 12 مايو 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الخميس 12 مايو 2016 - 9:55 م

ــ1ــ
لابد لهذا القرآن العظيم أن يحتل مكانته فى العقول، وأن يجد موقعا متقدما فى جدول أعمال المسلم يوميا ولو لدقائق معدودات، وحتى لا يصبح الأمر حملا ثقيلا على البعض فلنجعل هذه لدقائق معدودات سابقة ولاحقة لصلاة أى فريضة. فقراءة القرآن بالنسبة للمسلم عبادة عليا وذكر لله وعلاج للصدور والقلوب وثقافة راشدة للعقل، وفوق كل ذلك فإن قراءة قدر يسير من الآيات تعتبر مناجاة مباشرة بين العبد وربه. يحيطنا عند القراءة أحد شعورين: إما أن الله يتكلم وأنت تسمع، وإما أنك تتكلم والله يسمع لك. وإذا لم نتمكن من القراءة، فليكن السماع لدقائق معدودة حرصا على الاستيعاب والتفكر، فقد قال تعالى: ((وَقُرْآنا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا))، أى بتمهل وإتقان. كما وجهنا ربنا إلى الاكتفاء بالقدر اليسير كل مرة حيث قال: ((..فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ..)) و((..فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ..)).

ــ2ــ
وفى قراءتك للقرآن، حرر عقلك من كثير مما روته كتب التفسير مما نقلوه من أقوال أمم أخرى. ولا يشغل المسلم نفسه بطلب تفسير لأخبار الغيب التى جاءت فى القرآن، فشئون الغيب يؤمن بها المؤمن كما جاءت لأنها تصف أمورا فوق قدرة عقولنا، ولذلك لم يكلفنا الله بالبحث فى الغيب، بل كلفنا بعبادته والبحث فيما يملأ الأرض إعمارا وإصلاحا.

ــ3ــ
وإذا فكرت أن تبحث فى إحدى مسائل القرآن فلا تكتف بالآية التى لفتت نظرك، ولكن استخدم أحد القواميس القرآنية وهى كثيرة واستخرج جميع الآيات التى تتحدث عن نفس المسألة واقرأها جميعها، وسوف يتبين لك أفضل المعانى. كما يجب ألا تخدعك دعاوى النسخ، فالقرآن الكريم كله ليس فيه حرف واحد منسوخ، فجميع حروفه وكلماته وآياته فاعلة وعاملة ونافذة البيان إلى نهاية الدهر. وخير دليل على ذلك تلك الدراسات العلمية المحكمة لكل من د. مصطفى زيد وعنوانها «النسخ فى القرآن الكريم»، وهى رسالة دكتوراه تم مناقشتها علميا فى كلية دار العلوم، وتولى مناقشتها ثلاثة من كبار علماء الأزهر هم أصحاب الفضيلة الشيخ محمد الزفزاف، والشيخ على الخفيف، والشيخ على حسب الله. ثم جاء بعد ذلك دراسات عبدالمتعال الجابرى ثم محمد عمارة ثم طه جابر العلوانى، والحمد لله فقد بدأ التجديد الفقهى يغادر تلك السقطة الكبرى «النسخ» وترتاح الأمة من مساوئ آثارها.

ــ4ــ
وليعلم قارئ القرآن وسامعه أن الله قد حشد فى هذا الكتاب العظيم الخاتم لجميع وحى السماء جميع القيم العليا والمبادئ السامية الكفيلة بسعادة البشرية ورفاهيتها، ومن ذلك قوله تعالى: ((هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ))، ((مَّنْ عَمِلَ صَالِحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ))، ((..وَتَوَاصَوْا بِالَحقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ))، ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا..))، ((..وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..))، ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا )).
فالقرآن الكريم ديننا ومرجعنا ورفيق حياتنا ودليل عملنا وقبلة سلوكنا بل إطار حياتنا كله.
يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات