موقف مصرى محترم - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

موقف مصرى محترم

نشر فى : الأحد 12 نوفمبر 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الأحد 12 نوفمبر 2017 - 9:35 م

يوم الجمعة الماضى صدر بيان مهم عن رئاسة الجمهورية نشره المتحدث باسم الرئاسة السفير بسام راضى. أهمية البيان أنه أوضح إلى حد كبير موقف مصر، مما يحدث بين السعودية وإيران وبينهما لبنان فى هذه الأيام.

البيان قال نصا: «إن مصر تدعم السلام والحوار، وتؤيد التسوية السلمية، لأى خلاف بين الدول وترفض الحلول العسكرية، كما أنها تدعم الجيوش الوطنية النظامية ولا تتفق أبدا مع تكوين الميليشيات المسلحة، وتؤمن مصر بوحدة الأوطان وسيادة الدولة على أراضيها. وليست مع التقسيم أو تفتيت الدول أو انفصال الأقاليم، وأن مصر دائما مع المواطنة، وأن ينصهر الجميع داخل الأوطان فى بوتقة المواطنة ولسنا مع الطائفية أو العرقية».

السؤال البديهى لماذا هذا البيان أو الكلام مهم؟!

ببساطة لأن هناك حالة من اندفاع كثيرين إلى التسخين والتهييج والتوتير والصدام واستعجال الحرب، قد تتسبب فى إدخال المنطقة إلى حرب تستمر لسنوات، فى وقت لا تحتاج المنطقة أصلا إلى أسباب للتوتر، لأنها تملك منها ما يكفى ويزيد!.

لو فسرنا كلمات وعبارات البيان المصرى، فسنجد محاولة للتوازن الدقيق بين الأطراف المتنازعة.. عندما تقول مصر إنها ترفض الحلول العسكرية فهى تستبق أى اشتباك سعودى لبنانى إيرانى أو إسرائيلى لبنانى وبالتالى فهى تحسم أمرها مبكرا، بأنها لن تكون طرفا فاعلا فى أى صدامات بين السعودية وإيران أو بين إسرائيل وحزب الله فى لبنان، وأنها تفضل إجراء الحوار لحسم أى خلافات خصوصا بين السعودية ولبنان.

هذا الأمر قد لا يعجب كثيرا، التيار المندفع فى السعودية هذه الأيام ضد حزب الله وإيران. لكن وفى نفس الوقت فإن البيان المصرى يؤكد رفضه الكامل لتكوين الميليشيات المسلحة، وهى إشارة واضحة لرفض الدور الذى تلعبه ميليشيا حزب الله وسلاحه فى التأثير على السياسة الداخلية اللبنانية. ومن الإشارات ذات الدلالة أيضا قول البيان إن مصر مع سيطرة الحكومات على كامل الأراضى وانصهار الجميع فى بوتقة المواطنة، وهو كلام أيضا موجه إلى كل دعاة الطائفية فى المنطقة سواء كانوا شيعة أو سنة متطرفين فى لبنان والعراق واليمن وسوريا والخليج.

من مصلحة مصر والأمة العربية ألا يندلع صراع جديد فى المنطقة، لأنه يعنى استنزاف ثروات المنطقة وإبقاءها رهن التخلف والجهل والمرض، مقابل أن تستمر بعض الأنظمة هنا وهناك، حتى لو كان الثمن هو مستقبل هذه الأمة.

من المهم أن تحافظ مصر على علاقة قوية بالمملكة العربية السعودية، لأنها دولة محورية فى المنطقة، وبها الأماكن المقدسة وبها أكثر من ٢ مليون مصرى يساهمون بالجزء الأكبر من تحويلات المصريين العاملين بالخارج، كما أن المملكة أحد أكبر الداعمين للاقتصاد المصرى هى والإمارات. أى مكروه يلحق بالسعودية ــ لا قدر الله ــ سيعود بالضرر على مصر وكل المنطقة.

إذا كان كل ما سبق مهم جدا، فإن الأكثر أهمية ألا نسير خلف تيار فى السعودية قد يتسبب فى دمار المنطقة بأكملها. دور مصر القومى الحقيقى أن نقول للأشقاء فى السعودية والخليج، بأننا معهم دفاعا عن السعودية وأمن الخليج والأمن القومى للمنطقة العربية بأكملها، وأننا نساندهم ونقف معهم ضد أى تهديدات خارجية. لكن كل ذلك لا يعنى أن ننجرف معهم فى حروب وصراعات جوهرها طائفى ولا يستفيد منها إلا أعداء الأمة وما أكثرهم هذه الأيام.

من الطبيعى أن نتفهم المخاوف السعودية من التهديدات الإيرانية ومحاصرتها للملكة من عدة محاور فى اليمن والعراق وسوريا ولبنان، بل وتحاول اللعب بورقة الطائفية الشيعية داخل المملكة، لكن الانجرار إلى حرب شاملة فى المنطقة ترتدى القناع الطائفى، من شأنه أن يؤخر هذه المنطقة لمئات السنين.

حسنا اتخذت مصر هذا الموقف وفى هذا التوقيت المبكر، قبل أن نغرق فى دوامات لا نعرف كيفية الخروج منها.

على مصر بحكم دورها ومكانتها وريادتها أن تقنع السعودية بأن هناك العديد من الطرق للتصدى لمحاولات الهيمنة الإيرانية، لكن ليس من بينها الحرب العسكرية المباشرة، التى لن يستفيد منها إلا إسرائيل والمتطرفون طائفيا وكل أعداء العرب.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي