خطاب الرئيس.. أين الخلل؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطاب الرئيس.. أين الخلل؟

نشر فى : الجمعة 12 أكتوبر 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 أكتوبر 2012 - 8:30 ص

قبل أسبوعين من خطاب الرئيس مرسى فى استاد القاهرة قابلت صديقا لى كان ضمن الفريق المركزى فى الحملة الانتخابية للرئيس،  وسألته عن ملفات المائة اليوم التى احتواها البرنامج الانتخابى وكيف أن الأيام توشك على الانتهاء بلا انجاز ملموس فى هذه الوعود! وصارحنى أن اختيار هذه الملفات كان متسرعا لأنها مشاكل مزمنة ومعقدة تحتاج لوقت طويل حتى تظهر فيها نتائج ملموسة، وسألته كيف ستتعاملون مع الرأى العام بعد انتهاء المائة يوم، قال لى: ليس هناك سوى 3 خيارات الأول أن يخرج الرئيس ويصارح الشعب بالحقيقة ويعترف بالاخفاق فى تحقيق برنامج المائة يوم نظرا لصعوبة المشاكل وتعقيدها وعدم مساعدة الظروف والموارد الحالية لحل المشاكل.

 

والثانى أن يتم توجيه الرأى العام إلى انجازات أخرى حققها الرئيس مثل تغييرات المؤسسة العسكرية والعلاقات الخارجية والافراج عن المعتقلين،  والثالث أن يقول الرئيس أننا نجحنا ويستدل بأرقام وإحصائيات لتؤكد جدارة الرئيس ونجاح حكومته مع عمل حشد شعبى كبير يظهر فرحة الشعب ورضاه عن الأداء خلال المائة يوم الأولى  لتنتقل حالة الرضا والقناعة إلى العقل والحس الجمعى للمصريين، سألته أى الخيارات تعتقد أنه الأقرب لما سيفعله الرئيس؟ أجابنى: لا أستطيع التحديد لأن دائرة صنع القرار حول الرئيس معقدة وتشابكاتها مع جماعة الاخوان تجعل من الصعب التنبؤ بالخطوة القادمة!

 

●●●

 

يبدو أن من حول الرئيس قد نصحوه باختيار الخيار الثالث وهو الخيار الذى تم تطبيقه بحرفية بدأت بتعبئة وشحن أفراد جماعة الاخوان من محافظات مصر فى أوتوبيسات للقاهرة لحضور خطاب الرئيس والتصفيق والهتاف بمعدل مرة كل 3 دقائق فى خطاب قارب الساعتين.

 

بذل الرئيس كل ما فى وسعه للاقتراب من رجل الشارع البسيط،  بدءا من تخليه عن رابطة العنق وحديثه عن الترسيكل شقيق التوك توك واطالته الزائدة فى الحديث عن أنابيب البوتاجاز بشكل أوقعه فى الخطأ التسويقى Over Branding، كما استخدم الرئيس أسلوبين من أساليب التأثير على الجماهير وهما:

 

استراتيجيّة المؤجّل،  وهى طريقة يتم اللجوء لها من أجل إكساب القرارات المكروهة شعبيا القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء مؤلم ولكنّه ضرورى، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب فى الحاضر على تطبيق شىء ما فى المستقبل. وقد استخدم ذلك جيدا فى التمهيد لقرارات رفع الدعم عن البنزين وتمرير حزمة الاجراءات التى اشترطها صندوق النقد الدولى لمنح مصر القرض

 

واستراتيجية قمع الرفض بتضخيم  الاحساس بالذنب الفردى، بحيث يتم جعل الفرد يشعر أنه هو المسئول عن المشاكل التى يعانيها بسبب أدائه، وقد ركز على ذلك فى قضية القمامة والمرور والوقود، ورغم وجود دور أساسى لسلوك المواطن فى هذه المشاكل إلا أن إغفال الحديث عن دور الدولة وإخفاقها ومسئوليتها يؤكد استخدام هذه الاستراتيجية لصرف الانتباه عن فشل السلطة.

 

●●●

 

أخطر ما فى خطاب الرئيس هو محاولته ترميم الصدع الذى حدث فى صفوف الاسلاميين بسبب قضية القرض وكونه مخالفا للشرع بسبب الفوائد الربوية، ووضع الرئيس نفسه فى حرج بالغ حين  قال لن أرضى أن يأكل المصريون من الفوائد الربوية وهو يعلم ما يعلمه كل طالب مبتدئ فى دراسة الاقتصاد أن الحكومة المصرية و منظومة البنوك المصرية و سندات الخزانة والبنك المركزى المصرى تقوم كل حساباتهم على حساب الفوائد البنكية الربوية وأنه لا يستطيع تغيير ذلك، فكيف يتحدث بهذه الثقة والواقع يناقض ما قاله! حتى إن أحد كبار أساتذة الاقتصاد من الاخوان وهو الدكتور حسين شحاتة قال إن القرض به فائدة ربوية ولكن قبوله سيكون من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، فكيف للرئيس أن يتخطى كل هذا ويصر على مداعبة الرأى العام الداخلى لجماعته ومؤيديهم من التيارات الإسلامية الأخرى؟ وهذا مؤشر خطير يشير إلى ما ستفرضه السياسة على الرئيس والجماعة حين يتعاملون مع الواقع الجديد.

 

أما عن النسب التى اعلنها الرئيس عن النجاح فى ملفات المائة يوم ومنها  ملف المرور بنسبة 60% والنظافة بـ40% فهى نسب تستحق التوقف كثيرا، لأننا لا نعرف ما هى المستهدفات أو مظاهر النجاح ومعايير الإنجاز التى اعتمدت عليها هذه النسب ومن يراجع مطبوعات الحملة الانتخابية للرئيس ويقرأ برنامج المائة يوم سيجد التالى: المرور: المستهدف تحقيق سيولة مرورية فى القاهرة الكبرى وعواصم المحافظات، والنظافة: المستهدف ازالة القمامة من الشوارع واعادة تجميل الأحياء، والسؤال هل تتوافق هذه النسب المعلنة مع الواقع؟ أما الأخطر فى ملف المرور فهو حصر الجهود لحل المشكلة فى عدد المخالفات التى تم تسجيلها وكأن مشكلة المرور فى المخالفات فقط وليس فى غيرها.

 

رسالة الرئيس للمعارضين بأنهم يعملون لصالح النظام القديم خطأ غير مقبول بسبب التعميم وعدم التخصيص، واذا كان الرئيس يتعرض لحملات تشويه وشائعات من بعض المغرضين فلا يمكن أن نقبل وصفه العام للمعارضين بأنهم مع النظام القديم.

 

من أسوأ الظواهر التى صاحبت الخطاب موجات التطبيل والتضخيم والتهليل التى انطلقت إعلاميا فى بعض الوسائل وكذلك على الانترنت،  وما صحبها من سب وقذف وتخوين واتهام لكل من انتقد خطاب الرئيس فى محاولة للارهاب الفكرى لكل المعارضين.

 

●●●

 

لا شك أن المائة يوم شهدت بعض النجاحات وكذلك اخفاقات وليست كافية للحكم على الرئيس ولكن واجب المعارضة الوطنية أن تطلق جرس الانذار حرصا على مصلحة الوطن وألا تتوقف عن ذلك مهما علت أبواق النفاق ومهما اشتدت حملات الارهاب الفكرى للمخالفين، مصر ليست الرئيس ولا جماعته ولا أى تيار سياسى، مصر وطن يستحق منا أن نبحث دائما عن الأفضل له ولشعبه.

 

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات