جميعهم يتحملون المسئولية - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جميعهم يتحملون المسئولية

نشر فى : الخميس 13 فبراير 2014 - 4:35 ص | آخر تحديث : الخميس 13 فبراير 2014 - 4:35 ص

كيف يمكن لبعض منظمات حقوق الإنسان المصرية أن تواصل صمتها عن الاعتقالات العشوائية، عن الزج بمواطنات ومواطنين إلى السجون دون إجراءات قانونية منضبطة، عن شهادات فردية وجماعية متلاحقة تشير إلى حدوث تعذيب وانتهاكات للكرامة الإنسانية ومعاملة غير آدمية ممنهجة فى أقسام الشرطة والسجون؟

كيف يمكن للمجلس القومى لحقوق الإنسان أن يقبل تجاهل الجهات التنفيذية، تحديدا وزارة الداخلية والجهات الأمنية، لضمانات الحقوق والحريات التى تنص عليها القوانين المصرية والاستخفاف الشديد بدور المجلس والمهام الموكولة إليه ولا يرفض أو يعترض أو يحتج إلا عدد متناهى الصغر من أعضائه؟

كيف يمكن للصحف ولوسائل الإعلام المسموعة والمرئية أن تغض الطرف عن الاعتقالات العشوائية والانتهاكات والتعذيب فلا تشير إليها إلا لماما، ولا تضغط على وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية لإيقاف هذه الممارسات الإجرامية ولمحاسبة المتورطين وللكف عن إعادة إنتاج ممارسات الدولة البوليسية، ولا تحمل نظام الحكم الراهن المسئولية السياسية عن استمرارها واتساع رقعتها؟

كيف يمكن للكثير من السياسيين والكتاب والشخصيات العامة الذين يدعون الالتزام بقيم الديمقراطية ويطرحون يوميا على الناس رؤيتهم للحاضر وللمستقبل المصرى أن يصمتوا عن الاعتقالات والانتهاكات والتعذيب ويستهلكوا حضورهم العام فى تصريحات حول مرشحى الرئاسة المحتملين ومواد قانون الانتخابات الرئاسية والسباق البرلمانى ومواجهة الإرهاب والعنف ورفض التدخل الخارجى فى الشئون المصرية دون جملة اعتراضية واحدة عن رفض الممارسات الإجرامية المتكررة؟

كيف يمكن لسياسيين وكتاب آخرين وشخصيات عامة أخرى أن تكيل بمكيالين فى مسألة حقوق الإنسان والحريات وتتعامل معها بمعايير مزدوجة، فتصمت عن انتهاكات وتعذيب ومعاملة غير آدمية بحق المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين/ المسجونين من عناصر جماعة الإخوان (بل ويبررها البعض بمقولات العقاب الجماعى)، بينما يندد بالانتهاكات والتعذيب حين تسقط ضحايا من شباب وأعضاء الحركات الثورية أو الأحزاب والقوى التى تدعى الهوية المدنية؟

كيف يمكن للمشاركين فى المواقع التنفيذية (الحكومية) فى نظام الحكم الراهن، والكثير منهم يعلن الانحياز للحقوق وللحريات، أن يرضخوا (عملا) لعودة ممارسات الدولة البوليسية ولغياب التوازن بين الأدوات الأمنية وبين ضمانات الحقوق والحريات، وأن يسقطوا من حساباتهم ضرورة محاسبة المتورطين فى الانتهاكات والتعذيب كما أسقطوها من قبل فى مجمل أحداث الأشهر الماضية، ثم يتساءلون عن أسباب عزوف الشباب عن الحياة السياسية الرسمية وفقدانه للثقة فى النخب السياسية والحزبية وتعاطيه مع مساعى الاستقطاب الحكومية (مفوضية الشباب ومبادرات الحوار مع الشباب وغيرهما) بالإعراض الواعى وبالنقد الموضوعى لرداءتها الظاهرة ومصداقيتها الغائبة؟ أو يتعجبون من تواصل البيانات المنددة بالانتهاكات والتعذيب من قبل منظمات حقوق الإنسان التى لم تقبل الصمت والاستكانة، ومن قبل الأصوات المدافعة عن الديمقراطية بمبدئية وجدية؟

كيف يمكن لمن يعرضون أنفسهم على المصريات والمصريين كأصحاب فكر ثاقب ورأى حاذق وخبرات سياسية ومهنية وإنسانية متراكمة تستدعى اهتمام الناس أن يفيضوا فى أحاديث المخاطر والمؤامرات الإقليمية والدولية وأزمات الدولة والمجتمع الجوهرية وفى مقولات «المرشح الضرورة» و«البطل الواحد» و«إنقاذ كيان الوطن»، ولا يصيغون جملة واحدة عن الاعتقالات والانتهاكات والتعذيب والمظالم المتراكمة المرتبطة بها، والتى بالقطع تهدد الدولة والمجتمع وكيان الوطن الذى أبدا لن يستقر إلا بالعدل وسيادة القانون والكرامة الإنسانية؟

جميع هؤلاء يتحملون المسئولية عن ممارسات الدولة البوليسية، التى عادت، جميع هؤلاء سيستفيقون يوما على رفض شعبى لصمتهم ولانتقائيتهم ولمعاييرهم المزدوجة ولمصداقيتهم الأخلاقية الغائبة ولاستقالتهم من النضال السلمى لصون الكرامة الإنسانية للمصريات وللمصريين، كل المصريات والمصريين.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات