خيارات التدخل المصرى فى ليبيا (٤) - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خيارات التدخل المصرى فى ليبيا (٤)

نشر فى : الجمعة 12 سبتمبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 سبتمبر 2014 - 8:15 ص

وإذا كانت أزمة الكويت فخا استدرج إليه (صدام حسين) منفردا للإجهاز على جيشه رابع قوة فى العالم وقتئذ.

هو السيناريو الذى تعى القاهرة ضرورة تجنبه، فإن هذا لا يمثل الدرس الوحيد المستفاد من حرب الخليج، إذ إن التحالف الدولى وتحديدا المصرى الخليجى فى مواجهة (صدام حسين) وما اكتسبته وقتها من شرعية يبدو هو الأقرب للتكرار لإنهاء الأزمة الليبية إذا لم يكن هناك مفر من التدخل العسكرى المباشر.

أبرز الإشارات الخارجية المحبذة لعمل دولى مشترك جاءت على لسان الرئيس الفرنسى أولاند، فى خطابه السنوى للدبلوماسيين الفرنسيين قائلا: «قلقى الرئيسى اليوم هو ليبيا، إذا لم نفعل شيئا دوليا فسينتشر الإرهاب فى جميع أنحاء المنطقة بأسرها».

ومن الداخل يبرز تصريح رئيس الوزراء الليبى عبدالله الثنى، حيث أكد فى مقابلة أجرتها معه قناة سكاى نيوز عربية قبل أربعة أسابيع «إن بلاده لا تمانع فى وجود قوات عربية أو أفريقية أو أممية لمساعدة أجهزة الدولة فى بسط سيطرتها على الأوضاع فى البلاد».

لكن إحدى المشكلات الرئيسية، التى تعرقل تشاركا دوليا أو عربيا لإنهاء الأزمة تكمن فى العثور على الشريك الليبى الذى يدعم تحالفا كهذا ولا يصفه بقوات احتلال، لأنه لا وجود لدولة رسمية معترف بها من الجميع فى ليبيا حتى وإن كانت ضعيفة، فهناك جهتان متساويتان من ناحية القوة تقريبا تتنازعان الشرعية ولا يمكن لأى ٍمنهما حسم الصراع لصالحه.

جهة المؤتمر الوطنى المدعوم من قبل الإخوان وله حكومة منبثقة عنه وميليشيات تؤازره، وجهة أخرى هى مجلس النواب المنتخب مؤخرا الذى ينزع الشرعية عن الأول، وله أيضا حكومته، وهو مدعوم من قبل قوات حفتر وميليشياته. وعلى حين يطعن المؤتمر الوطنى فى شرعية انعقاد مجلس النواب بحجج منها أنه لم يستلم رسميا مهامه من المؤتمر الوطنى، وأنه استدعى تدخلا أجنبيا فى ليبيا ــ وهذا هو الشاهد من المشكلة ــ ففى المقابل يقول مجلس النواب إن المؤتمر انتهت شرعيته، ولذلك فهو يرفض الاعتراف بأى حكومة تنبثق عنه.

وكان المؤتمر الوطنى قد أعلن قبل أكثر من أسبوع استئناف جلساته مؤقتا استجابة لدعوة من قيادة قوات «فجر ليبيا» بعيد بسط سيطرتها على طرابلس وطرد ميليشيات الصواعق والقعقاع والمدنى المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذى يشن حملة عسكرية على الميليشيات فى الشرق تحت مسمى «عملية الكرامة».

•••

التحالف مع أطراف غير عربية لإنهاء الأزمة الليبية يتناقض مع توجه القاهرة الحالى المتحفظ على اقتراحات تدخلات أجنبية مماثلة فى المنطقة، وليس بعيدا عن حسابات صانع القرار المصرى أن موجات الإرهاب الجديدة التى تضرب المنطقة كلها كانت نتيجة مباشرة للتدخل الغربى فى العراق ومن قبلها فى أفغانستان، وما تمر به ليبيا الآن من فوضى أمنية هو نتاج واضح لتدخل (الناتو) غير المدروس الذى بدأ وانتهى سريعا دون تحمل مسئولية ترتيبات ما بعد القذافى، بالإضافة إلى الحساسية العقدية والقومية المتوقعة ليس لدى الشعب الليبى وحده وإنما لدى سائر الشعوب العربية.

التحالف العربى الموسع أيضا يصعب تكوينه لتعقيدات عربية تاريخية كثيرة كانت حاضرة يوم أزمة الكويت بصورة أقل صخبا مما هى عليه الآن، وللتدليل على ذلك تكفى النظرة إلى جيران ليبيا من العرب باستثناء مصر وهما تونس والجزائر.

الصيغة النهائية لتوصية آخر اجتماعات وزراء خارجية دول جوار ليبيا، والتى احتضنتها القاهرة فى 25 أغسطس الماضى لم تتطرق إلى تدخل عسكرى عربى أو أفريقى فى ليبيا، وإنما جاءت كلماتها لتركز على الحلول السياسية، لكن دون طرح حلول عملية: «الوقف الفورى لجميع العمليات المسلحة من أجل دعم العملية السياسية، وتعزيز الحوار مع الأطراف السياسية، التى تنبذ العنف وصولا لتحقيق الوفاق الوطنى والمصالحة ووضع دستور جديد للبلاد».