لا تفقدوا إنسانيتكم - مصطفى النجار - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تفقدوا إنسانيتكم

نشر فى : الجمعة 12 يوليه 2013 - 8:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 يوليه 2013 - 8:50 ص

بكت القلوب وتألمت على كل نقطة دم سالت على أرض مصر بسبب صراعات السياسة، كم من أسر مكلومة وأطفال صاروا يعانون اليتم والوحدة كم من أمهات ثكلى تمزقت قلوبهن لفراق أبنائهن، ينزف قلب الوطن وهو يرى أبناءه يفقدون حياتهم بلا ثمن.

 

مرارة فقد الأرواح لا تعادلها سوى مرارة التشوه الانسانى الذى أصاب كثيرا من المصريين، أصبح الكثيرون يفرحون بمشاهد القتل وسفك الدماء إذا كان فى خصومهم، امتلأت صفحات الانترنت بتعليقات مقززة تهلل لقتل المعارضين وتبرر له ولو على حساب المنطق.

 

جميع الأطراف تمارس ذلك بلا استثناء، أستاذة جامعية وطبيبة تعلق على مأساة الحرس الجمهورى وتقول: ليت الجيش قتل كل الموجودين فى رابعة وطهر مصر من هؤلاء المجرمين ومن بين من قضوا نحبهم هناك أطباء وجامعيون مثلها!!

 

•••

 

أما أحد المعتصمين برابعة ويعمل فى مكان مرموق بإحدى شركات الاتصالات كتب محذرا من يفكرون فى الذهاب للإفطار ضمن مبادرة شعبية لتخفيف الاحتقان فى رابعة العدوية من معارضى مرسى ومؤيدى الثورة كتب قائلا: سنقوم بالتصفية الجسدية لكل خائن مؤيد للانقلاب يأتى إلى هنا، وحين يسقط الإنقلابيون سنحاكمهم ونعلقهم على أعواد المشانق.

 

لحظة جنون جماعى يعلو فيها صوت الكراهية، يتم تخوين كل من يدعو للحظة تعقل، يتم التشكيك فى كل من يدين القتل أيا كان فاعله أو ضحيته، يتم ارهاب أصحاب الضمير الحىّ الذى يرفض أن يكون جزءا من مسلسل سفك الدماء عبر التحريض أو التبرير، يريد أنصار المعسكرين أن تنضم إلى معسكر أحدهما حتى يمنحوك شارات الانتماء والوطنية وإلا فأنت خائن ومتلون وبلا مبدأ.

 

•••

 

فى قديم الزمان كان القتلة يخجلون من جرمهم واليوم يتفاخر القاتلون ويعايرون من يقدسون حرمة النفس وقداستها، وسائل إعلام تلطخت يداها بالدم عبر التحريض والشيطنة والتبرير، كثير منها تمارس العهر الاعلامى فتسكت عما لا يروقها وتفتح أبوابها اليوم لأذناب نظام بائد يرقصون على أشلاء المصريين ويتشفون فى الثورة ويقولون إن 30 يونيو هى ثورة على ثورة 25 يناير، يحلم هؤلاء الواهمون أنهم عائدون للمشهد بغيهم وكذبهم ونفاقهم ويعتقدون أنهم سيركبون الموجة لتبييض وجه الماضى القبيح ولكن هيهات فتاريخهم وما سطروه من إفك قديم سيظل شاهدا عليهم مهما حاولوا التطهر من دنسه وحقارته.

 

لا مصالحة مع القتلة ومن يرهبون الناس بالعنف والاجرام وهؤلاء مكانهم السجون بعد محاكمات عادلة تتوافر فيها شروط النزاهة، ولكن شيطنة كل معارض لنا جريمة، كنا نشكو من التكفير الذى يمارسونه ضدنا ومن رمينا بالافك والخروج عن الدين ليسهلوا استحلال دماءنا واليوم بيننا من يمارس نفس القبح.

