منذ مطلع العام الحالى وأعداد الذين سجلوا كحالات (اختفاء قسرى) تزيد على الستمائة مواطن فى تقدير المركز المصرى للحقوق والحريات وغيره من مراكز الرصد، والإجابة جاهزة عند وزارة الداخلية: نفى، انكار، تبرؤ...ثم صمت!
حسنا، لنحلل الأمر بصورة بسيطة ومنطقية بعيدة عن العاطفة، الاختفاء القسرى يعنى ببساطة أن (أحدهم) اختطف من بيته أو محل عمله أو حتى من الشارع على يد (أحدهم) واقتيد إلى منطقة مجهولة لينقطع بها اتصاله بالعالم الخارجى وتكبل حريته ويمنع من مباشرة حقوقه إلى أجل غير مسمى وكل هذا بالطبع بعيدا عن طائلة القانون.
أهالى المختفين قسريا هرعوا إلى السلطة التى ينبغى عليها أن تحمى كل المواطنين وتحفظ أمنهم دون استثناء.
وهذا طبعا وفق الدستور والقانون ووفق كل عرف ومنطق يربط الحاكم بالمحكوم.. هرعوا إليها لتنقذهم من هذا الهول، من هذا الفزع.. لكن هذه السلطة اكتفت بالإنكار التام.. لاحظ أن المساكين لم يطلبوا تفسيرا إنما فقط توسلوا وتضرعوا ليجيبهم أحد عن سؤالهم البسيط: أين اختفى أبناؤنا؟
هل المطلوب منى لو اختفى ابنى دون أثر يدل عليه أن أجد أنا السعى فى البحث عنه مكتفيا بإصرار الداخلية على براءتها من اختطافه؟
أليس من المفترض فى السلطة الحالية من رأسها وحتى أقل جنودها رتبة أن تطمئن مواطنيها قبل أن يستشرى هذا الفزع فى أوصال مجتمعهم؟
ليس غريبا بعد ذلك طبعا أن يظهر بعض هؤلاء (المختفين قسريا) أمام سلطات التحقيق بتهم معدة مسبقا ثم لا تسأل سلطات التحقيق هذه نفس السؤال البسيط: أين كان هؤلاء وفى أى ظروف وتحت طائلة أى قانون تم احتجازهم ؟
فلنغض الطرف عن قاعدة (ابحث عن المستفيد) ولنتغافل عن كون (كل) المختفين قسريا من أصحاب النشاط السياسى أو على أقل تقدير من معارضى السلطة الحالية، ولنعتبر أن صفحة أجهزة الأمن فى مصر (بيضاء) نقية لم تتلوث من قبل بممارسات كهذه.. لنفترض ذلك وأكثر منه.. سيبقى كل ما سبق مجموعة من الأسئلة المحرجة يصعب التغافل عنها!