فى جمهورية «نور عينينا» - بلال فضل - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى جمهورية «نور عينينا»

نشر فى : الإثنين 13 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 يناير 2014 - 8:00 ص

إذا كنت ممن يصدقون حواديت المسار الديمقراطى ويؤمنون أن «القمع بالنيات» وينتظرون أن تصبح مصر قد الدنيا بعد أن نقوم بتنظيفها من كل من يرفض أن يهتف «السيسى رئيسى»، فلن تقلق هذه الحكاية منامك كثيرا، لأنه لن يوقظك من منامك إلا أن يمسك الظلم بطرف ثوبك حين يصيبك الدور.

أما إذا كنت ممن يؤمنون أن التقدم بعيد عن شنب وضفاير من يرضون بالظلم، وأن ما سيجعل مصر قد الدنيا أن نكف عن المعايير المزدوجة ونتوقف عن فعل الوساخات التى كان الإخوان يهللون لها ويبررونها، وإلا فإننا سنذهب جميعا إلى جحيم لا قاع له، فأنت لست محتاجا لأن تسمع هذه الحكاية، لأنك تعرف أنها ليست حكاية خرافية مما يحكى للأطفال لكى يناموا، بل هى واقع أليم مرير يحدث ما هو أسخم منه كل يوم، لكنك لا تسمع عنه لأن الإعلام يمارس بجدارة مهمته فى الغلوشة وسوق الهبل على الشيطنة والتعتيم على كل ما يمكن أن ينبه الناس إلى الجرائم التى ترتكب باسم الوطنية، بعد أن كان ولا يزال شاطرا نبيها مستيقظا لفضح الجرائم التى ترتكب باسم الدين، ليس حبا فى فضح مجرميها، بل لأن مجرميها لم يتفقوا جيدا مع من يملك وحده دون غيره حق قطع الإرسال.

الواقعة التى ستقرأ هنا ما تسمح به المساحة من تفاصيلها المحزنة نشرتها الصحفية آيات قطامش فى موقع (مصر العربية) قبل أيام، وبرغم بشاعتها التى تستدعى التحقيق الفورى، لا أظنك رأيت خلال الأيام الماضية مذيعا تليفزيونيا يولول بها فى برنامجه، أو ضيفا يمسك بصورة ضحيتها ملوحا بها للكاميرات وهو يكاد يصاب بالفتاق من فرط الغضب، ولم تسمع مسئولا أمنيا يعلن عن إحالة المسئول عن الواقعة إلى المحاكمة، ولا أظنك سترى ذلك بعد أن أعيد نشر ما تسمح به المساحة مما كتبته آيات قطامش والذى أتركه لضميرك، وأنت وضميرك.

«الحاجة محروسة بدوى، صاحبة الـ62 عاما التى صعدت روحها إلى بارئها فجر يوم الجمعة فى الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، والمعروفة بين أهالى المنطقة بـ«أم حسن». لم يشفع لها كبر سنها فى رحمتها من بطش زوار الفجر، 10 دقائق كانت كفيلة بإنهاء حياتها، تلقت خلالها ضربتين على الرأس بظهر طبنجة أحد ضباط «أمن الدولة» الذى اقتحم المنزل ليلا، بحثا عن ابنها المحامى الذى يدافع عن المعتقلين السياسيين فى إطار مهام عمله.

فى شارع الاعتماد بساقية مكى حيث منزل الأم روت لنا زوجة نجلها هانى، ما حدث بالتفصيل فى هذا اليوم كونها الوحيدة الموجودة بالمنزل مع أم هانى «لم يكن بالبيت سوى والدة هانى زوجى حيث تقطن فى الطابق الأول وأنا وأولادى فى الطابق الثانى، كان أحفاد «أم هانى» نائمين، والسكون يغطى المكان، ومع دقات الثانية إلا ربع صباحا فجر يوم الجمعة الماضى، فوجئت الأم والزوجة بـ«خبط ورزع» على باب الشارع الحديد وكأن القيامة قد قامت، وتحول شارع الاعتماد و6 أكتوبر إلى ترسانة مسلحة، حيث تراصت نحو 8 سيارات ترحيلات كبيرة مليئة بتشكيلات الأمن المركزى، وانتشرت القوات الخاصة وهم ملثمون بزيهم الأسود المعروف مرتدين الدروع الواقية، وأجهزة اللاسلكى، والكشافات، ومسلحين بالرشاشات والطبنجات ومعهم «أجنة كبيرة» استخدموها فى كسر باب الشارع الحديد».

وتابعت فى حسرة: «استيقظت والدة هانى مخضوضة على هذا الصوت ونزلت لتفتح لهم الباب لتفاجأ بأنهم كسروه ودخلوا، لم يعطوا لها أدنى اهتمام رغم كبر سنها وامتلأ المنزل عن آخره بضباط الداخلية والقوات الخاصة يفتشون عن زوجى وحينما رأت القوات تصعد إلى الطابق العلوى حيث أقطن وأولادى صعدت خلفهم لتكون معنا، إلا أن الضابط نهرها وطلب منها النزول ولم يمهلها الرد وبطبنجته ضربها ضربتين على مقدمة رأسها لتسقط جثة هامدة، وتجمع الدم فى مقدمة الرأس، فلم تأخذهم بها شفقة أو رحمة وبعد سقوطها على الأرض لم يكترثوا لها كما لم يلقوا بالا أو تتحرك قلوبهم لبكاء الأطفال أبناء زوجى وأحفاد الجدة التى نحسبها شهيدة». وأضافت: «دخلوا فتشوا المنزل وغرف نوم الأطفال وسط فزع الصغار، لم يجدوا زوجى، وأخبرتهم بأنه خارج مصر وأعطيتهم التأشيرة ليروها فأخذوها وكافة تفاصيل بطاقتى، وغادروا المنزل، هرولت على السلم لا استطيع أن أتمالك أعصابى وتجمع الجيران بعد رحيل الأمن وطلبنا الإسعاف ولكن أم هانى كانت فارقت الحياة».

«أعتبرها أمى لم أجد منها سوى كل الخير»، كلمات خرجت من زوجة هانى لتعبر بها عن قلبها المحترق من بطش الأمن، لافتة إلى أن «أم هانى» أدت صلاة العشاء جماعة فى المسجد، رغم أنها كانت انقطعت عن الذهاب لعدة أيام بسبب البرودة القارسة التى لا يقوى جسدها على تحملها، وأخذت تحتضن أهالى منطقتها وكأنها تودعهم، وكانت حريصة على قيام الليل ولفتت إلا أن كلام المُغسلة لها خفف عليهم الكثير وكان بمثل مؤشرات بأنها شهيدة بإذن الله؛ حيث رفضت المغسلة أن تغطى وجه أم هانى حتى يراها أهل المنزل ووجها مشرق، ووضع الجسد على ما هو عليه رغم أن الساعة كانت العاشرة صباحا».

«مصر العربية» اتصلت بالابن الهارب هانى الأرنؤوطى المعروف بهانى سعيد، 37 عاما، والذى تبحث قوات الأمن عنه لتعتقله، قائلا «كان خبر وفاة أمى صدمة كبيرة لى، الأمن المركزى جاء ليبحث عنى لأنى محامى المعتقلين السياسيين وضحايا النهضة حيث أدافع عنهم دون مقابل، وحينما لم يجدونى بالمنزل قتلوا والدتى الكبيرة فى السن دون أدنى شفقة». وأشار إلى أنه تم اعتقال حتى الآن 52 محاميا كل تهمتهم أنهم يدافعون عن المعتقلين السياسيين، قائلا: «يبدو أن الدور جاء على».

«وبكره تشوفوا مصر».