 

•••

 

أصبح الاعلاميون الأكثر تهييجا وتحريضا هم الأكثر مشاهدة، وبلغ التشوه الانسانى والانحدار الأخلاقى أن نرى هؤلاء فرسانا يحاربون من أجل الوطن، وفى الحقيقة هم يشعلون نارا ستحرق الوطن، فكل كلمة تحريض وكل شيطنة وتلفيق وكل مبالغة فى الدعوة للكراهية اليوم سيدفع ثمنها المجتمع قريبا حين تطال النار الجميع.

 

الكراهية بئر كلما وضعت فيه دلوا جديدا ارتفعت مياهه وتحركت لتخرج وتحرق كل ما حولها، سيذكر الجميع هذه الكلمات حين يرون مجتمعا يمارس القتل على الهوية وحين يصبح الثأر قدر يذبح المتورطين والأبرياء على السواء، سيولول هؤلاء حينها ويصرخون كيف وصلنا لهذا الحال وحينها لن يجدى الندم.

 

•••

 

تجار الدم موجودون فى الناحيتين، فهنا قيادات مجرمة لا مانع عندها من التضحية بدماء أبرياء من المصريين ليبقى تنظيمهم ويدلسون على الناس بأنها حرب ضد الدين والدين منهم براء ولكنهم غسلوا دماغ شباب مخلص محب لدينه وأوهموه بأنه يدافع عن دينه والحقيقة القاسية أنه يدافع عن وجود هؤلاء القيادات ونفوذهم دون أن يشعر، هى معركة خاسرة كل عاقل يعرف أنها قد انتهت وكل يوم يطول فيها يعنى مزيدا من الدماء بلا ثمن.

 

 على الناحية الأخرى من يريد الانتقام من الثورة ذاتها ويعتقد أن وجود خصم غبى كجماعة الاخوان يستطيع تحميله كل شىء ليخرج هو بريئا متطهرا مما اقترفته يداه فى حق المصريين، على الشعب المسكين أن يصدق هذا العبث، فعلينا الآن أن نصدق أن الاخوان هم من كانوا يعذبون المصريين فى أقبية أمن الدولة وهم من قتلوا شباب مصر وأطفأوا نور عيونهم فى جمعة الغضب يوم 28 يناير.

 

•••

 

أيها السفلة المدلسون كلكم مجرمون مهما اختلفت جرائمكم ولكن نحن من دفعنا ثمنها، ثورتنا ضد هؤلاء وهؤلاء، جريمة جماعة الاخوان أنها استبدت بالحكم وقتلت الحلم فى قلوب المصريين وجعلت الدين مرتعا للتجارة والمزايدة وقادت الوطن من فشل إلى فشل وسمح فشلها لأمثالكم من القتلة والمأجورين بالعودة إلى المشهد والتشفى فى الثورة.

 

لن تتشوه انسانيتنا ولن تزيفوا وعينا ولتذهب كل الحسابات السياسية إلى الجحيم، فبئس المكسب الذى يأتى على جثث المصريين وعلى الكذب والتزييف والتدليس، لا تريدون أن تسمعوا كلمة حق الآن لأنها توجعكم ولكننا سنقولها مهما كان الثمن، سنرضى ضمائرنا ونتمسك بطريقنا ولو صرنا وحدنا فى الطريق، دائما كنا وحدنا ندفع الثمن ونتحمل الألم ونمسح الدموع وأنتم ترتعدون فى بيوتكم خوفا من القهر والقمع ومنكم من ارتضى العبودية باحثا عن الأمان ولكننا أقسمنا أن نحرر هذا الوطن من الخوف إلى الأبد.

 

•••

 

بوصلتنا الثورة لا نحيد عنها، هى ثورة واحدة ثورة 25 يناير سنكملها ونحقق أهدافها، مهما نشر الضباب ظلامه الكثيف ومهما اختلط المشهد على البعض ومهما تسلل الأفاقون ومدعو الثورية إلى الصفوف ستطهر الثورة خبثها وسيورق ورقها وتتفتح أزهارها على وطن لا يعرف الخوف ولا الكراهية ولا الدماء.

 

احذر وأنت تقاتل الوحوش أن تصبح وحشا مثلهم.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات